مسلسلات رمضان 2020... باقة نجوم في أعمال ضخمة

شركات الإنتاج تباشر العمل على قدم وساق

مسلسلات رمضان 2020... باقة نجوم في أعمال ضخمة
TT

مسلسلات رمضان 2020... باقة نجوم في أعمال ضخمة

مسلسلات رمضان 2020... باقة نجوم في أعمال ضخمة

تنشغل شركات إنتاج المسلسلات لموسم رمضان بتصوير أعمالها التي يطل فيها باقة من نجوم التمثيل في لبنان والعالم العربي. فالمشاهد على موعد مع نادين نسيب نجيم وقصي خولي وعابد فهد وباسل خياط وستيفاني صليبا. وكذلك مع ماغي بوغصن وماكسيم خليل وتركي اليوسف وأمل بوشوشة وهبة طوجي، وكثيرين غيرهم من الفنانين الذين اختارتهم شركات إنتاج عربية كـ«الصباح إخوان» و«إيغل فيلمز» لتقديم أعمالها للمشاهد العربي في فترة شهر رمضان. وتعد «آي سي ميديا» واحدة من شركات الإنتاج التي تحضّر لمجموعة من الأعمال المصورة المتوقع عرضها في رمضان 2020. وتتعاون في بعضها مع قناة «أبوظبي» وتطبيق «جوي» الإلكتروني. واختارت نخبة من نجوم التمثيل على الشاشة العربية ليشاركوها هذه الأعمال التي تتصدرها الدراما الخليجية.
ومن الأعمال التي أصبحت عملية تصويرها على مشارف نهايتها «الساحر» لعابد فهد وستيفاني صليبا، و«النحات» لباسل خياط وأمل بوشوشة. وهي خصصت للدراما السعودية مساحة لا يستهان بها من برنامجها الإنتاجي لرمضان 2020. ومن بينها «الديرة» لطارق الحربي وأميرة سعيد. كما أنها تحضر أيضاً لأعمال أخرى كـ«ولد وبنت» لعباس جعفر وغريس قبيلي، و«إجازة» لأسيل عمران وتركي اليوسف الذي يشارك أيضاً في عمل آخر بعنوان «اتجاه خاطئ» مع إلهام العلي. وكانت الشركة المذكورة قد انتهت من تصوير مسلسل «هوس» مع هبة طوجي وعابد فهد. فيما مسلسل «الكهف» السعودي الذي تطل فيه (آي سي ميديا) خارج الموسم الرمضاني هو من بطولة تركي اليوسف وأميرة سمير.
وفي جولة سريعة على أهم الأعمال التي ينتظرها المشاهد العربي نتعرّف إلى «الساحر». ويؤدي خلاله عابد فهد شخصية «مينا» رجل صاحب مؤهلات عادية، لكنه يملك كاريزما مميزة. فتقوده الصدفة إلى دخول عالم الكبار ويتقن اللعبة، فيستغل الفرص إلى أن يصبح متحكماً بمزاج مجتمع كامل. ويعلق عابد فهد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مينا هو حكاية صدفة فتحت له الأبواب الواحد تلو الآخر بحيث لم يكن من الممكن إغلاقها. فالماضي العكر والمستقبل المجهول، يدخلانه في عالم الفلك». ويتابع: «هناك على قارعة الطريق مع قارئة الفنجان جارته (أم العبد) يسلك الطريق وعلى جنباته عوالم من البشر يلهثون وراء المعرفة في عالم الكذب والدجل الذي يتحول إلى مهنة له من دون رجعة».
أما ستيفاني صليبا التي تشاركه بطولة هذا العمل فتشير في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن سعادتها لا توصف لإعادة ثنائيتها مع عابد فهد بعد تعاونهما الأول العام الفائت في «دقيقة صمت». وتضيف: «أجد أن هذه الثنائية مختلفة جدا هذه المرة، إذ تدور في إطار جديد يحمل رسالة معينة. وهو في الوقت نفسه عمل يتلون بالأجواء الشعبية والكوميدية. والشخصية التي ألعبها فيه (كارمن) تعود لامرأة متزوجة من الطبقة الراقية، ولكن شكوكها تأخذها إلى طريق لم تتوقعه فتربطها بـ(مينا) بشكل غير مباشر».
وفي مسلسل «النحات» الذي يدور تصويره في بيروت أيضاً كسابقه يلعب بطولته إلى جانب باسل خياط وأمل بوشوشة كل من ليا بو شعيا وندى بو فرحات. وهو يحكي قصة (يمن) الذي يُقرّر إقامة دورة تدريبية في النحت في إحدى الجامعات. فيضطر إلى ترك والدته والانتقال للعيش في بيت العائلة المُقفل منذ وفاة والده. صُور من الماضي وذاكرة حياة لا يعرفها تُغيّر مصيره ومسار حياته. وتشير كاتبة العمل بثينة عوض إلى أنّ نصّ «النحات» هو غير تقليدي يدور ضمن حبكة جذابة قائمة على أحداث مُشوّقة يلفّها الغموض. وتصف العمل بالدرامي الاجتماعي الذي ينقل واقع الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يؤكد مخرج العمل مجدي السميري أن أجواء تصوير إيجابية تسود عملية التصوير. وهو عمل مميز يختلف في قالبه من حيث طرح الموضوع الذي يتناوله. ويضيف: «جودة الصورة بحد ذاتها ستكون لها بصمة خاصة سيما وأنها تتمتع بمواصفات عالمية. كما أن نجومه سيطلون في شخصيات لم يسبق أن تابعها المشاهدون لهم في أعمال أخرى».
وكان لـ«الشرق الأوسط» حديث مع نجمة «النحات» أمل بوشوشة التي تقول: «أؤدي في (النحات) شخصية جديدة ومركبة فيها الكثير من التناقضات. كما أنها المرة الأولى التي ألعب فيها هذه النوعية من الشخصيات لأنها تحمل تحديات كبيرة بالنسبة لي. فمنذ اللحظات الأولى لقراءتي نص العمل شعرت بأنه يتألف من تغييرات جذرية ضمن حبكة درامية جميلة».
ومن الأعمال الأخرى المنتظرة في موسم رمضان «اتجاه خاطئ» مع النجمين السعوديين تركي اليوسف وإلهام العلي. وتدور قصة العمل حول زوجين يعيشان قصة حب قوية. ولكن دخول امرأة أخرى إلى حياتهما سيعكّر صفاء علاقتهما سيما وأن لديهما طفلين صغيرين. العمل هو من كتابة محمد البطوش وإخراج محمد لطفي. ويعلق النجم السعودي تركي اليوسف على دوره في العمل: «اتجاه خاطئ هو عمل بوليسي نفسي ذات حبكة درامية فيها كمية استفزاز لطريقة تفكير المشاهد. فهذا الأخير سيتوقع أحداثاً معينة في العمل ليتفاجأ بنقيضها. فيجد نفسه أنه كان في اتجاه مختلف ضمن تبريرات منطقية أخرى عكس ما كان يتوقعها». ويتابع اليوسف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أجسد في العمل دور (حمود) وتدور الأحداث الرئيسية في العمل حول زوجته وصهره والمرأة التي تزوجها وهو فاقد الذاكرة».
كما يشارك النجم السعودي إلى جانب الممثلة أسيل عمران في عمل خليجي آخر ودائماً من إنتاج شركة «أي سي ميديا» بعنوان «إجازة». ويعلّق في معرض حديثه: «في هذا العمل أؤدي شخصية انفصامية لرجل متزوج من فتاة تصغره سنا. فيعيش أجواء الشك مع محيطه ولا سيما مع شقيقه الذي يعمل إلى جانبه». وعن طبيعة دوره في هذا العمل يقول: «الشخصية كانت مرهقة وصعبة وأتمنى أن تنال إعجاب المشاهد وأكون نجحت في أدائها».
ومن المسلسلات البدوية المنتظرة في فترة موسم رمضان المقبل فترسم الابتسامة التلقائية على شفاه المشاهد «الديرة». وهو من بطولة كل من النجمين السعودي طارق الحربي والأردنية أميرة سمير. ويعد من النوع الكوميدي الساخر وتجري أحداثه في ديرة الشيخ حمود الرجل المحب والمحترم من قبل عائلته ومحيطه.
ويقول مخرج العمل محمد علوان «الديرة» في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمكنني وصف هذا العمل بالمحيّر والمخيف معا على الصعيد الإخراجي. فهو كوميدي بدوي وما يجعل عملية تنفيذه بمثابة سلاح ذي حدين. وصعوبة هذه النوعية من الأعمال تكمن في سهولتها. وهو من دون شك يرضي ذوق المشاهد العربي المرتبط ارتباطا وثيقا بالأعمال البدوية ويفضلها على غيرها». ويتابع: «إنها تمثل بيئة ذات معطيات أصيلة تشبه الأجداد والآباء والزمن الجميل الذي يحن إليه المشاهد. فبالتالي من الصعب العبث به، وهو ما يتطلب ذكاء حذراً وتمكن من فكفكة المشهدية الجادة لنضحك معاً على مفارقات تدور في إطار كوميدي».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)