تنصيب رئاسي مزدوج في كابل... وأميركا تبدأ سحب قواتها

أشرف غني متحدياً اعتداء استهدف حفله: لا أرتدي سترة واقية ومستعد للتضحية بنفسي

غني يظهر قميصه ويؤكد عدم ارتدائه سترة واقية بعد وقوع هجوم خلال حفل تنصيبه في كابل أمس (أ.ف.ب)
غني يظهر قميصه ويؤكد عدم ارتدائه سترة واقية بعد وقوع هجوم خلال حفل تنصيبه في كابل أمس (أ.ف.ب)
TT

تنصيب رئاسي مزدوج في كابل... وأميركا تبدأ سحب قواتها

غني يظهر قميصه ويؤكد عدم ارتدائه سترة واقية بعد وقوع هجوم خلال حفل تنصيبه في كابل أمس (أ.ف.ب)
غني يظهر قميصه ويؤكد عدم ارتدائه سترة واقية بعد وقوع هجوم خلال حفل تنصيبه في كابل أمس (أ.ف.ب)

تعمّقت الأزمة السياسية في أفغانستان، أمس، مع تنصيب كل من أشرف غني وخصمه الأبرز عبد الله عبد الله نفسيهما رئيسين، في حفلين متزامنين قطعهما انفجاران على الأقل.
وعزز الصراع على السلطة بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية الأسبق عبد الله عبد الله المخاوف حيال الديمقراطية الهشة في أفغانستان في وقت أعلنت مصادر أميركية أمس بدء انسحاب القوات الأميركية من البلاد تماشياً مع الاتفاق الذي أبرمته إدارة الرئيس دونالد ترمب مع حركة «طالبان» الشهر الماضي.
وجرت الانتخابات في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن لم يتم الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية إلا الشهر الماضي بعدما تأجّل إعلان النتيجة مراراً وسط اتهامات بالتزوير.
وجرى إعلان فوز غني بهامش ضئيل بلغ نحو 12000 صوت فوق الحد الأدنى المطلوب البالغ 50 في المائة. وقد شكك فريق عبد الله في صحة 15 في المائة من إجمالي الأصوات وتعهد بتشكيل حكومته الموازية. ويتهم فريق عبد الله غني بالضغط على لجنة الانتخابات للإسراع بعملية فرز الأصوات المشكوك فيها ليتأكد من أنه سيبدأ ولايته الثانية في منصبه قبل أن يؤدي التقدم في محادثات السلام إلى تحويل مسار المحادثات إلى تقاسم السلطة مع «طالبان».
وأمس، وصل غني الذي ارتدى الزي الأفغاني التقليدي وعمامة بيضاء اللون إلى القصر الرئاسي ليؤدي اليمين محاطاً بأنصاره إلى جانب شخصيات سياسية بارزة ودبلوماسيين وكبار المسؤولين الأجانب، بمن فيهم المبعوث الأميركي للبلاد زلماي خليل زاد. وقبل دقائق وفي جزء آخر من مجمّع القصر الرئاسي الواسع، نصّب عبد الله الذي حضر ببدلة رسمية نفسه رئيساً متعهداً «بحماية الاستقلال والسيادة الوطنية وسلامة الأراضي» في أفغانستان. وفجأة، دوى صوت انفجارين بينما كان المئات يحضرون حفل تنصيب غني؛ ما دفع عدداً منهم للفرار. لكن غني تحدى الاعتداء، وقال وسط أجراس الإنذار لمن لزموا مكانهم «لا أرتدي سترة واقية من الرصاص، بل قميصي فقط. سأبقى ولو كان عليّ التضحية بنفسي». وفر الكثير من الحضور ثم عادوا إلى مقاعدهم بعد رفض غني مغادرة المنصة، حيث كان يلقي خطاباً وسط تصفيق حار. وتبنى تنظيم «داعش» الهجوم، حيث تناقلت حسابات لمتشددين على تطبيق «تلغرام» بياناً للتنظيم قال فيه، إن عناصره «استهدفوا حفل تنصيب (غني) قرب المقر الرئاسي» في كابل بعشرة صواريخ.
ويأتي الخلاف بين غني وعبد الله بينما تتفاوض الولايات المتحدة مع حركة «طالبان» التي تدعو إلى انسحاب عسكري أميركي كامل خلال الأربعة عشر شهراً المقبلة، بالإضافة إلى بدء محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان». ومن المفترض أن تستعد الحكومة الأفغانية لهذه المحادثات الآن، لكن الصراع السياسي في كابل هدد الخطط التي وضعها أولئك الذين سيبدأون المباحثات اليوم (الثلاثاء). وهناك خلاف متفاقم بين حكومة غني وفريق التفاوض الأميركي بشأن الإفراج المحتمل عن الآلاف من سجناء «طالبان» يهدد بانهيار العملية برمتها. وأثار الخلاف بين غني وخصمه قلق الكثير من الأفغان بشأن مستقبل بلدهم. وقال أحمد جاويد (22 عاماً) «لا يمكن أن يكون هناك رئيسان في بلد واحد»، داعياً إياهما «لتنحية مصالحهما الشخصية جانباً والتفكير فقط في بلدهما بدلاً من الصراع على السلطة». وصرّح لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه «بدلاً من إقامة مراسم لأداء القسم، عليهما التحدّث إلى بعضهما بعضاً لإيجاد حل».
ولم يظهر الأفغان حماسة لأي من عبد الله أو غني أو العملية الانتخابية برمّتها. وتجاهل كثيرون منهم التصويت في انتخابات العام الماضي الباهتة التي لم يطرح المرشحون خلالها الكثير من الأفكار أو المشاريع السياسية. وتعاني البلاد من ارتفاع معدّل البطالة؛ إذ يواجه خريجو الجامعات على غرار جاويد صعوبات كبيرة في الحصول على وظائف، بينما تواصل العنف باستثناء فترة الهدنة الجزئية التي استمرت أسبوعاً وسبقت الاتفاق بين «طالبان» والولايات المتحدة. وفي هجوم كان الأكثر دموية في أفغانستان منذ أسابيع، قتل مسلّحون من تنظيم «داعش» 32 شخصاً وجرحوا العشرات خلال تجمّع سياسي في كابل يوم الجمعة الماضي.
من جهتها، كثّفت «طالبان» التي اعتبرت العملية الانتخابية «زائفة ومدارة من الخارج» هجماتها ضد القوات الأفغانية والمدنيين. وقال المتحدّث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، إن تنظيم حفلي تنصيب رئاسي متوازيين يعكس أن «لا شيء أهم بالنسبة للعبيد من مصالحهم الخاصة».
وجرى الحفلان في ظل إجراءات أمنية مشددة؛ إذ تم إغلاق شوارع وأقيمت نقاط تفتيش عدة في كابل قبل ساعات على تنصيب غني وخصمه. ويرجّح خبراء بأن يؤثر النزاع الداخلي على الحكومة التي تواجه ضغوطاً في الوقت الحالي بعدما استثنيت من مفاوضات الدوحة التي تم خلالها التوصل إلى الاتفاق بين واشنطن و«طالبان». وينصّ الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهراً مقابل تقديم «طالبان» التزامات أمنية عدّة، والتعهد بعقد محادثات مع كابل. وأفاد المحلل السياسي عطا نوري، بأن السجال «سيؤثّر بشدّة على موقف الحكومة في المحادثات الأفغانية الداخلية المقبلة». وقال إن «الوحدة هي الطريقة الوحيدة (للمضي قدماً) إذا كانوا يرغبون في الفوز على طاولة المفاوضات».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.