ميركل تحث رئيس الوزراء الليبي على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار

TT

ميركل تحث رئيس الوزراء الليبي على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار

حثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، فائز السراج، على التوقيع سريعاً على اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك بعد ساعات من إعلان الأمم المتحدة أن أمينها العام أنطونيو غوتيريش عيّن الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، ممثلة خاصة بالإنابة، ورئيسة للبعثة الأممية في ليبيا، مبرزة أنها «ستتسلم منصبها إلى حين تعيين بديل» لرئيس البعثة المستقيل غسان سلامة.
وقدمت البعثة الأممية في بيان لها الدبلوماسية ويليامز باعتبارها خبيرة في شؤون الشرق الأوسط، وبالنظر للسنوات الـ24 التي راكمتها من الخبرة في الحكومة والشؤون الدولية، حيث شغلت منصب القائم بأعمال السفارة الأميركية بالإنابة في طرابلس، وتولت منصب نائب رئيس البعثات الأميركية في العراق، والأردن، والبحرين.
ولفت البيان إلى أن ويليامز، التي تتقن اللغة العربية، عملت في وزارة الخارجية الأميركية ضابطة مسؤولة متخصصة في قسم الأردن، ونائبة مدير قسم مصر وشؤون بلاد الشام، ورئيسة مكتب المغرب. كما تولت منصب كبير المستشارين لشؤون سوريا، وفي السفارات الأميركية في كل من الإمارات العربية المتحدة، والكويت، وباكستان.
وتخرجت ويليامز، الحاصلة على درجة الماجستير في الدراسات العربية في مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون، من الكلية الحربية الوطنية، وحصلت على درجة الماجستير في دراسات الأمن القومي في 2008.
وكان غسان سلامة قد أعلن تنحيه مطلع الشهر الحالي لأسباب صحية، بعدما شغل منصب رئيس البعثة الأممية في ليبيا لعامين ونصف العام، وقد أعرب غوتيريش عن تقديره لإنجازاته من خلال رئاسة بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، وجهوده الدؤوبة لإعادة إحلال السلام والاستقرار هناك.
في غضون ذلك، أعلن مكتب رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، أنه تلقى أمس اتصالاً هاتفياً من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تمت خلاله مناقشة مجمل الأزمة الليبية، وخرق هدنة وقف إطلاق النار بالعاصمة، وإمكانية العودة ثانية إلى العملية السياسية، وفقاً لمخرجات «اتفاق برلين».
ويأتي هذا الاتصال بعد أيام من لقاء القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، بالمستشار الألمانية. وقال شتيفن زايبرت، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، في بيان نقلته «الوكالة الألمانية» أمس، إن المستشارة الألمانية حثت السراج على «التوقيع سريعاً على اتفاق لوقف إطلاق النار». كما أوضح البيان، أن ميركل ناقشت مع السراج «الوضع السياسي والعسكري»، وشددت على أهمية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، الذي اتفق عليه أطراف الصراع في جنيف مؤخراً. في إشارة إلى اللجنة العسكرية الثنائية (5+5) التي تضم ضباطاً من الجانبين المتقاتلين.
وخلال الاتصال الهاتفي أكدت ميركل أيضاً، أن العملية السياسية «في حاجة إلى إحراز تقدم»، وفقاً للقرارات التي تم اتخاذها في مؤتمر برلين، وشددت على أن «الصراع في ليبيا لا يمكن حله عسكرياً»، وقالت إنه «من الضروري التوصل لهدنة وإحراز تقدم في العملية».
إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام ليبية محلية عن وصول فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، إلى العاصمة الفرنسية باريس في زيارة مفاجئة. ونقلت عن مصدر، أن باشاغا يحمل مقترحاً بتشكيل حكومة وطنية يكون فيها وزيراً للداخلية، وترأسها شخصية من العهد الملكي، وتسمية المشير حفتر وزيراً للدفاع.
وتجاهل أغا هذه التقارير، لكنه كشف ضمنياً عن زيارة غير معلنة إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث دوّن على موقع «تويتر»، أنه أجرى أمس ما وصفها بمحادثات مثمرة مع وزير الأمن البريطاني جايمس بروكنشاير، وقال موضحاً «ناقشنا سبل تقوية التعاون الأمني، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين»، لافتاً إلى أنه شكر الوزير على «الدور الذي تلعبه بلاده في دعم التحول الديمقراطي في ليبيا».
وأضاف أغا في بيان وزعه مكتبه، أمس، أنه ألقى كلمة أمام البرلمان البريطاني، لم يحدد موعدها، أكد فيها أن «حكومة السراج تدافع عن ليبيا عامة، والعاصمة طرابلس خاصة، من أجل دولة مدنية ديمقراطية تضمن حقوق الإنسان وسيادة القانون». كما أشاد بالدور الذي لعبته المملكة المتحدة في دعمها حرب حكومته على تنظيم «داعش» بمدينة سرت عام 2016 و«تحريرها»، معرباً عن رغبة حكومته في الحفاظ على التعاون والتنسيق الأمني المشترك بين البلدين.
كما أكد أغا على «ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا والمملكة المتحدة، خاصة في مجالي الأمن والتجارة، والتطلع لدور أكبر من حلفائنا في المملكة من أجل البناء والاستقرار، وضمان مستقبل حر لكل الليبيين».
ميدانياً، أعلنت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج، عن مصرع طبيب بمستشفى تاجوراء الميداني، وإصابة مرافقه بجروح إثر استهدافهما مما وصفتهم بعصابات «الكاني»، المسيطرة على مدينة ترهونة بعد تسلل عناصرها إلى الطريق الساحلية القرة بوللي. واعتبرت في بيان لها أن إطلاق النار على السيارة المدنية التي كانت تقل الطبيب ومرافقه، عملية استهداف جديدة لرجال الإنسانية. كما أعلنت «الكتيبة 301 مشاة»، التابعة لحكومة السراج، أنها استهدفت مرصداً لقوات «الجيش الوطني» في شارع المطبات بطرابلس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم