بدء تسيير الدوريات الروسية ـ التركية في إدلب

TT

بدء تسيير الدوريات الروسية ـ التركية في إدلب

أعربت وزارة الدفاع الروسية، عن ارتياحها لنتائج المفاوضات العسكرية مع تركيا، وقالت إن النقاشات حول الوضع في إدلب «بناءة، وتفتح الطريق لتنفيذ كل الاتفاقات بين الطرفين».
وينطلق اليوم (الأحد)، تنفيذ الجزء الثاني من اتفاق التهدئة الذي توصل إليه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، في موسكو، قبل أسبوع. إذ يطلق الطرفان اليوم دوريات مراقبة على جانبي الطريق «إم 4». وكان صمود اتفاق وقف النار، رغم وقوع بعض الانتهاكات، ساهم في توصل وفدي البلدين إلى اتفاقات تفصيلية على آليات تنفيذ الدوريات في المنطقة. وأفاد بيان أصدرته وزارة الدفاع بأن «المفاوضات في أنقرة مع الشركاء الأتراك جرت في أجواء بناءة.
وستسمح نتائجها بتطبيق كل الاتفاقات الخاصة بمنطقة إدلب لخفض التصعيد»، التي تم التوصل إليها بين الرئيسين الروسي والتركي يوم 5 مارس (آذار) في موسكو.
وأكدت الوزارة أنه «سيتم غداً (اليوم)، في 15 مارس، تسيير أول دورية روسية - تركية في الطريق (إم 4)»، بموجب هذه الاتفاقات.
كانت مصادر عسكرية روسية قالت إن الآليات التي وضعها فريق الخبراء من الطرفين لا تقتصر على مسألة الدوريات، بل تتعدى ذلك خطة مراقبة تساهم فيها مروحيات عسكرية من الجانبين، وإجراءات مشتركة لمواجهة الفصائل التي تعرقل تنفيذ الاتفاق.
في غضون ذلك، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية عن مصادر أمنية سورية، أن نتائج التحقيق الذي أجرته المخابرات السورية مع عقيد سابق انشق عن الجيش، دلت على أن واشنطن قامت بتجهيز وزج مقاتلين تلقوا تدريبات مكثفة في منطقة إدلب.
ووفقاً للمعطيات، فإن «الجيش الأميركي يرسل مسلحين للقيام بعمليات تخريب خارج منطقة الـ55 كيلومتراً حول القاعدة الأميركية في التنف». وقالت الوكالة إنها حصلت على تسجيلات فيديو مع العقيد السابق في القوات السورية سلطان عيد عبد الله السودة، الذي اعتقل بتهمة الفرار من الخدمة. قال فيها إنه انضم إلى مجموعة «مغاوير الثورة»، وتم تدريبه على «الأنشطة التخريبية مع المتخصصين الأميركيين».
وأوضح أن الجانب الأميركي أرسل مقاتلين في «مهمات خاصة»، ودفع رواتب جيدة لهم وصلت إلى 500 دولار شهرياً. ووفقاً للعقيد السابق، «بعد التدريب، تم إرسال الوحدات إلى مناطق شرق نهر الفرات، للقيام بعمليات تخريب، بشكل رئيسي في المنشآت النفطية والبنية التحتية التي تسيطر عليها الحكومة»، وزاد أنه تم إرسال بعض المسلحين إلى محافظة الحسكة، والبعض الآخر إلى إدلب، مضيفاً أنه «في الآونة الأخيرة عدد المقاتلين في التنف انخفض بشكل كبير».
وقال: «لم تكن هناك مشكلات مع السلاح، زودنا به الجيش الأميركي. وعلاوة على ذلك، تم استيراد السلاح نفسه من بلدان مجاورة، كانت الأسلحة من أكثر الإنتاجات تنوعاً: الصين وحلف شمال الأطلسي. الأفضل هو حلف شمال الأطلسي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.