{كورونا} شاهداً على موقف روسيا من «أوبك+»

TT

{كورونا} شاهداً على موقف روسيا من «أوبك+»

أقر وزراء منظمة «أوبك» قراراً بتخفيض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يومياً، وتبين حين تبني هذا القرار أن هناك رفضاً روسياً على الاستمرار في سياسة تعميق تخفيض الإنتاج لتخفيض فائض المخزون النفطي ولتمديد فترة التخفيض.
إلا أنه نظراً للخلافات التي طرأت بين أعضاء «أوبك» والحلفاء، فقد أصبح من غير الواضح الآن ما هو مستوى الإنتاج المستقبلي لأعضاء «أوبك»، خصوصاً السعودية. الأمر الذي سيبقي الأسواق في وضع مرتبك. وتواجه الدول المنتجة تحديات ثلاثة ستؤدي إلى ضعف الأسواق وانخفاض الأسعار.
فالموقف الروسي له أبعاد سياسية واقتصادية؛ إذ يتبين أن بعض الشركات النفطية الروسية الكبرى، شركة روسنفت مثلاً، التي تتمتع بنفوذ كبير في الكرملين وذات الاستثمارات الواسعة والطاقة الإنتاجية العالية، يتضح أن هذه الشركة تحاول أقصى جهدها وضع نهاية لتكتل «أوبك» وحلفائها. إذ ترى هذه الشركة العملاقة أن هذا التكتل أخذ يضر بمصالحها الاقتصادية، نظراً لالتزام روسيا بتخفيض الإنتاج لثلاث سنوات متتالية وكذلك السنة الرابعة المقبلة. هناك تقارير إعلامية تشير إلى أن هدف «روسنفت» هو فك التعاون بين روسيا و«أوبك».
وهناك أهداف اقتصادية مختلفة بين روسيا ومعظم أقطار «أوبك». فمن ناحية تهتم موسكو بسعر النفط لدعم الروبل في التجارة الدولية، بينما تعتمد أقطار «أوبك» على سعر النفط لدعم الهيكل الاقتصادي لبلادها.
إذ إن معظم أقطار «أوبك» تعتمد على الريع النفطي كالمورد الاقتصادي الرئيسي للبلاد، خصوصاً في غياب تنويع الاقتصاد المحلي حتى الآن.
والتحدي الثاني الذي تواجهه الدول المنتجة هو مدى تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، وما الفترة الزمنية المتوقعة لامتداد وانتشار هذا الفيروس. وكما أصبح معروفاً، فالعالم يتعامل اليوم مع فيروس لا دواء ناجحاً له حتى يومنا هذا، وفيروس غير معروف الهوية. إذ لا توجد أجوبة واضحة، لا لدى الجهات الصحية الرسمية ولا منظمة الصحة العالمية. هذا التخبط في المعلومات يزيد من التباين في الآراء عند المسؤولين النفطيين. ينبع هذا الخلاف في المعلومات حول مدى استمرار الفيروس، وما آثاره على الاقتصاد العالمي.
فمن المتوقع أن تشهد الصين في عام 2020 أول انخفاض في معدل النمو الاقتصادي منذ عام 1990. وقد بادرت شركتان صينيتان بالفعل بتخفيض وارداتهما من الغاز المسال.
كما من المتوقع أن تخسر شركات الطيران العالمية نحو 113 مليار دولار في عام 2020. ولربما هنا يصح المثل الشائع، إذا أصاب الصين البرد والسعال، فستصيب الدول المجاورة الإنفلونزا، وذلك نظراً لأهمية الصين الاقتصادية على جيرانها، بل وحتى عالمياً.
فانخفاض الأداء الاقتصادي متوقع في الدول الآسيوية الناشئة المجاورة للصين، كوريا الجنوبية مثلاً.
وبدأنا نشهد مؤخراً انتشار الفيروس في أوروبا والولايات المتحدة وآثاره الاقتصادية هناك أيضاً. هذه التوقعات الطبية ستترك آثاراً اقتصادية مختلفة. لكن مع تغيب العمال والموظفين عن العمل ووضع مدن ذات أعداد سكانية مليونية تحت الحجر الصحي، تزداد الآثار الاقتصادية السلبية على النمو الاقتصادي، ومن ثم بالطبع الآثار السلبية على الطلب العالمي للنفط.
وهذا الأمر بدأ يترك بصماته على الطلب النفطي فعلاً، كما هو واضح من تدهور الأسعار وردود فعل الأسواق لأي اضطرابات جديدة على الساحة النفطية العالمية. وهذا ما حدث فعلاً الأسبوع الماضي، عند فشل الاجتماع الوزاري لمنظمة «أوبك» مع الحلفاء، خصوصاً روسيا.
فقد تدهورت الأسعار أكثر من 8 في المائة في يوم الجمعة 8 مارس (آذار)، ليصل سعر نفط برنت نحو 45 دولاراً بعد إخفاق اجتماع «أوبك» مع حلفائها. لقد جرت مفاوضات ثنائية مكثفة ومتواصلة بين السعودية وروسيا لإقناع الأخيرة بالقبول بتخفيض أكبر للإنتاج ولفترة أطول.
تواجه الأقطار المنتجة تحدياً ثالثاً في الوقت نفسه: ما مدى زيادة الإنتاج النفطي الصخري الأميركي خلال الأشهر المقبلة؟ وهنا أيضاً تختلف المعلومات والبيانات المتوفرة، ما يزيد من توسع رقعة التباين في التوقعات ضمن الدول المنتجة، ما أدى إلى الإخفاق في التوصل إلى قرار جماعي في فيينا الأسبوع الماضي.
من الواضح أن تدهور أسعار النفط العالمية ستترك أثراً سلبياً على سرعة وزيادة إنتاج النفط الصخري. فقد استفادت الولايات المتحدة من سياسات تخفيض الإنتاج للحصول على أسواق جديدة على حساب الدول المنتجة الأخرى وتحقيق الأرباح لصناعة النفط الصخري الفتية التي تتطلب خلال هذه المرحلة الاستثمارات العالية لتطوير الحقول وتشييد البنى التحتية الجديدة.
السؤال: هل سيؤثر تدهور الأسعار على مستوى إنتاج النفط الصخري الأميركي؟ من ثم ستتقلص إمدادات الصادرات الأميركية، ما سيؤدي إلى ميزان عرض وطلب أكثر توازناً، نظراً لاحتمال انخفاض الصادرات الأميركية التي استمرت تزداد سنوياً دون توقف منذ عام 2014.
كما هناك الآن تحدٍ جديد غير واضح المعالم أيضاً: ما مصير تكتل «أوبك» وحلفائها (أوبك بلاس)؟ هل سيستمر التعاون والتنسيق كما كانا عليه خلال السنوات الثلاث الأخيرة؟ أم أنهما قد أصابهما هما أيضاً فيروس كورونا؟ وفي هذه الحال، ما دواؤه؟ وهل هناك دواء له؟ من المهم والأساسي في هذه الحال مراقبة مستوى الإنتاج السعودي في ظل انفراط التحالف النفطي بين المنتجين.
- كاتب عراقي متخصص في أبحاث الطاقة



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، اليوم، تصنيف السعودية إلى «Aa3» من«A1»، مشيرة إلى جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وتستثمر المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، مليارات الدولارات لتحقيق خطتها «رؤية 2030»، التي تركز على تقليل اعتمادها على النفط وإنفاق المزيد على البنية التحتية لتعزيز قطاعات مثل السياحة والرياضة والصناعات التحويلية.

وتعمل السعودية أيضاً على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية لضمان بقاء خططها الطموحة على المسار الصحيح.

وفي الشهر الماضي، سعى وزير الاستثمار السعودي إلى طمأنة المستثمرين في مؤتمر بالرياض بأن السعودية تظل مركزاً مزدهراً للاستثمار على الرغم من عام اتسم بالصراع الإقليمي.

وقالت موديز في بيان: «التقدم المستمر من شأنه، بمرور الوقت، أن يقلل بشكل أكبر من انكشاف المملكة العربية السعودية على تطورات سوق النفط والتحول الكربوني على المدى الطويل».

كما عدلت الوكالة نظرتها المستقبلية للبلاد من إيجابية إلى مستقرة، مشيرة إلى حالة الضبابية بشأن الظروف الاقتصادية العالمية وتطورات سوق النفط.

وفي سبتمبر (أيلول)، عدلت وكالة «ستاندرد اند بورز» نظرتها المستقبلية للسعودية من مستقرة إلى إيجابية، وذلك على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية.