لوحة تصور مشهداً من الحياة ذات نهار في خان الخليلي للبيع في لندن

ضمن مزاد لـ«دار كريستيز» في شهر يونيو المقبل

لوحة «بازار خان الخليلي» للرسام الإنجليزي جون فريدريك لويس (كريستيز)
لوحة «بازار خان الخليلي» للرسام الإنجليزي جون فريدريك لويس (كريستيز)
TT

لوحة تصور مشهداً من الحياة ذات نهار في خان الخليلي للبيع في لندن

لوحة «بازار خان الخليلي» للرسام الإنجليزي جون فريدريك لويس (كريستيز)
لوحة «بازار خان الخليلي» للرسام الإنجليزي جون فريدريك لويس (كريستيز)

لطالما سحرت مباني القاهرة التاريخية أعين الفنانين، وخاصة أولئك القادمين من أوروبا وأميركا في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، سجلوا بدقة متناهية كل تفاصيل المباني والأزقة والناس، بالنسبة لهم وهم القادمون من عالم مختلف، كانت الألوان وضوء الشمس تمثل اكتشافاً حقيقياً جعلهم يرسمون كل ما وقعت عليه عيونهم. البعض منهم جنح لاستخدام الخيال لإضافة التفاصيل المثيرة، وخاصة حول حياة النساء المختبئات في البيوت، لكنهم أيضاً حرصوا على إعداد كتالوج متحرك لحياة شرقية وثرية ومختلفة.
من أشهر الفنانين الذين عاشوا في الشرق لسنوات طويلة ونقلو الكثير من مشاهده كان الإنجليزي جون فريدريك لويس الذي عاش في القاهرة نحو عشرة أعوام (1840 - 1851) وانغمس بالكامل في الحياة هناك، وكان يتجول في الشوارع والأسواق مرتدياً الملابس الشرقية، ومتحدثاً بالعربية، حاملاً معه أوراقاً وأقلاماً يرسم عليها كل ما يشده من مشاهد، ثم يحول تلك الاسكتشات للوحات زيتية في الاستوديو الخاص به.
ومن لوحاته التي صور فيها سوق خان الخليلي بالقاهرة تقدم «دار كريستيز» إحداها في مزادها للفن الاستشراقي في 18 يونيو (حزيران) المقبل بلندن. رسم لويس لوحته «بازار خان الخليلي» (سعر تقديري بين 3 و5 ملايين جنيه إسترليني) في عام 1872 في الاستوديو الخاص به في إنجلترا لتتخذ مكانها ضمن أجمل اللوحات التي نفذها الفنان معتمداً على اسكتشات رسمها أثناء إقامته في القاهرة.
أتيحت لي الفرصة لرؤية اللوحة عن قرب برفقة الخبير الفني في «دار كريستيز» أرنه إيفرواين، ودارت بيننا محادثة حول اللوحة وتفاصيلها وأهميتها في الفن الاستشراقي.
مبدئياً، اللوحة تتميز بحجمها الضخم، وأيضاً بالمنظور العميق الذي اعتمده لويس لرسم المحال على جانبي الخان. اللوحة تجذب البصر على الفور، نحن أمام مشهد حي في وسط الخان، المحال على الجانبين تحمل بضاعتها من الملابس والأقمشة معلقة على الأبواب، لكن البضاعة لا تهمنا هنا أكثر من كونها خلفية ملونة لمشهد جميل من الألفة والصحبة بين أصحاب المحال والعاملين فيها. هنا في وسط الممر بين المحال يجلس عدد من الأفراد متقابلين، بعضهم جلس على الحصير الملقى على الأرض والبعض الآخر يجلس على كراسي خشبية مرتفعة. على الأرض توجد صوانٍ ملونة عليها أكواب الشاي الزجاجية المنقوشة وأرجيلة يستقر خرطومها في يد شخص ضاحك. على الجانب طبق من الفاكهة التي تبدو وكأنها قطعت في التو. ويقف شخص على عتبة عالية أمام أحد المحال على اليمين مرتدياً ثوباً من اللون الأحمر وغطاء رأس أبيض يستقر فوق كوفية حمراء وينسدل على ثوبه، الشخص يبدو كمن يتفحص المشهد من أعلى، لكنه أيضاً طرف في تلك المحادثة التي شغلت الأفراد الجالسين أمامه.
أقول للخبير «المشهد هنا يمتلئ بالحياة، تستطيع تخيل المحادثة الضاحكة بين الجالسين والواقفين أمام المحال وبعض الناظرين من النوافذ على الجنبين، تبدو محادثة حماسية ونكاد نسمع الضحكات ترن في الخان تغلب عليها الأصوات المرتفعة بالتعليقات من هنا وهناك». يقول الخبير ايفرواين، إن لويس كان حريصاً على تصوير كل التفاصيل». وأشار إلى معلومة طريفة قائلاً «أترين الشخص الجالس على اليسار الذي يبدو غافياً خلف المقعد الخشبي؟ رسم لويس عمامته اعتماداً على وشاح ملون كان مِلكاً لزوجته». يضيف، أن لويس أضاف الكثير من التفاصيل للوحاته من خارج المفردات الشرقية، لكنه حولها إلى جزء مهم من ذلك المشهد، يقول إن الوشاح الأحمر المنقوش ظهر أيضاً في لوحات أخرى للويس، ويضيف «ليس فقط الوشاح، بل استخدم لويس قطعة أخرى من ملابس زوجته في هذه اللوحة، متمثلة في السترة الزرقاء المجملة بالفرو على يسار اللوحة، إذا نظرنا جيداً فقد نتساءل عن سبب وجود سترة غربية التفصيل في البازار الشرقي بالقاهرة».
حسب التقرير الفني المصاحب للوحة، نعرف أن البازار يقع في سوق الغورية الذي تميز ببيع الأقمشة وهو امتداد من ناحية الجنوب لخان الخليلي. ويتميز المنظر أيضاً عن لوحات لويس الأخرى التي صور فيها أسواقاً شعبية في القاهرة، بأنه قدم لوحة ضخمة تصور البازار بعمقه حتى البوابة الحجرية، وأيضاً السقف الخشبي الذي تتخلله النوافذ التي تلقي بضوء النهار على الجدران. لم يعتمد لويس على الرسم الدقيق جداً لكل تفصيل، خصوصاً فيما يتعلق بالنقوش على الجدران أو في الملابس، بل مرت فرشاته بنعومة عليها مغلفة المشهد كله بغلالة من الضوء والألوان تندمج كلها لتوفر خلفية للمشهد البديع لتلك الصحبة المرحة بين التجار.
اللوحة التي يمكن اعتبارها بمثابة مذكرات فنية بصرية للقاهرة تعكس شغف لويس بالمدينة، وتم عرضها في لندن للمرة الأولى في عام 1874 في الأكاديمية الملكية للفنون.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.