افتتاح معبد أمنحتب والهرم الأصغر وأبو الهول

«أهرامات الجيزة» تستعيد رونقها

تمثال أبو الهول («الشرق الأوسط»)
تمثال أبو الهول («الشرق الأوسط»)
TT

افتتاح معبد أمنحتب والهرم الأصغر وأبو الهول

تمثال أبو الهول («الشرق الأوسط»)
تمثال أبو الهول («الشرق الأوسط»)

تستعيد «أهرامات الجيزة»، إحدى معجزات الدنيا الـ7 رونقها بـ3 مشاريع أثرية، بعد انتهاء أعمال الترميم والصيانة اللازمة لها. حيث يفتتح المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء غدا (الأحد) حرم تمثال أبو الهول ومعبد أمنحتب الثاني المجاور له، كما يفتتح هرم منكاورع (الهرم الأصغر) بعد الانتهاء من صيانته وتأهيله، في إطار مشروع تطوير منطقة الأهرامات الأثرية. وتأتي التحركات المصرية في مسعى لإعادة السياحة الثقافية في البلاد إلى دائرة الضوء. في هذا السياق تستضيف مدينة الأقصر 150 صحافيا ألمانيا ضمن الاحتفال بإطلاق شركة «توي» العالمية عن برامجها الجديدة، ما يعزز فرص تداول الإعلام الألماني لمقومات وإمكانيات المقصد السياحي المصري.
وأشار بيان لوزارة الآثار حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى أن فريق الأثريين والمرممين المصريين انتهوا من أعمال الترميم والصيانة اللازمة لتمثال أبو الهول، بعد ظهور شروخ وحزوزات في بعض كتل الأحجار بالجانب الشمالي، كانت قد استخدمت في أعمال الترميم التي خضع لها التمثال في ثمانينات القرن الماضي.
وقال وزير الآثار المصري ممدوح دماطي إن أبو الهول خضع لعمليات ترميم بمنطقتي الرقبة والصدر اللتين تمثلان أضعف مناطق التمثال حيث تم عمل التقوية اللازمة لصخورهما، مشيرا إلى أن التمثال كان يعاني من التصدع الشديد لأحجاره نتيجة تأثره بعوامل التعرية ولم يتم إجراء أي أعمال ترميم له منذ عام 2010.
وأوضح الدماطي أنه تم تشكيل فريق عمل متكامل من الأثريين والمرممين والمهندسين المصريين للانتهاء من مشروع ترميم التمثال وصيانته كونه أشهر التماثيل التي نحتتها الحضارة المصرية القديمة على وجه الأرض، لافتا إلى أن المرممين استعانوا بالخرائط الفوتوغراميتية التي توضح جميع الأحجار الموجودة به سواء كانت مستخدمة في الترميم حديثا أو قديما، وقد أوضحت الخرائط أن الأحجار التي تأثرت في الجانب الشمالي من التمثال هي أحجار الترميم التي استخدمت في الثمانينات من القرن الماضي.
وقال بيان وزارة الآثار بأنه تم الانتهاء كذلك من ترميم هرم منكاورع من الداخل وعمل شبكة إنارة جديدة وتمهيد الطريق المؤدي له وذلك بعد مرور 3 أعوام على إغلاقه حيث تدار المنطقة بالنظام التبادلي بحيث يغلق هرم ويفتح هرمان كل عام ولكن نظرا لقلة الموارد المالية في الفترة الأخيرة لم يتم إنجاز مشروع صيانة الهرم خلال العام وتم إغلاقه منذ عام 2011.
وأشار الوزير المصري إلى أن افتتاح الهرم الأصغر يأتي في إطار سعي الوزارة الدائم لتطوير وصيانة المناطق الأثرية للحفاظ على قيمتها الحضارية والتاريخية، بالإضافة إلى افتتاح عدد جديد منها أمام حركة السياحة في الفترة الحالية.
وفي السياق نفسه، أقامت وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة احتفالية كبرى بالدير البحري بالأقصر بمناسبة استضافة الهيئة قرابة 150 صحافيا من أهم الصحافيين الألمان من ممثلي الصحافة العامة والسياحية ووكالات الأنباء لحضور مشروع (TUI Catalogue Presentation) المتضمن إعلان شركة توي العالمية عن برامجها الجديدة.
حضر الاحتفالية السفير محمد حجازي سفير مصر لدى ألمانيا واللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر، ومحمد جمال مدير المكتب السياحي المصري ببرلين وبعض قيادات الوزارة وهيئة تنشيط السياحة.
وجاء اختيار توي العالمية للأقصر على وجه التحديد للإعلان عن إطلاق برامجها لما تحتويه من كنوز تراثية وآثار فرعونية ولما للأقصر مكانة خاصة عند الألمان. وعلى هامش الاحتفالية استضافت الأقصر وفودا إعلامية ألمانية في الفترة من 6 - 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
وتتضمن زيارة الوفد الألماني عقد مجموعة من ورش العمل يتم خلالها شرح المقومات السياحية المصرية للصحافيين الألمان بما يعزز من فرص تداول الإعلام الألماني لمقومات وإمكانيات المقصد السياحي المصري، بالإضافة إلى إثراء تلك المعلومات من خلال رحلة تعريفية سيتم تنظيمها للصحافيين على أحد البواخر النيلية بهدف استعادة الصورة الذهنية لمصر كمقصد سياحي آمن وتعزيز الرغبة لدى السائح الألماني لزيارة مصر ورفع معدلات الحجوزات السياحية، والترويج لمنتج السياحة الثقافية وخاصة الأقصر وأسوان والرحلات النيلية والتي كانت أشد المقاصد تضررا في الفترة الأخيرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».