أمطار غزيرة «تشل الحياة» في مصر

شابان يمشيان تحت مظلة خلال عاصفة ممطرة في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة أمس (أ.ف.ب)
شابان يمشيان تحت مظلة خلال عاصفة ممطرة في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة أمس (أ.ف.ب)
TT

أمطار غزيرة «تشل الحياة» في مصر

شابان يمشيان تحت مظلة خلال عاصفة ممطرة في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة أمس (أ.ف.ب)
شابان يمشيان تحت مظلة خلال عاصفة ممطرة في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة أمس (أ.ف.ب)

تسببت أمطار غزيرة، وصلت إلى حد السيول في «شل الحياة» بمصر أمس، وتسببت في وقف حركة قطارات السكة الحديد في ربوع البلاد، وارتباك الملاحة البحرية والجوية والطرق، إضافة إلى وقوع قتلى ومصابين في حوادث متفرقة، فضلاً عن تصادم قطارين بالقاهرة. وأهابت الحكومة المصرية أمس، بـ«المواطنين عدم نزول الشوارع؛ إلا للضرورة القصوى، وذلك لإعطاء الفرصة للأجهزة المعنية للتعامل مع الأمطار، واﻻبتعاد عن أعمدة الإنارة خصوصاً الأطفال، تفادياً لحدوث أي مكروه».
ووفقاً لوحدة التنبؤات الجوية بهيئة الأرصاد المصرية، فقد توقعت «استمرار حالة عدم الاستقرار إلى اليوم (الجمعة) وزيادة فرص سقوط الأمطار الغزيرة في البلاد».
وترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، اجتماعاً، أمس، بغرفة العمليات المركزية بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار؛ لمتابعة حالة عدم استقرار الطقس، حيث استعرض الموقف الحالي لكميات الأمطار التي تسقط على المحافظات المختلفة، وآليات وجهود التعامل معها.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن «قرار الإجازة لجميع العاملين بالدولة أمس، نتيجة لما تم عرضه من تقارير خلال اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس، حيث تمت الإشارة إلى أن حجم المنخفض الجوي الذي تواجهه البلاد خلال هذه الفترة، وما ستتعرض له البلاد من أمطار غزيرة، تصل إلى حد السيول في بعض المناطق، هو ما استدعى اتخاذ قرار بتعطيل العمل أمس، حتى نجنّب المواطنين تداعيات سقوط الأمطار الغزيرة من تراكم المياه في العديد من الطريق، هذا فضلاً عن إتاحة الفرصة للعاملين بأجهزة الدولة المعنية للتعامل مع مثل هذه الأحداث، لسرعة التحرك ورفع كميات المياه الناتجة عن تلك الأمطار الغزيرة من دون إعاقات، مثل ما تم سابقاً مع مثل هذه الحاﻻت التي صادفتنا خلال هذا الشتاء»، مؤكداً أن «المبادرة بهذه الإجراءات الاستباقية جعلت الأمور أكثر استقراراً، وخلقت قدرة أكبر على التعامل مع هذا الحدث».
وأعلنت هيئة السكك الحديدية أمس، أنها «قررت إيقاف كل الرحلات على خطوط السكك الحديدية كافة، نظراً لسوء الأحوال الجوية، وحفاظاً على أرواح الركاب»، مشيرة في بيان لها إلى «حدوث تصادم بين مقدمة قطار رقم 989 بمؤخرة قطار 991 القادم من محافظة سوهاج إلى القاهرة، في اتجاه القاهرة بين محطتي (إمبابة - رمسيس)، الذي كان محجوزاً في منطقة برج النخيلي، لتسلُّم أوامر التشغيل لدخول محطة القاهرة، ونتج عن ذلك بعض الإصابات». وقالت وزارة الصحة والسكان في مصر، إن «عدد الإصابات بلغ 13 مصاباً».
كما أعلنت شركة مترو أنفاق القاهرة توقف حركة القطارات بالخط الأول (المرج الجديدة – الشهداء برمسيس) حفاظاً على أمن وسلامة المواطنين، مع استمرار تشغيله من (حلوان حتى الشهداء)، فضلاً عن انتظام الحركة بالخطين الثاني والثالث».
وتسبب الطقس السيئ في إغلاق بوابات طريق «القاهرة - الإسكندرية» الصحراوي، اتجاه الإسكندرية لوجود تجمع المياه، حيث يتم العمل على شفط المياه بواسطة سيارات الشفط. وفي أسوان بجنوب مصر، لقيت فتاة مصرعها، وأصيب 3 آخرين، بسبب انهيار قاعة أفراح بمدينة إدفو شمال المحافظة... كما توقفت حركة الملاحة النهرية في مجرى نهر النيل من أسوان إلى الأقصر، وذلك بعد انخفاض مستوى الرؤية بين مدينتي إدفو والأقصر. وأعلن مسؤول مصري أمس، «إغلاق مطار الأقصر الدولي بسبب سوء الأحوال الجوية». وفي سوهاج بجنوب مصر، لقي عامل مصرعه، وأُصيب 12 آخرين في حوادث متفرقة بسبب الطقس السيئ. كما شهد عدد من محافظات دلتا مصر عدداً من حوادث الطرق، أسفرت عن وقوع إصابات
في حين أكد رئيس الوزراء المصري «المتابعة المستمرة على مدار الساعة من جانب جميع المسؤولين في الدولة، والتعامل مع حجم المياه في الشوارع»، موضحاً أن «الرئيس عبد الفتاح السيسي وجّه كل قطاعات الدولة بالاستعداد لمواجهة أي ظروف بسبب موجة الطقس التي تمر بها البلاد، والقوات المسلحة مستعدة للتدخل حال الحاجة... كما أن هناك استعدادات من وزارة الداخلية ورجالها من ضباط وأمناء شرطة وجنود موجودين بكل مكان في الشارع».
وأكدت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، «فتح جميع مراكز الإغاثة على مستوى البلاد، وعددها 26 مركزاً، وتوفير أعداد كافية من الخيام والبطاطين والمراتب، إلى جانب توفير سيولة مالية في جميع مديريات التضامن الاجتماعي، لسد حالة الاحتياج لدى أي من الأسر، التي يمكن أن تتضرر منازلها وممتلكاتها جراء السيول».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.