فازت مان كور، وهي الجدة العظيمة لتسعة أحفاد ولأربعة عشرة من أبناء الأحفاد، على جائزة «قوة المرأة»، التي قدمها الرئيس الهندي رام ناث كوفيند، في «اليوم العالمي للمرأة».
بدأت مان كور مسيرتها في ألعاب القوى، عندما بلغت 93 عاماً، وفي السنوات العشر الماضية قامت بالركض لتحصد جوائز تقديرية في مختلف أنحاء العالم، حيث حصلت على أكثر من 20 ميدالية في سباقات المضمار والطريق في فعاليات «وورلد ماستر» و«أميركا ماسترز» حيث باتت أكبر من سار صعوداً تجاه قمة «سكاي تاور» في ولاية أوكلاند الأميركية عام 2017؛ فهي ترى أن المشاركة في المسابقات تمنحها الكثير من السعادة، والأمر نفسه ينطبق على معجبيها الذين لا حصر لهم، والذين يشجعونها بحماس وهي تركض.
ولأن اسم مان كور، أو «معجزة شانديغار»، كما يلقبونها، ارتبط بحركة «صحة الهند» المعنية بصحة المواطنين، فإنها كثيراً ما تُرى وهي تطهو وتغسل ثيابها وتقوم بجميع الأعمال المنزلية بمفردها؛ حيث تعيش مع ابنها الأكبر بعد وفاة زوجته.
في عمر 93 عندما كان معظم الناس يكافحون للمشي فقط، اكتشفت مان كور أن بمقدورها الركض، وكان الأمر ممتعاً لها. واليوم بلغت من العمر 103 أعوام، ولا تزال تشارك في السباقات في جميع أنحاء العالم وتحصد الميداليات في «بطولة العالم للأساتذة» وتبدو أسعد من أي وقت مضى. اللافت أن كور لم تكن يوماً من ممارسي رياضة الركض، إذ بدأتها فقط عام 2009. عندما حثها ابنها، غورديف سينغ (83 عاماً)، على ممارسة تلك الرياضة في المضمار.
يُعتبر ابنها سينغ هو مدربها ومشجعها، لكن ما الذي جعله يأخذ والدته البالغة من العمر 93 عاماً إلى المضمار؟ أجاب بأن الأمر كان مجرد نزوة، لكن دافعه كان أيضاً الرغبة في الحفاظ على لياقتها البدنية. أضاف: «كانت على ما يرام، لم تعانِ من أي مشكلات صحية، وتحركت بسرعة. لذلك اصطحبتُها إلى مضمار جامعة شانديغار، وطلبت منها الركض مسافة 400 متر. فعلت ذلك ببطء في البداية، واعتقدت أنه بإمكانها تكرار ذلك».
بعد عامين، ونظراً لتحسن أدائها، قام ابنها بتسجيل اسمها في المنافسات الدولية التي كان يشارك فيها. ووافقت كور بلا تردد، ولم تتوقف منذ ذلك الحين.
قالت الجدة: «إنها تقوم بعملية الإحماء، ثم تنطلق في سباقين بسرعة 100 متر لكل منهما، تليهما أربع سباقات بطول 30 متراً، وفي النهاية، تسير ببطء لمسافة 200 متر»، وتقول: «إذا كان الطقس سيئاً، فإني أتجه إلى صالة الألعاب الرياضية لأرفع الأثقال».
مرّت عشر سنوات على بداية مماستها لتلك الرياضة وما زالت كور تهوى الركض ولا تفكر في التقاعد وتعتقد أنها تستطيع تحسين أدائها. ويضيف ابنها: «إنها تستمتع بصحبة معجبيها بها». ففي كل مرة تشارك فيها تشعر بالفخر، لأن الناس في جميع أنحاء العالم يرون أنها مصدر إلهام». وقد ولدت كور في الهند قبل التقسيم عام 1916. وتوفيت والدتها أثناء الولادة. وتولى جديها لأبيها تنشئتها في باتيالا، وهي مملكة سابقة حلّها البريطانيون بعد استقلال الهند.
تذكرت بابتسامة عريضة أن جديها حاولا إرسالها إلى المدرسة عندما كانت صغيرة لكنها لم تكن مهتمة بالدراسة. «كنتُ ألعب كثيراً وأتغيب عن المدرسة. وكنت أعمل لبعض الوقت لكسب بعض المال». في طفولتها، تتذكر أنها كسبت القليل من المال نظير نسج البيجامات بالإضافة إلى جمع أغصان شجرة الليلك الهندي لبيعها كفرشاة أسنان طبيعية. وكانت أيضاً تطحن القمح باليد وتغزل الخيط المغزول.
في أوائل ثلاثينات القرن الماضي، وجدت عملاً مربيةً وخادمةً لإحدى ملكات المهراجا في باتيالا، وعملت في القصر لتخدم إحدى الملكات وتعتني بالأمير. تزوجت كور عام 1934، وتتذكر قائلة: «كان زوجي طباخاً، وكنتُ أقدم الوجبات في أوانٍ فضية إلى الملكات». فصول الحياة لا بد أن تكتمل، فقبل عدة سنوات كانت تعمل في قصر باتيالا خادمةً، وكانت تحصل على راتب شهري قدره 10 روبيات (أي ما يعادل 15 سنتاً اليوم)، و«بعد فوزها بالمسابقة الكندية عام 2016، دُعيت للمشاركة في سباق طوله 5 كيلومترات في باتيالا، ودُعيت لقضاء الليلة في القصر. ومن مفارقات القدر أنها مُنِحت غرفة نوم الملكة التي عملت في خدمتها».
- الروتين اليومي
يبدأ يومها نحو الساعة 5:30 صباحاً مع كوب من «الكفير»، وهو فطر هندي عبارة عن «زبادي» معزز للطاقة، ثم تتجه إلى المضمار مع ابنها الساعة 6 صباحاً. وبعد الإحماء وتمارين إطالة العضلات، تقوم بالركض مسافة 40 متراً تزيد تدريجياً إلى 200 متر، ثم تنهي التدريب قبل الساعة 7:45 صباحاً. فطورها خفيف ويتضمن فواكه موسمية، حيث تتناول وجبة الغذاء نحو الساعة 11:30 صباحاً، والعشاء الساعة 6:30 مساءً، بينما تتناول وجبات خفيفة تشمل الفواكه الجافة وعصير القمح، وترشف الماء ببطء بعد ساعة من الانتهاء من الوجبة.
استطردت الجدة الرياضية قائلة: «قل لي ماذا تأكل، أقل لك من أنت. لا تطلب الطعام من الخارج، بل قم بإعداده في المنزل. طعامنا يجري إعداده في البيت. لا نتناول الطعام المقلي والسكر نهائياً. وأثناء السفر نفضل الأرز المطهو على البخار».
الآن قد تفكر... هل تبلغ من العمر حقاً 103 أعوام؟ كور ليس لديها دليل رسمي على عمرها، ولكن أكبر أبنائها يمتلك شهادة ميلاد. فعندما تم استخرجت شهادة ميلاد طفلها قبل 83 عاماً، كانت كور تبلغ من العمر آنذاك 20 عاماً، لذا فالمسألة حسابية بسيطة.
وبينما كانت تعد وجبة غذاءها المبكرة، قالت: «لم يفت الأوان بعد لبدء شيء جديد. فقط افعل ما يجعلك سعيداً».
يتكون غذاؤها من شاباتي (خبز هندي) مصنوع من عجين القمح وطبق من العدس. وبعينين جاحظتين خلف نظارتها السميكة، تحدثت الجدة عن التحدي التالي الذي ستواجهه قائلة: «سأتم عامي 105 عندما أشارك في الركض في دورة الألعاب العالمية للماسترز 2021 في اليابان».
تقول الجدة كور التي عشقت العمل الجاد ولم تجلس بلا عمل مطلقاً، وحتى في وقت فراغها كانت تعمل في الحياكة والتطريز: «لا يزال بإمكاني أن أقوم بأعمال الإبرة والحياكة». لكن في اللحظة التي تذكر فيها الركض، يضيء وجهها، وتقول: «لا يمكنني الجلوس أو الوقوف في وضعية واحدة لفترة طويلة. حتى الأطباء يتساءلون كيف يمكن لامرأة ذات جسد مائل بسبب الشيخوخة أن تركض وأن تعمل دون عناء؟».
تحب كور السفر وتقول إنها مولعة بالمغامرة، وتعتبر بطولة «سكاي ووك» في «أوكلاند»، بنيوزيلندا سباقها المفضل لها حتى الآن. وعند سؤالها عن أفضل مكان في العالم، قالت: «أي مكان يمكنني الركض فيه»، وعن أفضل سباق لها قالت: «لقد شاركت في سباق ماراثون بطول 5 كيلومترات مع فوجا سينغ البالغة من العمر 108 أعوام، وتسابقت ميخا سنغ، البالغ من العمر 89 عاماً». تُعتبر رياضة العدو السبب الرئيسي لشهرتها، وكان من ثمار ذلك تفاعل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي دشن حركة «Fit India» مؤخراً. الجدير بالذكر أنها غير مصابة بأمراض مزمنة، وتبلغ نسبة الهيموغلوبين لديها «13+».
- دروس الحياة
إن ثمار العمل الشاق دائما حلوة، ولذلك احرص على العمل وعلى الصلاة، وعلى ممارسة الرياضة بانتظام. ما سيحدث سيحدث... لذا اتركه لله، ولا تنسى أن تشكره على النعم، وكن متواضعاً وافعل ما يجعلك سعيداً.
المرأة الأسرع في العالم في سن 103
عملت في شبابها وصيفة لإحدى ملكات الهند ونامت في غرفة الملكة بعد شهرتها
المرأة الأسرع في العالم في سن 103
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة