تزداد محنة الإيرانيين من تفشي فيروس «كورونا» مع تضارب مواقف الجهات المسؤولة بشأن فرض الحجر الصحي من عدمه. وأغلق الرئيس حسن روحاني أمس الباب أمام خطوة الحجر بصفة نهائية، محذراً المحافظات ومسؤوليها والأقسام الصحية من اتخاذ أي قرار لم تقره اللجنة الوطنية لإدارة الأزمة، وذلك بعد 48 ساعة على إعلان رئيس الأركان محمد باقري إخلاء الأماكن العامة بالتنسيق مع وزارة الداخلية وحكام المحافظات.
وأغلق الرئيس الإيراني مرة أخرى الباب في وجه أي محاولة لفرض الحجر الصحي في البلاد، في وقت تشهد فيه الإحصاءات الرسمية ارتفاعاً يومياً، وسط شكوك في مصداقية الأجهزة المسؤولة. وقال روحاني في أحدث موقف أمس إنه «لا يوجد شيء اسمه الحجر الصحي»، مشدداً على أن اللجنة الوطنية لمواجهة «كورونا» التي يرأسها وزير الصحة، المرجع الوحيد لاتخاذ القرار.
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية في أحدث إحصائية رسمية عن 1209 حالات إصابة جديدة بوباء «كوفيد 19»، ما يرفع إجمالي الإصابات إلى 13938، وأبلغت الوزارة عن 113 وفاة جديدة، في أعلى حصيلة وفيات يومية منذ بدء تفشي الوباء في هذا البلد، ما يرفع عدد الوفيات الإجمالي إلى 724. وأضافت أن «الأخبار الجيدة هي أن أكثر من 4590 شخصاً من إجمالي الإصابات المؤكدة تماثلوا للشفاء» وأخرجوا من المستشفيات، منذ بدء تفشي الفيروس في إيران الشهر الماضي، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعت وزارة الصحة المواطنين إلى «إلغاء كل رحلاتهم، ولزوم منازلهم، كي نتمكن من رؤية الوضع يتحسّن في الأيام المقبلة».
وسجل في محافظة طهران أكبر عدد من الإصابات المؤكدة الجديدة مع 251 حالة، مما دفع بالمتحدث باسم وزارة الصحة كيانوش جهانبور لدعوة الإيرانيين إلى أن «يأخذوا فيروس (كورونا) على محمل الجد»، وأن يأخذوا بعين الاعتبار خصوصاً المسنين الأكثر عرضة للخطر جراء الفيروس.
وجاءت مدينة مشهد في المرتبة الثانية على صعيد تسجيل الإصابات الجديدة، بحسب الإحصائية الرسمية المعلنة أمس، وسجلت المدينة؛ التي تعدّ وجه للسياحة الدينية، 143 إصابة جديدة. ورجح جهانبور «ارتفاع عدد الحالات هناك»، داعياً الجميع إلى الامتناع عن السفر إلى المحافظة الواقعة في شمال شرقي البلاد.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أوقفت الوزارة إعلان إجمالي الإصابات في المحافظات واكتفت بإعلان الحصيلة اليومية.
من جهة ثانية، انتقد رئيس لجنة مواجهة «كورونا» في طهران علي رضا زالي، «التأخير» و«المجاملة» في إدارة الحكومة إزاء تفشي الفيروس. وقال إن «كثافة الحضور لأطياف المجتمع على مستوى طهران، وعدم تغيير إيقاع الحياة، يشيران إلى أن انتقال السياسات للناس غير سليم».
ونوه المسؤول الإيراني في تصريحات للتلفزيون بأن عدد المصابين بفيروس «كورونا» المستجدّ «يشهد مساراً تصاعديا» في العاصمة الإيرانية، لافتاً إلى أن نتائج استطلاع رأي أظهرت أن 62 في المائة من أهالي العاصمة يعتقدون بأنهم لا يصابون بالفيروس، فيما قال 40 في المائة إن بقاءهم في المنازل بلا جدوي وانتقدوا التهوين من تفشي الفيروس من قبل المسؤولين الإيرانيين. وقالت وكالة «إرنا» الإيرانية إن إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني، عاد إلى ممارسة مهامه بعد دخوله الحجر الصحي قبل أسبوعين، وأضافت أن «نتائج اختبار (كورونا) لنائب الرئيس كانت سلبية».
وتزداد مخاوف من انتشار سريع في المدن الهامشية للعاصمة طهران، وهي المناطق التي يقطنها ذوو الدخل المحدود وأصحاب المهن المؤقتة.
ومع ذلك، قال الرئيس الإيراني أمس: «ليس لدينا شيء اسمه الحجر من الأساس»، ووصف حسن روحاني ما تناقلته مواقع إيرانية أول من أمس بفرض الحجر الصحي على بعض المدن والمحال التجارية وبعض القطاعات، بـ«الإشاعات»، وقال: «لا يوجد هذا الشيء من أساسه، لن يكون هناك حجر صحي؛ لا اليوم، ولا في عيد النوروز، ولا بعده، ولا قبله».
وشدد روحاني في اجتماع مع ناشطين اقتصاديين على أن «الحكومة ستواصل تقديم خدماتها كالعادة»، وقال: «القرار الجماعي هو أن تكون الأوضاع والمسار الاقتصادي عادياً رغم (كورونا)».
وقال النائب في البرلمان عليّ إبراهيمي إن تفشي الوباء سيؤثر على الاقتصاد الإيراني في الشهرين الأولين من العام الإيراني الجديد الذي يبدأ في 21 مارس (آذار). وذكرت وكالة «مهر» الحكومية أن روحاني وجّه تعليمات بتوزيع 4 حزم من السلع الغذائية على ذوي الدخل المحدود، ممن تأثرت قطاعاتهم المهنية بالأزمة، كما وجّه أمراً إلى البنوك بإمهال المقروضين 3 أشهر، كما أمهلت الإيرانيين في أمر دفع فواتير الكهرباء والماء والغاز.
وهذا ثاني ظهور لروحاني، بعدما أمر المرشد الإيراني علي خامنئي، الخميس، رئيس الأركان المسلحة بتشكيل مقر لإدارة مهام الأجهزة العسكرية في مواجهة الأزمة، قبل أن يعلن رئيس الأركان محمد باقري إخلاء الأماكن العامة بالتنسيق مع وزارة الداخلية وحكام المحافظات. وهي خطوة عدّتها وسائل إعلام إيرانية توجهاً لفرض الحجر الصحي وحظر التجوال.
وغداة خطوة باقري، ترأس روحاني اجتماعاً عبر الفيديو مع حكام المحافظات السبت للاطلاع على الأوضاع. وبعد الاجتماع نقلت وكالات عن وزير الصحة سعيد نمكي أنه اقترح فرض قيود على التنقل من وإلى 11 محافظة، لمنع تفشي الوباء.
وبعد اللغط الذي أثاره تضارب موقفي روحاني ورئاسة الأركان، سارع خامنئي أمس إلى تدارك الموقف بعد الاشادة بقرارات الأجهزة المعنية بالأزمة سواء حكومية أو عسكرية.
وفي الأسبوع الماضي، كشف مسؤولون في المحافظات عن رفض المجلس الأعلى للأمن القومي طلباتهم بفرض الحجر الصحي.
من جهته، قال قائد الشرطة في طهران، حسين اشترى، إن خطوة الحجر الصحي «ليس مطروحة»، متهماً «الأعداء» بـ«التحريض على الحجر الصحي». وأضاف «يريدون دفع الناس إلى الشراء والتخزين والإخلال بمنظومة توزيع السلع»، وفقاً لوكالة «إرنا» الرسمية.
في الأثناء، حضّ رئيس مجلس بلدية طهران، محسن هاشمي، المسؤولين في لجنة مواجهة «كورونا»، على التحدث للإيرانيين بشكل محسوب، محذراً من التسبب في الإرباك والقلق والفوضى في المجتمع. ودعا هاشمي عبر حسابه في «تويتر» من ليست لديهم مسؤولية مباشرة إلى التوقف عن الإدلاء بمعلومات وأخبار غير مؤكدة للناس، قائلاً إن «التشتت في الكلام أسوأ من الصمت».
في سياق موازٍ، قالت مواقع إيرانية إن السلطات أعلنت «الحجر الصحي» في الأحواز، وأفادت نقلاً عن حاكم الأحواز، غلام رضا شريعتي، بأنه أمر بمنع التنقل من وإلى المحافظة، كما أمر بإغلاق جميع المحال التجارية والعامة عدا الصيدليات ومحلات الأغذية وبيع اللحوم. وتعد الأحواز من بين أبرز 5 محافظات في البلاد تستقطب الإيرانيين لقضاء إجازة النوروز.
وقالت وكالة «فارس» إن مدن ومناطق جبيلة بمحافظة كردستان غرب البلاد دخلت الحجر الصحي.
وأجّل مجلس صيانة الدستور الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية 6 أشهر، حسبما نقلت وكالات عن المتحدث باسم المجلس عباس علي كدخدايي.
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن «مركز دارسات البرلمان» نشر تقريراً عن تحديات أمام التعلم الإلكتروني في وقت تسابق فيه السلطات الزمن لوقف تفشي الوباء. وأوصى التقرير في جزء منه بتأجيل بدء العام الدراسي المقبل، في ظل التوقعات بتأجيل الامتحانات النهائية لهذا العام الدراسي من مايو (أيار) إلى نهاية يونيو (حزيران) المقبلين.
بدورها أجّلت وزارة التعليم العالي اختبار قبول مرحلتي الماجستير والدكتوراه إلى نهاية مايو ومنتصف يونيو المقبلين.
تخبط «الحجر الصحي» يزيد محنة الإيرانيين مع «كورونا»
الحكومة تلزم المحافظات بتعليماتها... وتحذيرات من تسارع وتيرة الوباء في طهران
تخبط «الحجر الصحي» يزيد محنة الإيرانيين مع «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة