المغرب: تقرير حقوقي يتهم الزفزافي بالتحريض على «العنف والكراهية»

TT

المغرب: تقرير حقوقي يتهم الزفزافي بالتحريض على «العنف والكراهية»

اعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، أن احتجاجات الحسيمة التي تفجرت شمال البلاد أواخر سنة 2016، عرفت استعمال العديد من التعابير التي تحرض على العنف والكراهية، وأكد أن الحراك عرف 814 احتجاجاً غالبيتها من دون ترخيص، ولم تمنع السلطات سوى احتجاجين فقط.
وقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقرير صدر الليلة قبل الماضية، حول «احتجاجات الحسيمة»، مقتطفات من خطابات ناصر الزفزافي، متزعم الحراك، التي اعتبرها تحريضاً على «العنف والكراهية»، من قبيل «یریدون أن یدخلوا الریف في مستنقع من الدماء» و«الدولة المخزنیة ترفض الریف والنظام یكره منطقة الریف».
وأكد المجلس، في تقريره، أن مثل هذا الكلام «لا يضيف شيئاً إيجابياً لتحليل المطالب والترافع حولها، بقدر ما يشكل تحريضاً على العنف والكراهية التي تعتبر ممارسات تهدد الديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان».
وقسم التقرير الاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة إلى مرحلتين؛ مرحلة أولى قال التقرير إنها مرحلة احتجاج سلمي تمتد من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2016 إلى شهر مارس (آذار) 2017، معتبراً أن التظاهر السلمي كان طويلاً، وعرف احتجاجات في الليل والنهار، وأشكالاً جديدة وغير مألوفة من الاحتجاج مثل «الطنطنة» و«اللباس الأسود»، مضيفاً أن حضور القوات العمومية في هذه المرحلة كان إما «رمزياً أو غائباً».
وأضاف التقرير أن المرحلة الثانية من «حراك الريف»، تميزت بالرشق بالحجارة، حيث كان المتظاهرون يرمون حجارة خلال محاولات الأمن فض تجمهرهم، وهي الفترة التي سجلت فيها حالة وفاة عماد العتابي وشخص آخر، دون تسجيل إصابات أخرى في صفوف المدنيين.
وأكد التقرير أن المرحلة ذاتها تميزت بـ«العنف الحاد». وقال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المتظاهرين أضرموا في هذه المرحلة النار في إقامة القوات العمومية، وسجلت أعنف محطاتها يوم 26 مارس (آذار) 2017 و20 يوليو (تموز) من العام نفسه، إذ عرفت مدينة الحسيمة أربعة احتجاجات متزامنة في أحياء متفرقة منها.
وسجل التقرير وجود 302 ألف منشور مرتبط بأحداث الحسيمة، على شبكات التواصل الاجتماعي، اعتبر 10 آلاف منها تنشر الكراهية والعنف، وأكد المجلس أن فريقاً تابعاً له تعمق في البحث في هذه المنشورات، واستنتج أنها «صادرة عن مواقع خارج المغرب، كما أن المنشورات التي لا تعكس حقيقة الحراك 19 في المائة فقط من المغرب، وتوزعت مصادر الجزء الأكبر منها بين دول بلجيكا وهولندا وألمانيا».
وعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان الترويج لمعطيات خاطئة كان «سبباً رئيسياً في نشر صورة مغلوطة عما تعرفه الحسيمة من احتجاجات، وكوّن لدى القراء صورة غير صحيحة»، مبرزاً أن التقرير جاء لكشف «الحقيقة للمغاربة ومن دون ترضيات».
وأفاد التقرير بأن أعمال الشغب والاحتجاج العنيف فوّتت الفرصة للحوار «حول مطالب ترصيد مشاريع التنمية في مواجهة ضعف التمدرس وارتفاع البطالة والنهوض بالحسيمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً»، محملاً المحتجين مسؤولية ذلك.
كما سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بـ«ارتياح عدم استخدام أي أسلحة أو وسائل نارية خلال 12 شهراً من الاحتجاجات، واستعمال المياه والقنابل المسيلة للدموع لمرات قليلة لتفريق المتظاهرين»، معتبراً أن المشاريع التي أطلقت في الحسيمة بعد الحراك تمثل «مصالحة اقتصادية، والرأي العام كان ضحية 80 في المائة من الأخبار غير الصحيحة حول الاحتجاجات».
وأشار التقرير إلى أن مطالب المحتجين تميزت بـ«الزيادة المضطردة في عناصرها وبتطور وتيرتها»، لافتاً إلى أن تأخر الحوار مع أعضاء الحكومة وشبه انعدامه مع منتخبي المنطقة لمدة 6 أشهر «أثر سلباً على منحى الاحتجاجات». وأضاف أن المحاولات الأولى للحوار «لم تعتمد على مقاربة تشاركية». وسجل المجلس أن التجاوب الفعلي للحكومة جاء في فترة كانت الاحتجاجات قد أخذت «منحى تصاعدياً»، وذلك في عتاب واضح منه للحكومة وتأخرها في التعاطي مع الملف، مضيفاً أن الحكومة اتسمت بـ«عدم الانسجام» في شأن التعامل مع أحداث الحسيمة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.