تتنوع النباتات الطبية والبرية في أكشاك سوق الأعشاب بالمدينة العتيقة في تونس، حيث تسعى بيّة إلى التزود ببعضها والاستفسار عن الخلطات التقليدية لدى أحد العطّارين بغية اتقاء فيروس كورونا المستجد الذي لا يزال بلا لقاح مضاد. تقول هذه المرأة الأربعينية لوكالة الأنباء الألمانية: «أخشى على والدي المسن والمريض، لذلك جئت إلى هنا للبحث عن نباتات تعزز مناعته». وبينما لم تعلن تونس حتى الأحد إلا 18 إصابة بالفيروس، وسط إقرار السلطات تدابير صارمة، تبدو الأزقة المرصوفة في المدينة العتيقة أقل ازدحاماً مقارنة بالأيام السابقة. برغم ذلك، لا يزال التونسيون يأتون إلى سوق الأعشاب في وسط العاصمة، المعروفة بـ«سوق البلاط» التي يمكن الاستدلال إليها من خلال الروائح العطرية المنبعثة منها وأكشاكها المميزة، حيث تصطف قوارير وحزم من النباتات المختلفة.
وعادة ما يتم وصف الأدوية العشبية المحلية والمستوردة للوقاية من الإنفلونزا العادية التي تتشابه أعراضها مع أعراض فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من ستة آلاف شخص في أنحاء العالم حتى ظهر الأحد. وبالإضافة إلى اندفاع المستهلكين نحو شراء الثوم الذي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 25 دينارا (نحو 8 يوروات)، فإن معظم الزبائن يبحثون عن خلطات ونباتات «فعالة» ولكن أيضاً «رخيصة الثمن».
ويقول الهادي الوسلاتي المدير العام للصحة في تونس: «أستطيع أن أفهم أن السكان يعودون إلى التقاليد». ويضيف: «في الواقع ليس هناك أدوية ولا أعشاب سحرية يمكنها القضاء على فيروس كورونا». وتابع: «ليس هناك أي ضرر في تناول وصفات من الجدة... لكن عليك أن تكون حذراً وألا تغرق في الشعوذة». ويحذّر من أن الناس يستغلون القلق العام «لبيع خلطات لا نعرف حتى مكوّناتها». تسأل حنين الوسلاتي، وهي واحدة من الزبائن ولا تقرب إلى الهادي الوسلاتي، أحد التجار: «ما الذي يجب أن آخذه من أجل الوقاية من هذا الفيروس؟».
وأمام كشك لبيع إكليل الجبل والأوريغانو الطازج، تقول هذه المرأة البالغة من العمر 38 عاماً: «أريد نباتات لتعقيم المنزل وأخرى يمكن تناولها كمشروب». وتؤكد أن «الهدف حماية أنفسنا لا أكثر ولا أقل، خصوصاً أنه ليس هناك أدوية لمكافحة هذا الفيروس». ويعتبر خبير الأعشاب فتحي بن موسى (61 عاماً)، أن «التونسيين يحبون كل شيء تقليدي وطبيعي: إنهم يثقون، خصوصاً في أوقات مماثلة، بوصفات أجدادنا».
ويقول: «يطلب الناس أعشابا لتحضير خلطات طبيعية في المنزل مثل الزعتر والزنجبيل والمورينغا، وكلها تعتبر جيدة جدا لتقوية الجهاز المناعي ومكافحة الفيروسات».
وينصح هذا الرجل زبائنه بتعطير منازلهم بالحرمل، وهو نبات موجود بكثرة، ويُزعم أنه يطهر حتى ضد فيروس كورونا المستجد رغم أنه ليس هناك إثبات على ذلك. وفي متجره المظلم حيث تتراكم النباتات الغريبة، يقدم الحاج محمد خلطة «فعالة 100 في المائة ضد الفيروسات» مكوّنة من الزنجبيل والعسل والكركم.
ويشير الطبيب شكري حمودة، مدير عام الرعاية الصحية في تونس، إلى أنّ «كل ما طبيعي هو ليس تافهاً»، ولكنه ينبّه من أنّ «ثمة مشكلة لناحية عدم احترام قواعد النظافة في الأسواق التقليدية خصوصاً وفي البلد عموماً».
ويقول فتحي بن موسى: «نحن لا ندّعي أنه يمكننا استبدال الأدوية ومعالجة الناس، لكننا خبراء في أسرار النباتات. نحن نساعد الزبائن على تعلم الاستخدام السليم لعجائب الطبيعة».
انتشار «كورونا» ينعش سوق العطّارين في تونس
بحثاً عن نباتات تعزز المناعة
انتشار «كورونا» ينعش سوق العطّارين في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة