مصر تستعد لترميم قصر «السلطانة ملك» في القاهرة

صرح أثري صممه ألكسندر مارسيل في بداية القرن الماضي

قصر السلطانة ملك من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قصر السلطانة ملك من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تستعد لترميم قصر «السلطانة ملك» في القاهرة

قصر السلطانة ملك من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قصر السلطانة ملك من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بقبته المميزة، ونوافذه الخشبية العتيقة، وزخارفه التي تضفي على واجهته طابعاً إسلامياً، يطل «قصر السلطانة ملك» الأثري على شارع العروبة، أمام قصر البارون إمبان، بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، منتظراً بدء إجراءات ترميمه وإعادة توظيفه مرة أخرى سياحياً وأثرياً بعد إغلاقه سنوات عدة.
وبدأت وزارة السياحة والآثار المصرية إعداد الدراسات الاستشارية والتحديات التي تواجه مشروع ترميم القصر وإعادة توظيفه، قبل عرضها على اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية في جلستها المقبلة، تمهيداً لترميم القصر بشكل متكامل، وفق الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، الذي أضاف في بيان صحافي أمس: «هذا المشروع يعد إحدى الإضافات المهمة لحي مصر الجديدة لضمان استدامة الحفاظ على آثار العصر الحديث».
قصر «السلطانة ملك» زوجة السلطان حسين كامل، بناه المهندس البلجيكي إدوارد إمبان ليهديه للسلطان حسين كامل الذي رفض أخذه هدية، وأصر على شرائه، لكنه توفي قبل أن يسدد ثمن القصر، فآلت ملكيته إلى شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وتم الاتفاق على أن يؤجر القصر للسلطانة ملك، الزوجة الثانية للسلطان حسين كامل، حتى تحول إلى مدرسة في ستينات القرن الماضي، ثم تم تسجيله مبنى أثرياً ضمن الآثار الإسلامية والقبطية عام 2000، بحسب بيان مجلس الوزراء المصري أمس.
وتواصل مصر خطة تطوير القصور التراثية التي تعود لفترة حكم أسرة محمد علي، وإعادة توظيفها لاستغلالها سياحياً، على غرار قصر الحرملك بحديقة قصر المتنزه بالإسكندرية، وقصر الأمير يوسف كمال بمدينة نجع حمادي بمحافظة قنا (صعيد مصر)، وقصر الأميرة خديجة بمدينة حلوان (جنوب القاهرة) والذي تم إعادة توظيفه العام الماضي ليكون مركزاً ثقافياً وحضارياً يتبع مكتبة الإسكندرية.
إعادة توظيف هذه القصور الملكية والاستفادة من جمالها المعماري والتاريخي يعد من الأمور الإيجابية التي بدأت الدولة الاهتمام بها في تسعينات القرن الماضي، بحسب وصف الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، والمستشار الأسبق لأمين عام المجلس الأعلى للآثار، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تسبب إغلاق قصور أسرة محمد علي في مصر فترة زمنية طويلة في الحفاظ عليها من الخارج والداخل، لذلك تعد ثروة سياحية وأثرية هائلة، من الممكن أن تساهم في زيادة العائد الاقتصادي للبلاد، ولا سيما أن أمراء أسرة محمد علي كانوا يستعينون بأشهر المعماريين الأوروبيين لبناء قصورهم، وهؤلاء أدخلوا أنماطاً معمارية بديعة واستثنائية في البلاد، على غرار قصر البارون المواجه لقصر السلطانة ملك». مشيراً إلى أن «هناك سائحين يحبون قضاء أوقات استثنائية في فنادق وقصور تاريخية، وينفقون أموالاً كبيرة من أجل تحقيق هذا الغرض».
ملامح بعض الأحياء المصرية القديمة التي كانت تضم قصوراً تراثية تغيرت بعد هدم بعضها من أجل بناء أبراج سكنية شاهقة بدلاً منها، على غرار مناطق الزمالك، وجاردن سيتي، ومصر الجديدة، وفق الكسباني الذي يرى أن بعض رجال الأعمال لا يهمهم الحفاظ على التراث، لكنهم يهتمون بجمع المال فقط. مشيداً بتوجه الحكومة الحالي باستغلال هذه القصور التاريخية.
ويمزج قصر «السلطانة ملك»، الذي صممه المعماري الفرنسي الشهير ألكسندر مارسيل الطراز الإسلامي بالطراز الباروكي، ويبرز هذا المزج في التكوين الخارجي لبرجه المماثل لتكوين المئذنة، والقبة الباروكية التي تتوسط أعلى سقف بهوه الرئيسي، بجانب تصميمات الغرف الداخلية للقصر وممراته.
والسلطانة ملك شجم آفت، اسمها الحقيقي، نيري فير، تبنتها جشم آفت، وهي زوجة للخديوي إسماعيل، وتعلمت ملك الموسيقى واللغات في السراي الخديوية وتمتعت بشخصية فريدة لاهتمامها بالموسيقى والفنون، وفي سن الـ17 أصبحت الزوجة الثانية للأمير حسين كامل، أخي الخديوي إسماعيل، وكان عمره آنذاك 55 عاماً وأقيم حفل زواجهما في سراي عابدين في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1886. وتم بناء القصر في بداية القرن الماضي إبان تأسيس مدينة هليوبوليس.


مقالات ذات صلة

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

يوميات الشرق منظر عام لأهرامات الجيزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف قبر صخري بجوار الأهرامات

أعلنت بعثة أثرية تابعة لمعهد الدراسات الشرقية بأكاديمية العلوم الروسية عن اكتشاف مقبرة صخرية، يعود عمرها إلى نحو 4 آلاف عام، بالقرب من هرم خوفو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.