«كورونا» يقارع الجميع والسينما تبحث عن حلول بقاء

«كان» يُلْغى... لا يُلْغى

دانييل كريغ في مشهد من فيلم «لا وقت للموت» الذي تأجل عرضه لشهر نوفمبر
دانييل كريغ في مشهد من فيلم «لا وقت للموت» الذي تأجل عرضه لشهر نوفمبر
TT

«كورونا» يقارع الجميع والسينما تبحث عن حلول بقاء

دانييل كريغ في مشهد من فيلم «لا وقت للموت» الذي تأجل عرضه لشهر نوفمبر
دانييل كريغ في مشهد من فيلم «لا وقت للموت» الذي تأجل عرضه لشهر نوفمبر

‫على الطائرة القادمة من نيويورك إلى لوس أنجليس، وبعد إقلاعها من مطار جون ف. كيندي بربع ساعة، نهض أحد الركاب، وطلب من أحد أفراد الطاقم تغيير مكانه أو تغيير مكان المرأة الجالسة بجانبه.‬
درجة رجال الأعمال التي كنا نستقلها كانت كاملة العدد، وحاول اثنان من أفراد الطاقم إقناعه بذلك؛ لكنه كان يشتد توتراً مع الوقت. السبب هو أن المرأة الجالسة بجنبه ذات ملامح شرق آسيوية. ربما وُلدت في أميركا وعاشت طوال حياتها فيها، ولم تزر جنوب شرقي آسيا مطلقاً؛ لكن كل هذا لم يعنِ له شيئاً.
السيدة غضبت وسألته إذا ما كان راجح العقل فعلاً؛ لكنه لم يشأ أن يكلمها. حاول أحد أفراد الطاقم إقناع بعض الركاب بتبادل أماكن مع ذلك الراكب الذي رفض حتى الجلوس في مكانه ريثما يتم حل المشكلة؛ لكن هؤلاء بدورهم رفضوا. ما أنهى الجدال حول الموضوع أن الراكب الذي كان بجانبي وافق على الجلوس محل ذلك الرجل، وجاء الرجل ليجلس بجانبي. لم يبتسم. لم يعتذر؛ لكنه بدا راضياً بأنه الآن على بعد صفين من المقاعد.
- تعالوا إلى «كان»
هذه صورة مما يحدث، وهناك أخرى كثيرة؛ لكن الصور الأكبر شأناً وحجماً هي تلك التي تثير الاهتمام الموازي لحجمها، وفي مقدمتها هذا اليوم أن رئيس مهرجان «كان» السينمائي بيير لسكور صرَّح لصحيفة «فيغارو» الفرنسية بأن هناك احتمالاً لإلغاء دورة هذا العام: «أنا متفائل على نحو معقول بأن المهرجان سيقام حسبما هو مخطط له؛ لكن لا ضمانة عندي لعدم إلغائه».
مسألة أن يُقام أو لا يُقام ليست محسومة بعد. قبل ثلاثة أسابيع تردد أن المهرجان قد يُلغى عندما بدأ عدد الإصابات الناتجة عن وباء «كورونا» في الارتفاع. قبل عشرة أيام وزَّع المهرجان منشوراً صحافياً على وسائل التواصل الاجتماعي، حاملاً نبرة تصميم على إقامته كما هو مخطط له. أحد تلك المنشورات ذكر أن هناك ارتفاعاً بلغ 9 في المائة في عدد طلبات الانتساب والاشتراك هذا العام عن العام السابق. وفي منشور آخر أعلن عن عدد من أفلام التظاهرات الأخرى. وفي ثالث كيف أن المهرجان سيضم في بعض تظاهراته أسماء لامعة، منهم من سيقوم بالتحكيم في التظاهرات الجانبية.
كل ذلك بدا وكأنه حث للسينمائيين وأبناء صناعتها على عدم إلغاء فكرة الاشتراك في فعاليات المهرجان في دورته الـ73، المقرر عقدها ما بين 12 و23 من مايو (أيار) المقبل.
وعلى نحو معذور، لا يستطيع المهرجان الفرنسي العريق تحمل تبعات أن يحتجب السينمائيون عن الحضور فيما لو مضى في خطواته المؤدية إلى إقامة الدورة فعلاً. هذا سيعني انحساراً فنياً وإعلامياً كبيراً.
لكن السؤال الحتمي هو: كيف سيُقام في موعده المحدد؟ على الأقل إذا ما كانت فرنسا هي الدولة الأوروبية الثانية في عدد الإصابات؟
حتى يوم أمس (الحادي عشر من الشهر) بلغ عدد الإصابات 1784، وعدد الذين لاقوا حتفهم حتى الآن 33 فرداً. بين الإصابات المؤكدة ما وقع في مدينة «كان» ذاتها، وفي مدن قريبة أخرى في جنوب فرنسا.
هذا ما دفع الحكومة الفرنسية للقول بأن كل تجمُّع يزيد عن ألف فرد سيتم إلغاؤه. هذا أمر قابل للتطبيق بسهولة على مهرجان «كان» الذي يؤمه عادة أربعة أضعاف هذا العدد على الأقل. أكثر من ذلك، تدرس الحكومة هناك إمكانية تخفيض عدد التجمعات في المحافل كافة إلى 500 فرد، إذا أثبتت الأيام القادمة أن الوباء ما زال قادراً على حصد مزيد من الإصابات.
غير «كان» تم إيقاف عدد من المهرجانات والمناسبات الدولية. مهرجان «البحر الأحمر» في جدة بادر لإعلان أنه لن يُقام بسبب هذا الظرف. مهرجان «ثيسالونيكي» في اليونان (الذي كان من المفترض به أن ينطلق في الخامس من هذا الشهر) ألغى حضوره هذه السنة. في إيطاليا (أكبر بلد أوروبي في عدد الإصابات المسجلة) أعلنت لجنة جائزة «ديفيد دي دوناتيللو» إلغاء مناسبتها السنوية هذا العام، وهي المناسبة التي تُقام في شهر مايو، الشهر ذاته الذي يحتضن مهرجان «كان».
- الصالات مفتوحة
بالعودة إلى لوس أنجليس، هناك حالة هدوء في كافة النشاطات. لا ذعر في الشوارع حتى من بعد إعلان ولاية كاليفورنيا حالة الطوارئ قبل ثمانية أيام. بعض الناس يرتدون الأقنعة؛ لكن هذا بات متوفراً في كل مكان، وبالنسبة ذاتها التي تقل دائماً عن واحد في المائة في المدن، و3 أو أربعة في المائة في المطارات.
صالات السينما ما زالت مشرعة الأبواب. الحضور تقريباً على حاله (هذا الأسبوع أفضل قليلاً من الأسبوع الماضي بالنظر إلى مجمل الإيرادات). العروض الخاصة التي تُقام للصحافيين والنقاد ما زالت على حالها، وبنسبة الإقبال ذاتها. المقابلات التي تجريها «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» ما زالت معقودة من دون إلغاء.
لكن ما حدث هو أن بعض الاستوديوهات قررت إرجاء عروض بعض أفلامها. فيلم جيمس بوند «لا وقت للموت» الذي توزعه «مترو - غولدوين ماير»، كان أول فيلم رئيس يتم تأجيل مواعيد عروضه، فانتقل من منتصف الشهر المقبل إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) قبل نهاية هذا العام. وأول من أمس أعلنت شركة «كولومبيا» عن تأجيل عرض فيلمها الكوميدي «بيتر رابِت 2» الذي كان مطروحاً للعرض في مطلع هذا الربيع إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. وهناك استوديوهات أخرى تفكر في اتخاذ التدابير ذاتها.
لكن المسألة ليست سهلة التطبيق. أي تأخير سيعني خسارة مالية؛ خصوصاً لتلك الأفلام التي تمتعت ببذخ إعلاني منذ عدة أشهر. كذلك فإن الانسحاب من موسم الصيف الذي تعتمد هوليوود عليه لتسجل أعلى قدر من الغنائم، لشهر لاحق، قد يضر بالأفلام تجارياً. هذا كله لجانب أنه من الصعب أن تجد الأفلام فرص عروض مناسبة بدل تلك التي قد تنسحب منها؛ لأن البرنامج ممتلئ بما فيه أساساً.
من ناحيتها، تخشى «ديزني» من اضطرارها لإغلاق مدنها الترفيهية في الولايات المتحدة وفرنسا، وهي التي قامت بإغلاق هذه الملاهي الكبيرة في كل من طوكيو وشنغهاي وهونغ كونغ.
- تضاعف
بطبيعة الحال، لا يعرف أحد ما الذي سيحدث خلال المستقبل القريب.
الأسئلة المطروحة هي: هل وباء «كورونا» سيستمر في التمدد؟ أم أن أسباب اندلاعه ستكون ذاتها أسباب انكفائه فجأة؟ أم سيستمر طويلاً ويخفق العلم في إيقافه عند أي حد؟ وإلى حين بعد.
مجلة «ذا إيكونوميست» الأسبوعية في عددها الأخير، خصت الوباء بعدد من الصفحات الممعنة في كل الاحتمالات؛ لكن افتتاحيتها أتت على ذكر بضع حقائق مزعجة. قالت: «عندما صدر العدد الماضي (من المجلة) كان عدد الدول والمناطق المصابة به وصل إلى 50 دولة. هذا الأسبوع هو في 85 دولة ومقاطعة».
أكثر من ذلك أن عدد الإصابات بات يتضاعف كل ستة أو سبعة أيام: «أكثر من 95 ألف حالة و3200 حالة وفاة».
في السينما توقعت الأفلام أوبئة قاتلة منذ عقود. المشكلة أن السياسيين لا يشاهدون أفلام الرعب والخيال العلمي.


مقالات ذات صلة

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

يوميات الشرق تتيح العروض للزوار مشاهدة الأفلام تحت السماء المفتوحة (الشرق الأوسط)

«سينما 70» تطلق عروضاً في «مهرجان التلال العجيبة» شرق السعودية

أطلقت «سينما 70» عروضها السينمائية المفتوحة في الهواء الطلق ضمن فعاليات «مهرجان التلال العجيبة» في مدينة الجبيل الصناعية (شرق السعودية).

«الشرق الأوسط» (الجبيل الصناعية)
يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.