كيف ينتقل {كوفيد 19}؟

حالات الاتصال المباشر والملامسة... أقوى عوامل الخطر

مجسم ثلاثي الأبعاد لفيروس كورونا صنع في «معهد الصحة الوطنية» الأميركي (إ.ب.أ)
مجسم ثلاثي الأبعاد لفيروس كورونا صنع في «معهد الصحة الوطنية» الأميركي (إ.ب.أ)
TT

كيف ينتقل {كوفيد 19}؟

مجسم ثلاثي الأبعاد لفيروس كورونا صنع في «معهد الصحة الوطنية» الأميركي (إ.ب.أ)
مجسم ثلاثي الأبعاد لفيروس كورونا صنع في «معهد الصحة الوطنية» الأميركي (إ.ب.أ)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الآن تحول وباء فيروس كورونا (كوفيد - 19) إلى جائحة عالمية. وقال تيدروس غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: «نحن قلقون للغاية من مستويات الانتشار والخطورة المقلقة». وأضاف أن الصين وكوريا الجنوبية نجحتا في تغيير مسار تفشي المرض، وأن بإمكان الدول التي لديها انتقال مجموعات كبيرة أن تتغلب على هذا الفيروس أيضاً.
ومع اقتراب تفشي الفيروس من نهاية شهره الثاني يشير عدد من الخبراء مثل إيان ماكاي، عالم الفيروسات في الصحة العامة بجامعة كوينزلاند في أستراليا، إلى وجود الكثير من الفجوات المعرفية في المجتمع حول جوانب بيولوجيا «كوفيد - 19».

- قطرات الجهاز التنفسي
ما الطريق الرئيسي لانتقال «كوفيد - 19»؟
ينتشر «كوفيد - 19» مثل الإنفلونزا في المقام الأول عن طريق قطرات الجهاز التنفسي، وهي قطرات صغيرة من السائل المنبعث في أثناء السعال أو العطاس أو حتى الكلام، إذ يمكن للفيروسات الموجودة في هذه القطرات أن تصيب أشخاصاً آخرين عن طريق العين أو الأنف أو الفم عندما تقع مباشرةً على وجه شخص ما أو عندما يتم نقلها إلى هناك عن طريق ملامسة وجوههم بأيدٍ ملوثة.
> الانتقال المباشر: نظراً إلى أن قطرات الجهاز التنفسي ثقيلة جداً بحيث لا يمكن أن تبقى عالقة في الهواء، فإن الانتقال المباشر من شخص لآخر يحدث عادةً فقط عندما يكون الأشخاص على اتصال وثيق على بُعد يقل عن مترين بعضهم من بعض، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC). كما يمكن أن يحدث أيضاً في البيئة الطبية إذا ما كان هناك تعامل مع إفرازات الجهاز التنفسي مثل اللعاب أو المخاط من شخص مصاب.
ويقول ديفيد هايمان عالم الأوبئة والأمراض المُعدية في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي، إن التقارير الأولية من الصين تفيد بأن غالبية حالات الانتقال حدثت إما بين أفراد الأسرة وإما بين المرضى والعاملين الصحيين.
> الانتقال عبر الأسطح: وقالت إليزابيث ماكغرو، مديرة مركز الأمراض المُعدية في جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة، إنه قد يكون من الممكن أيضاً أن ينتقل الفيروس عبر أسطح ملوثة بقطرات الجهاز التنفسي أو إفرازات أخرى من شخص مصاب. وفي دراسة لباحثين في ألمانيا نُشرت في مجلة «Journal of Hospital Infection» في مارس (آذار) الحالي، واستناداً إلى دراسات سابقة على فيروسات مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية «ميرس - MERS» ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد «سارس - SARS» يمكن أن يظل بعض فيروسات «كورونا» البشرية على الأقل مُعدية على مواد مثل المعدن والزجاج أو البلاستيك لمدة تصل إلى تسعة أيام. ولاحظ الباحثون أن محاليل الإيثانول أو بيروكسيد الهيدروجين أو هيبوكلوريد الصوديوم كانت فعالة في تطهير الأسطح خلال دقيقة واحدة فقط.
من ناحية أخرى أفاد باحثون يوم الثلاثاء (10 مارس) على موقع «medRxiv»، بأن فيروس «كورونا» يمكن أن يعيش لعدة ساعات في شكل رذاذ ولمدة تصل إلى ثلاثة أيام على الأسطح البلاستيكية والفولاذية، مما يعني إمكانية نقل المرض من الأسطح الملوثة أو من الهواء، بالإضافة إلى المسار الاعتيادي عن طريق القطرات الكبيرة التي تقع على مضيف جديد من الشخص المصاب بالسعال.
وفي البحث قام المؤلف المشارك نيلتج دويمالين، من المعهد الوطني للحساسية والأمراض المُعدية في الولايات المتحدة (NIH) وزملاؤه بتعليق الفيروسات في بخاخات ورشها على سطوح البلاستيك والفولاذ المقاوم للصدأ والنحاس والورق المقوى (الكرتون) في المختبر ووجدوا أن الفيروس كان لا يزال حياً على سطح النحاس بعد 4 ساعات وعلى الكرتون 24 ساعة وعلى الفولاذ أو البلاستيك 2 - 3 أيام، وكان متوسط نصف عمر الفيروس 13 ساعة على الفولاذ و16 ساعة على البلاستيك.

- الانتشار السريع
> ما قابلية الانتقال والانتشار السريع للفيروس؟ يستخدم الباحثون ما يُعرف برقم التكاثر الأساسي (R0) «Basic Reproduction Number»، لوصف مدى انتقال المرض في حالة عدم وجود أي إجراءات خاصة للحجر، أو التباعد الاجتماعي.
تشرح الباحثة ماكغرو أن تقديرات «R0» لـ«ـكوفيد – 19» تستند حالياً إلى بيانات محدودة ولكن معظمها انخفض حتى الآن بين 2 و3. وهذا يعني أن الشخص المصاب من المتوقع أن ينقل المرض إلى شخصين أو ثلاثة آخرين.
تشير الأبحاث على فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى إلى أنه قد تكون هناك أسباب بيولوجية لذلك، إذ يبدو أن بعض الأشخاص ينقلون المرض بسهولة أكبر كما يقول لويد سميث، عالم الأوبئة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس الذي درس تأثير الانتشار خلال تفشي «سارس». على سبيل المثال، إن بعض الأشخاص المصابين يولّدون فيروسات أكثر مما يفعله الآخرون، كما يقول: «سواء كان ذلك عن أسباب لها علاقة بالوراثة أو حالة المناعة السابقة أو المناعة المكتسبة من شيء آخر أو قد يكون له علاقة بالعدوى الأولية».
ويضيف لويد سميث أيضاً أن هناك اختلافاً في حجم قطرات الجهاز التنفسي التي ينتجها الناس في أثناء التنفس أو التحدث، حيث يمكن أن يساعد الحجم في تحديد كيفية تحرك القطرة في الهواء ومدى احتمالية وصولها إلى شخص آخر وفيما لو وصلت إلى المسالك الهوائية لذلك الشخص، فالقطرات الأكبر أثقل وتسقط من الهواء بشكل أسرع ولكنها قد تستمر لفترة أطول من القطيرات الأصغر قبل التبخر. كما يقول إن الاختلاف الكبير في شدة أعراض المرض بالنسبة إلى العديد من الأمراض له تأثير مباشر على انتقال المرض، وهناك أيضاً العديد من العوامل غير البيولوجية التي تؤثر على احتمالية انتشار المرض من عدد الأشخاص في تجمع معين إلى قابليتهم للإصابة بالمرض إلى أنواع التفاعلات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص.

- الأم والجنين
> هل هناك طرق أخرى يمكن أن ينتشر فيها «كوفيد - 19»؟ أبلغ بعض وسائل الإعلام عن مخاوف بشأن انتقال عدوى الفيروس من الأم إلى جنينها أو مولودها بعد أن أنجبت امرأة في ووهان مصابة بـ«كوفيد – 19» طفلاً تم تشخيصه مصاباً بالمرض.
لكن الدراسات التي أُجريت على نساء مصابات بالفيروس فشلت في العثور على دليل على انتقال الفيروس منهن إلى الأجنة. وفي بحث منشور في مجلة «لانسيت» في فبراير (شباط) الماضي، أفاد الباحثون هوجون جين وزملاؤه بأنه لم يتم العثور على الفيروس في السائل الأمنيوسي أو في دم الحبل السري أو في حليب الأم أو في الأطفال حديثي الولادة وخلص الباحثون إلى أن النتائج تشير إلى أنه لا يوجد حالياً أي دليل على الإصابة داخل الرحم حتى لو أُصيبت الأم في أواخر الحمل.
ومن المرجح أن يكون الأطفال حديثو الولادة الذين تم تشخيص إصابتهم بـ«كوفيد – 19» قد أصيبوا بالمرض من خلال الوسائل الاعتيادية، أي الاتصال الوثيق بطريق قطرات الجهاز التنفسي الحاملة للفيروسات، وهو ما يؤكد أن العدوى حدثت عند الولادة ممّن كانوا على مقربة من المولود، وليست في الرحم.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».