«سباق شرعية» للاستحواذ على البعثات الدبلوماسية الليبية

«الوفاق» تلوّح بالقضاء الدولي بعد فتح حكومة الشرق سفارة في دمشق

TT

«سباق شرعية» للاستحواذ على البعثات الدبلوماسية الليبية

دخلت المعارك الجانبية بين القوتين المتنازعتين في ليبيا، حيز الحرب الدبلوماسية، إذ تخطط الحكومة المتمركزة في مدينة البيضاء بـ(شرق البلاد) إلى «فرض حصار» على المجلس الرئاسي وحكومته «الوفاق» التي تحظى بدعم أممي، بعد افتتاح حكومة الشرق سفارة ليبيا في العاصمة السورية دمشق، الأربعاء الماضي، وهو الإجراء الذي استقبلته وزارة الخارجية التابعة لـ«الوفاق» بالشجب والإدانة، ورأت أنه يخالف قرارات مجلس الأمن.
هذه الخطوة أثارت ردود فعل وتساؤلات كثيرة، عن وضعية البعثات الدبلوماسية الليبية في العالم، ومدى تبعيتها لهذا الفريق أو ذاك، في ظل انقسام حاد، لكن دبلوماسيين وسياسيين ونواباً تباينت آراؤهم، فمنهم من رأى أن «الوفاق» هي صاحبة الولاية عن البعثات، في حين ذهب آخرون إلى أن الحكومة في شرق ليبيا، ستتجه لمحاصرة سلطات غرب ليبيا.
المذكرة التي وقعتها حكومة البيضاء مع السلطات السورية، بإعادة افتتاح مقار بعثتها الدبلوماسية في دمشق، نظر إليه السفير الليبي السابق محمد القشاط، على أنه خطوة جيدة، وقال إن الجانبين يواجهان عدواً مشتركاً يعتدي على سيادة أراضيهما، في إشارة إلى تركيا. وأضاف القشاط لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإجراء «يجب أن يستكمل بمزيد من سياسات التطويق والحصار الدبلوماسية»، داعياً إلى ضرورة التحرك سريعاً لمحاصرة السياسات التي يضطلع بها تنظيم الإخوان المسلمين الدولي في أكثر من دولة لتشويه صورة (الجيش الوطني)، لكن الناطق باسم وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق محمد القبلاوي، اعتبر تسليم سوريا السفارة الليبية لحكومة شرق ليبيا سطوا على الممتلكات الليبية ومخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن.
وتوعد القبلاوي في تصريحات لفضائية «ليبيا الأحرار» التي تبث من تركيا أنهم سيتوجهون إلى القضاء الدولي ومخاطبة مجلس الأمن ولجنة العقوبات في حال عدم امتثال «النظام السوري» بالعدول عن قرار تسليم السفارة.
بدوره، وصف مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير حسين هريدي، فتح حكومة الشرق الليبي للسفارة بدمشق بـ«الخطوة بالذكية»، التي أحرجت نظيرتها في غرب ليبيا المتحالفة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «تلك الخطوة قد يتبعها توقيع البلدين لأكثر من اتفاقية على صعيد التعاون في مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري والدفاع المشترك، والتبادل التجاري بين البلدين، وتبادل الخبرات في مجالات عدة».
ودعت حكومة «الوفاق» مجلس الأمن ولجنة العقوبات إلى «اتخاذ التدابير اللازمة»، لوقف قرار تسلم السفارة، لكن مساعد وزير الخارجية المصري السابق قلل من احتمالية أن يؤدي تقدم «الوفاق» بشكوى إلى جهة دولية لعرقلة مذكرة التفاهم بين الحكومتين الليبية والسورية، أو أن يترتب على ذلك أي آثار سياسية أو قانونية.
وتابع: «الاعتراض يستهدف تسجيل المواقف وخدمة الطرف التركي الذي من المتوقع أن يقوم بدعم هذه الشكوى بالتنسيق مع قطر»، مستكملاً: «ستجد الحكومة المؤقتة صعوبة إذا ما قررت تكرار هذا التجربة، وإقناع حكومات أخرى بتبادل التمثيل الدبلوماسي معها»، وأرجع ذلك إلى أن «الاعتراف الأممي بالمجلس الرئاسي يحول دون ذلك».
وتمسك النائب أبو بكر أحمد سعيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجموعة النواب المنشقين عن برلمان شرق البلاد برفض الإجراء الذي اتخذته حكومة الشرق، وقال: «حكومة (الوفاق) تتمتع دون غيرها بالاعتراف الدولي كممثل للدولة والشعب الليبي، وبالتالي فإن تبعية السفارات والقنصليات والمندوبيات الليبية بالخارج تتبعها بشكل مباشر».
واعتبر في تصريح لـ«لشرق الأوسط» عملية تسليم النظام السوري مقر سفارة ليبيا بدمشق لحكومة الشرق الليبي «سابقة مخالفة لكافة الأعراف الدبلوماسية والسياسية وقرارات مجلس الأمن القاضية بعدم التعامل مع الأجسام الموازية للحكومة الشرعية والمعترف بها».
وفي مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن صبري بركة، سفير ليبيا لدى جمهورية غينيا كوناكري، انشقاقه عن حكومة «الوفاق». ونقلت وكالة (نوفا) الإيطالية عن بركة قوله: «إنه انشق عن حكومة الوفاق الوطني بطرابلس، بسبب بيعها ليبيا إلى الاستعمار العثماني، وأنا أدعم الحكومة الليبية المؤقتة والجيش الوطني الليبي»، كما أعلن سفير ليبيا لدى النيجر، عبد الله بشير، انشقاقه عن حكومة «الوفاق»، مؤكدا تأييده لـ«الجيش الوطني».
وقال رئيس منظمة سلفيوم للدراسات والأبحاث في ليبيا، جمال شلوف، إن أغلب السفارات الليبية والبالغة 110 سفارات تتبع حكومة «الوفاق»، وكذلك الحال فيما يتعلق بالبعثات الليبية للمنظمات الدولية والتي تتجاوز العشر بعثات ما بين بعثة ليبيا للأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية أو بعثتها للاتحاد الأوروبي وكذلك الجامعة العربية.
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قيادات (الوفاق) لا تعتمد على معايير التمثيل الجغرافي أو السكاني أو عنصر الكفاءة والخبرة عند منح وتعيين المناصب بالسلك الدبلوماسي بالسفارات، وإنما على الولاء لها فقط لتضمن استمرارية هؤلاء وعدم إعلان الانشقاق عنها فيما بعد»، لافتا إلى أن «المناصب يتم توزيعها على أنصار وداعمي حكومة (الوفاق) وتحديدا من التابعين لقيادات الفصائل المسلحة المتحالفة معها وأذرعها السياسية، وبالتالي ليس هناك اهتمام بمصالح الرعايا الليبيين في الخارج».
غير أن السفير الليبي السابق رمضان البحباح، حذر من «مخاطر استمرار تبعية أغلب السفارات لحكومة (الوفاق) باستثناء بعض السفارات المحدودة في أفريقيا»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «السفراء والدبلوماسيون التابعون للمجلس الرئاسي ينقلون انطباعات خاطئة عن الجيش، باعتباره ميليشيا عسكرية، وقيادته جنرالات متمردة أمام المجتمعات والمنظمات الدولية». وانتهى إلى أن «الأمر برمته ليس محسوبية أو علاقات بقيادات الفصائل، بقدر ما هو ارتباطه بالإنفاق المالي»، فـ«أغلب السفراء والدبلوماسيين، حتى أبناء المنطقة الشرقية وإن كانوا غير مؤدلجين، فإنهم يبحثون عن رزقهم، و(الوفاق) هي من تملك المال عبر عائدات النفط».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.