ألمانيا أكثر انكشافاً على تبعات «كورونا» الاقتصادية

7 % من الناتج القومي مصدره مبيعات السلع والخدمات في الصين

من الصعب حالياً إلقاء نظرة واضحة على مسار النمو الاقتصادي الألماني في ظل «كورونا» (رويترز)
من الصعب حالياً إلقاء نظرة واضحة على مسار النمو الاقتصادي الألماني في ظل «كورونا» (رويترز)
TT

ألمانيا أكثر انكشافاً على تبعات «كورونا» الاقتصادية

من الصعب حالياً إلقاء نظرة واضحة على مسار النمو الاقتصادي الألماني في ظل «كورونا» (رويترز)
من الصعب حالياً إلقاء نظرة واضحة على مسار النمو الاقتصادي الألماني في ظل «كورونا» (رويترز)

تتسع رقعة انتشار فيروس «كورونا» عالمياً، ومعها تحاول الصين تبني تدابير جذرية لتخفيف مفعوله الكارثي عليها. وبما أن دولاً عدة - كما ألمانيا - تعول على الصين لتسويق منتجاتها، باتت المستجدات في الصين على مدار الساعة، الشغل الشاغل لحكوماتها التي عجزت للآن عن وضع خطة طارئة لتحجيم أعباء فيروس «كورونا» الاقتصادية عليها.
وحسب رأي الخبراء في برلين، فإن حركة النقل الجوي من وإلى الصين توقفت بالكامل، ما عدا الحالات الاستثنائية. وهذه ضربة موجعة للشركات الأوروبية التي كانت ترزح سابقاً تحت ضغوط المنافسة والتكاليف، وها هي اليوم تواجه عدواً صحياً شل حركة المسافرين العالمية بصورة درامية.
يقول مارسيل فراتسشر، رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين، إن مزيداً من الشركات الألمانية سيغلق أبوابه تفادياً لتفشي الفيروس بين الموظفين. وبذلك سيكون العمل الذكي من المنزل (سمارت ووركينغ) البديل العملي الوحيد أمام هذه الشركات، اعتماداً على نوع أنشطة الشركة. وبالنسبة للشركات الألمانية الضخمة المُصنِّعة للسيارات - كما «بي إم دبليو» و«فولكسفاغن» - ستتعقد الأمور أكثر فأكثر؛ لأن مصانعها في الصين أقفلت بالكامل.
ويضيف أن تداعيات فيروس «كورونا» الاقتصادية على العالم ستكون أسوأ من تداعيات فيروس «سارس» الذي وُلد بدوره في الصين قبل 17 عاماً. وقتذاك، تراجع نمو الاقتصاد الصيني نحو 1 في المائة. أما اليوم، فقد يتخطى هذا التراجع 10 في المائة دفعة واحدة في ظل غياب اللقاح الفعال له. ومن الصعب، للآن، إلقاء نظرة واضحة على مسار النمو الاقتصادي الألماني.
ويختم: «في موازاة قطاع السيارات، دخل قطاع النقل الجوي والبري الوطني أزمة غير معروفة الأبعاد. فحركة المسافرين الألمان تراجعت أكثر من 50 في المائة جواً، ونحو 20 في المائة براً عبر القطارات، ما يضع علامة استفهام حول الأوضاع المالية لشركة (لوفتهانزا) للنقل الجوي، وشركة القطارات (دويتشه بان) الألمانيتين».
من جانبه يشير الخبير كلاوس يورغن، من معهد الاقتصاد الدولي في مدينة كيل، إلى أنه بات ضرورياً رؤية ما يجري للاقتصاد الصيني، كي نتمكن من تحليل ما يجري مع الاقتصاد الأوروبي. فالأزمة على صعيد ألمانيا، انتقلت من قطاع السيارات لتشمل قطاعات أخرى، على رأسها الكيمياء وصناعة الألبسة والأجهزة الإلكترونية. وعدا عن قطاع السيارات الألماني الذي يجني ثُلث أرباحه من الأسواق الصينية، يمكن القول إن 7 في المائة من الناتج القومي الألماني مصدره مبيعات السلع والخدمات الألمانية في الصين.
ويضيف أن فيروس «كورونا» أطل على العالم في وقت غير مواتٍ أبداً؛ لأنه زاد الطين بلة على عالم يتخبط في حروب تجارية وضريبية دولية، ومستقبل مجهول لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومصارف دولية تراجعت عائداتها عموماً، وصراعات جيوسياسية متراكمة. كما يتخوف البعض من تدهور حركة تسليم السلع والخدمات، وآلية التعامل التجاري بين الشركات الألمانية. فالاستمرار في توقف محرك الإنتاج في الصين يجر معه - من دون شك - تداعيات على سلاسل التوريد والإمدادات الدولية التي ستهز بقوة الكيان الصناعي والتجاري بألمانيا.
ويختم القول: «مع ذلك، تسجل ألمانيا زيادة في مبيعات المستحضرات الصيدلانية غير الدوائية بمعدل 148 في المائة، منذ بداية تفشي فيروس (كورونا) حول العالم. كما قفزت مبيعات منتجات التنظيف المنزلي والجلي والغسل والعناية الشخصية بنسبة 266 في المائة. وعلى صعيد الصناعة الغذائية، لوحظ ارتفاع مبيعات الأرز بنسبة 61 في المائة، واللحوم بنسبة 49 في المائة، والمعكرونة 56.7 في المائة، والطحين حوالي 100 في المائة. وعلى صعيد أسهم الشركات الألمانية فإن قيمتها تراجعت بمعدل 15 في المائة في البورصات الدولية، منذ انتشار فيروس (كورونا) خارج الصين. وستكون عائدات المصارف الألمانية والآيرلندية الأكثر انكشافاً، على الصعيد الأوروبي، على الفيروس إن لم يتم القضاء عليه، أو إيجاد لقاح له حتى موسم الصيف القادم. فعائدات المصارف الألمانية مهددة بالتراجع 70 في المائة، وتلك الآيرلندية 58 في المائة، في وقت قصير».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.