فرنسا تستعدّ للموجة الثانية من تفشي «كوفيد ـ 19»

ماكرون أعلن إغلاق المدارس والجامعات وأبقى على الانتخابات المحلية الأحد

عامل ينظف أحد شوارع «شانزليزيه» مرتدياً بدلة واقية في باريس أمس (أ.ب)
عامل ينظف أحد شوارع «شانزليزيه» مرتدياً بدلة واقية في باريس أمس (أ.ب)
TT

فرنسا تستعدّ للموجة الثانية من تفشي «كوفيد ـ 19»

عامل ينظف أحد شوارع «شانزليزيه» مرتدياً بدلة واقية في باريس أمس (أ.ب)
عامل ينظف أحد شوارع «شانزليزيه» مرتدياً بدلة واقية في باريس أمس (أ.ب)

حسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجدل، واختار أن تتم الانتخابات المحلية في موعدها رغم وباء كورونا الجديد (كوفيد - 19)، والأخطار المتعلقة به خصوصاً بالنسبة إلى كبار السن. وبذلك، يكون ماكرون قد وضع حداً للبلبلة التي ألمّت بالحملة الانتخابية بين داعٍ إلى تأجيلها، ودافع باتجاه القيام بها.
وفي كلمته ليل الخميس حتى الجمعة إلى الفرنسيين، احتمى ماكرون وراء رأي الخبراء. لكنه في الوقت عينه، شدّد على تدابير الوقاية التي يتعيّن أن توفّرها مكاتب الاقتراع التي يراد لها أن تشكّل «حاجزاً» من شأنه إبطاء العدوى، وحماية الناخبين الـ47.7 مليون.
والثابت أنها المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي يحلّ فيها استحقاق انتخابي في أجواء كالتي تعيشها فرنسا في الوقت الحاضر. ففي الأيام الأخيرة، غابت الحملة الانتخابية وأُلغيت المهرجانات والتجمعات وتراجَع اهتمام الفرنسيين بها. وتبيّن استطلاعات الرأي التي أُجريت في الأيام الأخيرة تراجع نسب المشاركة، إذ لا يفهم كثيرون كيف أن الحكومة تدعو كبار السن ومن هم فوق السبعين للبقاء في منازلهم، وتعمد إلى إغلاق الحضانات والمدارس والجامعات في كل الأراضي الفرنسية، وتطلب من المواطنين الإقلال من التنقل قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه تدعوهم للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي.
كان واضحاً، ليل أول من أمس، أن الفرنسيين كانوا ينتظرون كلمة رئيسهم المتلفزة. ووفق الأرقام المتوافرة، فإن 22 مليون فرنسي تسمّروا أمام شاشاتهم للاستماع لماكرون، ما يدلّ على القلق الذي ينتابهم إزاء الوباء العالمي. وقبل أن يُطلّ عليهم عبر الشاشة الصغيرة، كثّف ماكرون اجتماعاته مع الوزراء المعنيين، ودعا إلى اجتماع إضافي لمجلس الدفاع الأعلى واستشار المجلس الأعلى للصحة، وكان همّه الأول السعي إلى طمأنة الفرنسيين وإفهامهم أن الدولة ساهرة على صحّتهم، وأنها تقوم باتخاذ التدابير الضرورية. وفي كلمته التي اتصفت بروح أبوية، دعا إلى «انسجام الأمة وتعبئتها» والابتعاد عن «الهلع أو الخوف»، وإلى التضامن بين المواطنين، وخصوصاً التحلي بروح المسؤولية.
لكنه في الوقت عينه، نبّه إلى أن ما تعرفه فرنسا والعالم هو «أسوأ أزمة صحية منذ قرن»، وأن هذه الأزمة «ما زالت في بداياتها» وتتعين مواجهتها مع تجنب أمرين: الأول، «الروح القومية» المتعصبة، في إشارة ضمنية إلى قرار الرئيس الأميركي منع الأوروبيين من التوجه إلى الولايات المتحدة والتشديد على التنسيق والتعاون بين الأوروبيين. والثاني، الانطواء الفردي داخل فرنسا وتغليب الأنانية.
وما يقلق المسؤولين الفرنسيين، سياسيين وعاملين في قطاع الصحة، هي «الموجة الثانية» من الوباء التي لن تكون مقصورة بشكل رئيسي على كبار السن، كما هي حال الموجة الأولى، ولكن يمكن أن تضرب الجميع. وأفادت إحصائيات وزارة الصحة أمس، بأن 600 شخص إضافي طالتهم العدوى في الساعات الـ24 الأخيرة، فيما بلغ عدد الوفيات 48 شخصاً ومجمل المصابين نحو ثلاثة آلاف شخص.
وتعمد السلطات، إزاء هذا التسارع، إلى التحضر من خلال تعبئة المستشفيات الحكومية والخاصة والمصحات والأطباء والممرضين والممرضات وطلاب الكليات الطبية والمتقاعدين حديثاً. وباختصار، كل من يستطيع أن يوفر خدمة ويساعد على مواجهة الوباء المتدفق.
يُضاف إلى ذلك التشديد على أهمية الإجراءات البسيطة التي يتعين على الجميع القيام بها، مثل تلافي المصافحات والازدحامات والدعوة إلى التشدد في النظافة. وإذا لم يأتِ ماكرون على ذكر الانتقال من «المرحلة الثانية» من مواجهة الوباء إلى «المرحلة الثالثة»، إلا أن التدابير والإجراءات التي أقرّها تدخل كلها في إطار المرحلة الأخيرة.
والمرجح أنه لم يُرد إخافة الناس بالحديث عن مرحلة جديدة لا يعرف كثيرون مضمونها. وتتمدد المواجهة إلى الاقتصاد، وإذا كانت الحكومة الفرنسية لم تلجأ إلى تدابير كتلك التي أقرتها إيطاليا مثلا كإغلاق الحدود وتجميد الحركة في الداخل، فلأنها تريد المحافظة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية. صحيح أن الحكومة ألغت كل الأنشطة الرياضية والفنية وحصرت الحضور بأقل من ألف شخص وقررت إقفال المدارس بدءاً من مساء أمس، إلا أنها لم تطلب إقفال المطاعم والمقاهي ولم توقف وسائل النقل العمومية كالقطارات والحافلات والمترو. كذلك، شدد ماكرون على مسؤولية الدولة في هذه الظروف الاستثنائية لمساندة القطاعات الاقتصادية كافة لاستمرار الدورة الإنتاجية ومن التدابير المقترحة تشجيع العمل عن بُعد واستعداد الدولة لإطلاق خطة دعم اقتصادي قال عنها وزير الاقتصاد برونو لو مير، أمس، إنها ستكلّف «عشرات المليارات». ومن التدابير المقترحة تولي الدولة أعباء رواتب الموظفين والعمال المسرحين في هذه الفترة الحرجة، ومساعدة الشركات من خلال إعفائها من دفع المساهمات الاجتماعية والضرائب المستحقة في شهر مارس (آذار) الجاري.
يبقى أن «كورونا» فيروس لم يُلغ الانتخابات البلدية التي تهم الفرنسيين عامة، لأنها تتناول إدارة حياتهم اليومية في مدنهم وقراهم، إلا أنه أرجعها إلى المواقع الخلفية. وستجرى الجولة الأولى في 35 ألف مدينة وقرية غداً (الأحد)، والجولة الثانية يوم الأحد الذي يليه للفصل بين ما يزيد على 900 ألف مرشح وبين 20.7 ألف لائحة.
رغم «محليتها»، فلهذه الانتخابات أهمية سياسية رئيسية لأنها سوف تبيّن ميزان القوى «على الطبيعة» بين الأحزاب الرئيسية وسوف تعكس «مزاج» الفرنسيين إزاء الرئيس ماكرون وحكومته بعد عامين صعبين تميزا من جهة بتحرك «السترات الصفراء» وأعقبته فترة قلق اجتماعي تسببت بها مشاريع الحكومة لتغيير أنظمة التقاعد. ومن المؤكد أن مصير العاصمة باريس سيحظى بأكبر اهتمام، حيث يسعى حزب ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» إلى كسبها، وقد رشح لها وزيرة الصحة السابقة أنياس بوزين. وفي المقابل، فإن رئيسة البلدية الحالية، الاشتراكية آن هيدالغو، تسعى للاحتفاظ بها. وثمة امرأة ثالثة تخوض المنافسة عن حزب «الجمهوريون» اليميني الكلاسيكي هي رشيدة داتي التي تأتي في المرتبة الثانية بعد هيدالغو في استطلاعات الرأي، بينما تحتل بوزين المرتبة الثالثة. إلا أن الأمور لا تبدو جامدة وستكون النتيجة رهن التحالفات التي ستحصل في الدورة الثانية وقد تأتي بمفاجآت.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟