«عيوب قانونية» في قضية لوكربي تفتح «باب الأمل» أمام أسرة المقرحي

السماح باستئناف حكم إدانته مرة ثانية

TT

«عيوب قانونية» في قضية لوكربي تفتح «باب الأمل» أمام أسرة المقرحي

استقبلت أوساط ليبية بالسعادة قراراً صدر أمس عن لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية، يقول إن تفجير طائرة الركاب «بان أميركان 103» عام 1988 فوق بلدة لوكربي، والتي اتهم فيها ضابط المخابرات الليبي عبد الباسط المقرحي «ربما قد شابتها عيوب». وعدّ مقربون من النظام السابق هذه الشهادة بمثابة «نصر لبلادهم».
وأعاد هذا القرار قضية المقرحي ثانية إلى واجهة الأحداث؛ وسبق أن نشرت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية أجزاء من كتاب جديد للمؤلف الأميركي دوغلاس بويد في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، فنّد فيه فرضية وقوف ليبيا وراء تفجير طائرة لوكربي عام 1988، والإشارة إلى دور «إيران في إسقاطها».
وأدين المقرحي في القضية، وتمت تبرئة ساحة ليبي آخر، بعد محاكمة عام 2001 من جانب محكمة في لاهاي تطبق القانون الاسكتلندي.
وقالت لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية، أمس، إنها أحالت قضية المقرحي إلى محكمة الجنايات العليا في اسكتلندا «للبتّ فيها»، مضيفة أنه «نتيجة لقرار اللجنة، يحق لأسرة المقرحي استئناف إدانته الصادرة في 31 يناير (كانون الثاني) 2001، بقتل الركاب البالغ عددهم 243، وطاقماً من 16 فرداً كانوا على متن طائرة تابعة لشركة «بان أميركان»، كانت في طريقها من لندن إلى نيويورك، وبقتل أيضاً 11 شخصاً من سكان لوكربي في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988».
وقال المحلل السياسي الليبي عبد العظيم البشتي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن هذا يعني أن «ثمة ضعف في الأدلة المقدمة ضده، والتي كانت نتيجتها إدانته».
وصدر حكم بحق المقرحي بالسجن 27 عاماً، لكن أفرج عنه في 2009 بعدما جرى تشخيص إصابته بالمرحلة الأخيرة من سرطان البروستاتا. وعقب إشارة «الديلي ميل» باحتمال تورط إيران، طالبت أسرة المقرحي بتعويضها عن الفترة التي أمضاها في السجن، فيما تصاعدت داخل مدن ليبية عدة مطالب موازية، تتحدث عن «إمكانية استعادة التعويضات التي دفعها نظام معمر القذافي لذوي ضحايا لوكربي».
وعبّرت المحامية غادة عبد الباسط المقرحي في حينه عن سعادتها بما عدّته «تبرئة لوالدها»، وقالت إنها «تطالب باسم عائلتها بالتعويض عن كل ساعة قضاها والدها في السجون البريطانية، بعيداً عنهم»؛ حيث تركهم صغاراً، وعاد إليهم بعد طول انتظار. لكن الموت لم يمهله.
وأضافت البنت الكبرى للمقرحي في تصريحات صحافية سابقة، أنهم كانوا منذ اليوم الأول في اندلاع هذه القضية «واثقين من براءة والدنا... وقد حاولنا إكمال مشواره في البراءة التي طال انتظارها. وفي النهاية كسبت العدالة، ولولا مرضه لكان قد ربح القضية».
وأنهت غادة المقرحي حديثها متمنية «الوقوف على قبر والدها لتقول له يا أبي لقد ظهرت براءتك للعالم أجمع لكي ترتاح في قبرك».
واستمر ضابط الاستخبارات الليبي السابق في الدفع ببراءته حتى وفاته في مايو (أيار) 2012. لكن ممثلو الادعاء الاسكتلنديون أصروا على أن الأدلة ضده صحيحة. وفي عام 2015، قال ممثلو الادعاء إنهم حددوا هوية شخصين ليبيين جديدين مشتبه بهما، وطلبوا من السلطات الليبية السماح لعناصر شرطة من اسكتلندا والولايات المتحدة الأميركية باستجوابهما في طرابلس. وفي هذا السياق، قال أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا: «لا زلنا ننتظر حكماً قضائياً يبرئ المقرحي، أو يدين أطرافاً أخرى»، مشيراً إلى أنه «يمكن أن يكون قد تسربت من خلال كتاب المؤلف الأميركي دوغلاس بويد حقائق، أو معلومات تبرئ النظام السابق في ليبيا، وتتهم إيران».
وأضاف حمزة، في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» عن القضية ذاتها، بأن «النظام الإيراني ينتهج من خلال سياسته وتوجهاته ممارسات، تستهدف أمن واستقرار الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية، ودول المنطقة العربية بشكل عام، والخليج العربي بشكل خاص، والشواهد على ذلك متعددة في هذه السياسات السلبية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».