أفاقت إيطاليا، أمس (الأحد)، على كابوس كانت تجهد منذ أسبوعين لإبعاده عن المشهد القاتم الذي يخيّم عليها، منذ أن بدأ فيروس كورونا الجديد «كوفيد 19» يتفشّى بسرعة في محركها الاقتصادي والصناعي، ويتمدد في بقيّة أنحاء البلاد، ما دفع بالحكومة إلى إصدار مرسوم يقضي بعزل كامل إقليم «لومبارديّا» و14 محافظة يعيش فيها أكثر من 16 مليون شخص لفترة 3 أسابيع قابلة للتمديد.
وبعد أن كان مقرراً إعلان المرسوم وتفاصيله صباح اليوم (الاثنين)، اضطر رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي أن يخاطب مواطنيه في الثانية من فجر أمس، بعد أن دبّ الهلع في مدن الشمال، خاصة ميلانو التي هرع كثيرون فيها إلى محطات القطار لمغادرتها، إثر التسريبات التي بثّتها وسائل الإعلام عن تدابير منع الخروج منها إلا في حالات استثنائية.
ويقضي المرسوم بعدم جواز مغادرة «المنطقة الحمراء» الجديدة التي تغطّي مناطق الشمال الإيطالي بكاملها، وتكليف أجهزة الأمن والجيش بمراقبة نقاط العبور، وفرض غرامات على المخالفين وعقوبات تصل إلى السجن. كما ينصّ المرسوم على تمديد فترة إقفال المدارس والجامعات حتى الثالث من الشهر المقبل، ووقف أنشطة النوادي والمسابح ومراكز الترفيه ودور السينما والمسارح والمراكز الثقافية ومنع التجمعات في الأماكن العامة والسماح للمراكز التجارية بمزاولة نشاطها من الاثنين إلى الجمعة، وفرضت وجود مسافة لا تقلّ عن المتر بين زبائن المقاهي والمطاعم، وإقفالها في حال المخالفة.
ودعت الحكومة المواطنين في بقيّة أنحاء البلاد إلى التقيّد بهذه الإجراءات أسوة بمناطق الشمال التي احتجّ بعضها على صرامتها، مشكّكاً بفعاليتها، وقررت إبقاء المدارس والجامعات مقفلة خارج الشمال حتى الخامس عشر من الشهر الحالي.
وكانت وتيرة انتشار الفيروس في إيطاليا قد تسارعت بشكل كبير في الأيام الأخيرة حتى تجاوز عدد الإصابات 7300. وارتفع عدد الوفّيات إلى 366 مساء أمس (الأحد). وقبل ذلك، بلغ عدد الإصابات الجديدة 1145 في يوم واحد بين الجمعة والسبت الماضيين، ما أطلق صفّارات الإنذار في المستشفيات ومراكز العناية الصحية، خاصة في وحدات العناية الفائقة التي قال رئيس إقليم لومبارديّا إنها أوشكت على بلوغ أقصى درجات قدرتها الاستيعابية.
ومن الإجراءات التي تضمّنها المرسوم الحكومي الذي أعلن حالة الطوارئ الوطنية في جميع أنحاء البلاد، البروتوكول الصحّي الذي يطبّق عادة في حالات الحرب، والذي يقضي بإعطاء أولوية العلاج والعناية بين المصابين للأصغر سنّاً والأوفر قدرة على التجاوب والتماثل للشفاء.
وفيما كانت بعض المناطق الشمالية تحتجّ على المبالغة في تدابير العزل وما تستتبعه من إجراءات، انتشر القلق في المناطق الجنوبية التي ما زالت نسبة الإصابات فيها متدنية، مقارنة بمقاطعات الشمال، بعد أن بدأت تشهد نزوحاً كبيراً نحوها، خاصة من الطلاب والعمّال أبناء الجنوب الذين يدرسون أو يقيمون في المنطقة المعزولة.
وفي ميلانو بدت شوارع المدينة خالية من السيارات أمس (الأحد)، بينما كانت روما تشهد حركة خفيفة جداً وسط شلل في الحركة التجارية والسياحية. وللمرة الأولى منذ جلوسه في السدّة الرسولية لم يظهر البابا فرنسيس ظهر أمس كالمعتاد من نافذة مكتبه لتحيّة المحتشدين في ساحة القديس بطرس الذين تابعوا عظته عبر شاشات ضخمة كانت تنقل كلمته التي ألقاها من مكتبة الفاتيكان. وكانت الحكومة قد منعت أيضاً التجمعات في المآتم والأعراس وفرضت إجراءها بحضور عدد محدود من المشاركين.
وبعد أن ألغت شركات طيران كثيرة رحلاتها إلى مدن الشمال الإيطالي، اضطرت شركة «أليطاليا» إلى إلغاء 35 في المائة من رحلاتها الداخلية والخارجية بعد التراجع الكبير في عدد الركّاب. وفيما تنظر دول أوروبية عدة في إخضاع الوافدين إليها من إيطاليا لإجراءات صارمة، دعا رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس الحكومة الإيطالية أمس إلى منع السفر من إيطاليا إلى الخارج، تحاشياً لنشر الفيروس على نطاق أوسع في أوروبا.
عزل 16 مليون إيطالي بعد تجاوز الإصابات 7000
عزل 16 مليون إيطالي بعد تجاوز الإصابات 7000
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة