مقتل 4 من «حركة الشباب» في أحدث غارة جوية للجيش الأميركي

وسط تساؤلات حول جدوى حرب واشنطن المفتوحة في الصومال

جنود من الجيش الصومالي خلال مشاركتهم في تدريبات عسكرية خارج العاصمة الصومالية مقديشو (رويترز)
جنود من الجيش الصومالي خلال مشاركتهم في تدريبات عسكرية خارج العاصمة الصومالية مقديشو (رويترز)
TT

مقتل 4 من «حركة الشباب» في أحدث غارة جوية للجيش الأميركي

جنود من الجيش الصومالي خلال مشاركتهم في تدريبات عسكرية خارج العاصمة الصومالية مقديشو (رويترز)
جنود من الجيش الصومالي خلال مشاركتهم في تدريبات عسكرية خارج العاصمة الصومالية مقديشو (رويترز)

أعلنت قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم» أنها قتلت 4 عناصر إرهابية من حركة الشباب الصومالية المتطرفة في غارة هي الأحدث من نوعها هذا العام.
وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) مقتل القيادي الكبير في حركة «الشباب» المتطرفة الصومالية، بشير محمد محمود، الملقب بشير قرقب، في ضربة جوية أميركية جنوب الصومال. وكان قرقب عضواً في المجلس التنفيذي لحركة «الشباب» الصومالية منذ نهاية عام 2008، وفق وزارة الخارجية الأميركية و«أفريكوم». ويشتبه بتورطه في تدبير الهجوم الذي استهدف قاعدة أميركية كينية في جنوب شرقي كينيا، بداية يناير (كانون الثاني)، وأدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين. وقال الكولونيل كريستوفر كارنز المسؤول عن العلاقات العامة في قيادة أفريقيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، ردّاً على سؤال عن تقارير صحافية أعلنت مقتل قرقب أن «الغارة الجوية التي قتلت هذا الإرهابي كانت في 22 فبراير (شباط)». وأضاف: «كان بشير محمد محمود قائد عمليات من الدرجة الأولى، كما كان عنصراً مهماً في جماعة الشباب منذ أكثر من عقد». وتابع أن «هذا الشخص أدى دوراً في تخطيط وتوجيه العمليات الإرهابية في الصومال ومنطقة الحدود الكينية، بما في ذلك دور مُفترَض في الهجوم على خليج ماندا». وقالت «أفريكوم» في بيان لها من مقرها في مدينة شتوتغارت الألمانية إنها شنت بالتنسيق مع حكومة الصومال غارة جوية استهدفت معسكراً للشباب في جاندارش التابعة لمحافظة شبيلي السفلى، مشيرة إلى أن تقييمها الأولي خلص إلى أن هذه الغارة أسفرت عن مصرع أربعة إرهابيين، من دون مقتل أو إصابة أي مدني. وهذه ثالث غارة جوية من نوعها خلال أسبوع، يشنها الجيش الأميركي ضد عناصر الحركة المتطرفة والضربة الحادية والعشرون منذ بداية العام، بعد توجيه 64 ضربة عام 2019 و43 عام 2018، وفق إحصاء أجرته منظمة «نيو أميركا».
ونقل البيان عن الجنرال ميغيل كاستيلانوس، نائب مدير العمليات، بالقيادة الأميركية في أفريقيا قوله إنه «بينما تسعى حركة الشباب إلى ترويع مواطني الصومال، فإننا نظل ملتزمين بجهودنا لمساعدة الحكومة الصومالية». وبعدما اعتبر أن «الشباب عدو مشترك»، تعهد بأن «تستمر هذه الضربات الجوية في إضعاف (حركة الشباب) ودعم الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة». وقال إن بلاده تعمل في الصومال عن كثب مع شركائها الدوليين في جهود تطوير قطاع الأمن، والتي تشمل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وبعثة الاتحاد الأفريقي، ودول أخرى مساهمة بقوات. وأضاف «معاً، ما زلنا ملتزمين بالتقدم الذي تقوده الصومال في تحسين الظروف لقوة الأمن الوطني الصومالية المدربة تدريباً جيداً والتي يمكنها تحمل الأمن والحفاظ عليه داخل البلاد». ورأى الجنرال كاستيلانوس أن «قدرات الولايات المتحدة ونفوذها ومصداقيتها توفر ما وصفه بالدعم الحاسم للجهود الصومالية، بما في ذلك المساعدة في تنسيق مشاركة الشركاء الدوليين الآخرين». وقالت «أفريكوم» إنها تدرك مع شركائها الدوليين أن الاستقرار في الصومال لن يتحقق من خلال الوسائل العسكرية البحتة، مشيرة إلى أنها تعمل لتهيئة الظروف الأمنية لتعزيز الحكم والتنمية الاقتصادية. ولفتت إلى ارتباط جهود التعاون الأمني لها بشكل وثيق بالمبادرات السياسية والاقتصادية للسفارة الأميركية في الصومال التي تستهدف الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار.
ويعلن «البنتاغون» بشكل شبه يومي شنّ ضربات جديدة ضد حركة الشباب، من دون أن يظهر ذلك تأثيرا على قدرة الحركة على زعزعة البلاد في خضمّ ما يبدو أنها «حرب بلا نهاية» تخوضها الولايات المتحدة.
ومؤخرا، اعتبر قائد قوات المشاة الأميركية في أفريقيا الجنرال روجر كلوتير أن حركة «الشباب تمثل أحد أكبر التهديدات الأكثر جدية في القارة، فهي تطمح لمهاجمة بلدنا»، وأضاف في مؤتمر عبر الهاتف بالبنتاغون أنه يجب «أن نتعامل جديا مع الخطر الذي تمثله... لهذا نحن نركز عليها».
وتعليقا على الضربات الأميركية ضد الجماعات الجهادية في ليبيا والصومال، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إن «هذا ما نسميه جزّ العشب»، وأضاف «يعني ذلك أنه بين الحين والآخر، يجب القيام بأشياء مشابهة للحفاظ على السيطرة وضمان ألاّ يزيد الخطر ويعاود الظهور».
وتقول التقديرات إن عدد مقاتلي الشباب يتراوح بين 5 و9 آلاف، وإذا تمسكت الولايات المتحدة بهذا النهج، أي القضاء على مقاتل أو اثنين يوميا، فسيتطلب التغلب على الحركة 13 عاما على الأقل. أي أنها ستتحول إلى «حرب بلا نهاية» من الصنف الذي يمقته الرئيس دونالد ترمب. وفي أول تقرير أعلن للرأي العام حول العملية العسكرية الأميركية في الصومال، نشر في الشهر الماضي، ذكّر المفتش العام لوزارة الدفاع غلين فاين بأن مهمة «أفريكوم» هي أن تقوم «في أفق 2021 بإضعاف (حركة الشباب) و(تنظيم داعش) في الصومال والجماعات المتطرفة الأخرى في شرق أفريقيا، بحيث تصير عاجزة عن الإضرار بمصالح الولايات المتحدة».
وأضاف مكتب المفتش العام، وهو هيئة مستقلة في البنتاغون، أنه «رغم الضربات الأميركية المتواصلة والدعم الأميركي للقوات الأفريقية الشريكة، يبدو أن (حركة الشباب) تمثل تهديدا متصاعدا، وتسعى إلى استهداف الأراضي الأميركية». ولدى النواب الأميركيين مخاوف من غياب نتائج ملموسة لهذه الحرب التي تتم عبر الطائرات المسيّرة ومجموعة صغيرة من قوات النخبة في الميدان. لكن قائد «أفريكوم» الجنرال ستيفن تاوسند دافع عن الاستراتيجية الأميركية، وقال لدى سؤاله نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي حول الضربات شبه اليومية التي تبدو بلا جدوى: «لا أظن أنها عقيمة»، مضيفا «نسعى لخفض قدراتهم». إلى ذلك، قضت محكمة الجيش الصومالي أمس، بالسجن لمدة عشرة سنوات على أحد عناصر ميليشيات الشباب، تم اعتقاله في مدينة مركا بداية العام الماضي وبحوزته قنبلة، بينما لقي قائد عمليات حركة الشباب في كينيا مصرعه خلال غارة أميركية استهدفت مدينة ساكو في إقليم جوبا الوسطى بولاية جوبالاند جنوب الصومال الحدودية مع كينيا، خلال الشهر الماضي. وقالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية إن القيادي البارز من «ميليشيات الشباب» المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» الذي يدعى بشير دودبلي، كان رئيس هيئة أركان ميليشيات الشباب وقائد عملياتها في كينيا، والمسؤول عن الهجمات على قواعد الجيش. وكشفت مصادر في الجيش الصومالي النقاب أن مقتل بشير جاء نتيجة تعاون بين مخابرات الجيش وقيادة أفريكوم الأميركية، مشيرة إلى أن الجيش الصومال تمكن بدعم من الشركاء الدوليين، في تقويض قدرات ميليشيات الشباب بعد سلسلة غارات وهجمات متوالية بالإضافة إلى سلسلة من العمليات البرية. وكانت كينيا التي تنشر مع إثيوبيا قوات في الصومال في إطار قوة حفظ السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي، قد اتهمت الصومال الأسبوع الماضي بانتهاك أراضيها وطالبتها بالتوقف عن هذه الانتهاكات، في عداء متصاعد تقول واشنطن إنه يقوض الحرب على حركة الشباب. وحذرت الولايات المتحدة مؤخرا من أن هذه الصراعات تصرف الانتباه عن الحرب على الحركة المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة» التي تحارب الحكومة الصومالية المعترف بها دوليا منذ 2008. وتشن الحركة هجمات منذ سنوات في كينيا لدعمها الحكومة الصومالية، كما تقاتل من أجل السيطرة على الصومال، حيث تسيطر على مناطق شاسعة في جنوب ووسط البلاد.


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.