112 عاماً من الصحافة السعودية في موسوعة «كتاب العربية»

بانوراما تاريخية رصدت الأعداد الأولى من الجرائد والمجلات

112 عاماً من الصحافة السعودية في موسوعة «كتاب العربية»
TT

112 عاماً من الصحافة السعودية في موسوعة «كتاب العربية»

112 عاماً من الصحافة السعودية في موسوعة «كتاب العربية»

الأعداد الأولى من الصحف والمجلات في المملكة العربية السعودية، هي بانوراما تاريخية، تبرز التنوع الكبير في طبيعة هذا المطبوعات التي تنوعت ما بين: الأدب، والسياسة، والدين، والشباب... تساؤلات عديدة مثل: متى ظهرت أول مطبوعة سعودية؟ وما المحتوى الذي كان يقدم بالصحف والمجلات الصادرة داخل المملكة؟ وما الدور الذي لعبته الصحافة والطفرة التي شهدتها عقب توحيد البلاد السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود؟ نجد لها إجابات في أضخم موسوعة عن الصحافة السعودية، تصدرها «المجلة العربية» التي يرأس تحريرها المؤرخ والكاتب محمد السيف، بعنوان «أوائل الأعداد من الصحف والمجلات السعودية»؛ حيث توالي المجلة التابعة لوزارة الثقافة السعودية طبعها، ضمن سلسلة «كتاب العربية». ولاقت الموسوعة إقبالاً كبيراً في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي انتهت دورته فبراير (شباط) الماضي.
صدرت الموسوعة في عهد رئيس التحرير الأسبق الدكتور عثمان الصيني، وقام بجمع المادة وتصوير الصحف الدكتور محمد باجودة، مدير مكتبة الحرم المكي الشريف، وقدم لها الأديب عبد الفتاح أبو مدين، مؤسس ورئيس تحرير مجلة «الرائد».
وتبرز الموسوعة التنوع الكبير في طبيعة المطبوعات، ما بين: أدبية، وسياسية، واجتماعية، ودينية، أو جامعة، وأيضاً مرات الإصدار، سواء أسبوعية، أو شهرية، أو يومية... ولم تشر الموسوعة للتجارب الصحافية التي خاضها سعوديون خارج المملكة، أو بلغات غير العربية قبل تأسيس المملكة، إذ إن هناك كثيراً منها.
وبحسب الموسوعة فإن «الحجاز» هي أول صحيفة بمكة المكرمة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1908، وكانت أسبوعية، وصدرت باللغتين العربية والتركية.
وتركز الموسوعة على الصحف التي صدرت عقب تأسيس المملكة العربية السعودية، في عهد الملك المؤسس عبد العزيز؛ إذ صدر كثير من الصحف، وأولها كانت «أم القرى»، التي لا تزال تصدر حتى الآن كصحيفة رسمية. وترصد الموسوعة تحول الصحافة السعودية من صحافة مستقلة إلى نظام المؤسسات الصحافية الأهلية، ثم التحول إلى نظام المؤسسات الصحافية الجديد عام 2001.
أما صحيفة «القِبلة» فصدرت عام 1916، باعتبارها جريدة دينية سياسية اجتماعية، تحت شعار: «وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه»، في حين تضمن العدد الأول من صحيفة «أم القرى» الصادر في أربع صفحات في 12 ديسمبر (كانون الأول) 1924 بلاغاً بأمر سلطاني، هو بمثابة دستور للحكم وللبلاد، ينص على الحقوق والواجبات كـ«عقد اجتماعي» بين الحاكم والمحكوم، ويبشر فيه الملك الراحل بنصره الحق ونصره المظلومين والتزام حدود الله.
هناك أيضاً صحيفة «الفَلاح» بمكة المكرمة التي صدرت عام 1920 في 4 صفحات، لصاحبها ورئيس تحريرها عمر شاكر. وتشير الموسوعة إلى أنها صدرت لأول مرة في دمشق عام 1919، وشعارها «حي على الفلاح»، وطبيعتها عربية جامعة، تصدر مرتين أسبوعياً. وفي الترويسة الخاصة بها تشير الصحيفة إلى أن الرسائل ترسل خالصة الأجر. وجاء المقال الرئيسي فيها عن الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي: «سوريا بركان يثور... الثورة تتمخض في بلاد العرب».
وذكرت الموسوعة أنه في عام 1928 صدرت صحيفة «الإصلاح» كجريدة دينية علمية اجتماعية أخلاقية، تصدر مرتين شهرياً عن «المطبعة الماجدية» بمكة المكرمة، في 24 صفحة، وتضمنت مقالاً لمحمد حامد الفقي، أحد علماء الأزهر، رئيس شعبة الطبع والنشر بمكة المكرمة حينها.
الموسوعة أشارت إلى أن غالبية الصحف في البدايات صدرت في مكة المكرمة، ومنها أيضاً «صوت الحجاز» التي صدرت عام 1932 أسبوعياً، من 8 صفحات عن «المطبعة السلفية». أسسها محمد صالح نصيف، ورأس تحريرها عبد الوهاب إبراهيم آشي، وعرفت بأنها «وطنية جامعة»، وهي امتداد لصحيفة «بريد الحجاز»، واستمرت مع تغيير اسمها إلى: «البلاد السعودية». وضمنت النسخة المصورة للعدد الأول عمودين لحوادث الشرق والغرب، وآخرين لانتخابات الرئاسة في ألمانيا، وما إذا كان هتلر سيفوز، وعمودين آخرين للأخبار المتفرقة من العالم، وعمودين لأخبار العالم الإسلامي. وتنوع محتوى الجريدة بين العلم والأدب والتاريخ والاجتماع، وأخبار الرحالة الإنجليز في الصحراء العربية، والزراعة، والرياضة، والأخبار الطريفة.
وتعتبر مجلة «المنهل» من أهم المطبوعات التي صدرت في المدينة المنورة عام 1937، وهي مجلة شهرية أدبية لصاحبها عبد القدوس الأنصاري، وصدر عددها الأول في 36 صفحة، وجاء في المقال الافتتاحي لها أنها «أول مجلة أدبية ثقافية من نوعها تصدر بالحجاز في عهد الملك عبد العزيز آل سعود» وتشير المجلة إلى أنها تسلط الضوء على الأدب الحجازي الحديث الذي ذاع صيته، باعتباره مهد الأدب العربي وموطنه الأول. وتبرز المجلة سياستها التنويرية التحريرية، وأن الأدب ليس أداة تسلية، أو فن لهو، وتمضية للوقت؛ بل إنه أسمى الفنون الحية التي تنهض الأمم وتنعشها، وكم للأديب المخلص من أثر فعال في ترقية مستوى الأمة الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والعمراني معاً.
ومن الرياض، وبحسب الموسوعة، صدرت «اليمامة» عام 1953 كصحيفة أسبوعية جامعة، تصدر شهرياً، في 44 صفحة، برئاسة تحرير حمد الجاسر، ثم تحولت فيما بعد لمجلة، ولا تزال تصدر. تضمن العدد الأول مقالات دينية لنخبة من العلماء، ومقالات أدبية واجتماعية، ومنهم ناصر المنقور، وشكيب الأموي، وتضمن مقالات تنويرية، ودراسات أدبية ونقدية، ومقالة طبية للدكتور يوسف الحميدان، ومجموعة قصائد لشعراء معاصرين من المملكة.
وفي الدمام، صدرت «أخبار الظهران» نهاية عام 1954. وهي صحيفة أسبوعية جامعة، وخرج عددها الأول في 4 صفحات، وكان رئيس تحريرها عبد الله الملحوق.
أما في الخُبر، فصدرت «الإشعاع» عام 1955 كمجلة شهرية أدبية اجتماعية، في 42 صفحة، لصاحبها ورئيس تحريرها سعد البواردي. وتضمن العدد الأول مجموعة متنوعة من المقالات والقصائد والقصص القصيرة، ومقالاً بعنوان «غرام البحيرة» عن الشاعر الفرنسي لامارتين وقصة حبه، وباباً للتحليل والنقد الأدبي، وآخر لبريد القراء، وثالثاً بعنوان «فكاهات»، وهي في هذا النهج تتبع نهج الصحف والمجلات الأدبية التي كانت تصدر منذ بدايات القرن العشرين في الشام ومصر؛ حيث كانت تخصص باباً للفكاهة والطرائف، بجانب المحتوى الأدبي الرصين. وتضمنت إعلانات عن دواوين شعرية.
وفي جدة، صدرت في العام نفسه: «الإذاعة السعودية» كمجلة شهرية، لعرض البرامج التي تقدم في الإذاعة، مع صفحات باللغتين الأردية والإندونيسية، وكان يرأس تحريرها فهد العباسي. وتضمن العدد الأول مقالاً عن افتتاح عمارة المسجد النبوي الشريف، ومقالاً بعنوان «تحية إلى الذين صنعوا تاريخنا» بجانبه صورة للملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس المصري جمال عبد الناصر، يوقعان اتفاقية الحلف المصري السعودي، ومقالات في السياسة والعلوم والتاريخ والأدب والصحة والاقتصاد، وعروضاً للكتب.
الموسوعة أوضحت أن مجلة «الرائد» صدرت عام 1959 في جدة، وضمت مقالاً لعميد الأدب العربي طه حسين، ومقالاً لهشام ناظر، وشعراً لعبد السلام هاشم حافظ، وحرصت على وجود صورة لكل كاتب في صدر مقاله.
وفي عام 1960 صدرت صحيفة «عكاظ» لتعنى بشؤون الفكر والمجتمع بمدينة جدة في 8 صفحات، بينما صدرت مجلة «رابطة العالم الإسلامي» عام 1963 من مكة المكرمة كمجلة شهرية، تعنى بالشؤون الدينية والثقافية والأدبية.
وفي عام 1964 صدرت صحيفة «المدينة» لتكون يومية إخبارية جامعة من جدة، وتقع في 8 صفحات، تبعها صدور صحيفة «اليوم» من الدمام، لتكون إخبارية يومية.
وفي عام 1966 صدرت صحيفة «الرياض» عن مؤسسة «اليمامة» الصحافية في 6 صفحات.
وفي عام 1978، صدرت صحيفة «الشرق الأوسط» في لندن بجهود الناشرين هشام ومحمد علي حافظ، وخرج العدد الأول في 12 صفحة، وكانت يومية ما عدا الأحد.
وفي عام 1987 صدرت صحيفة «الرياضية»، وصحيفة «الاقتصادية» عام 1992، عن «الشركة السعودية للأبحاث والنشر»، كما صدرت صحيفة «الوطن» عام 2000 في أبها، والتي تكلف تأسيسها آنذاك 230 مليون ريال سعودي.
وفي 2005 أطلقت صحيفة «الحياة» اللندنية ثلاث طبعات سعودية، للمرة الأولى منذ تأسيسها على يد كامل مروة عام 1946.
وصدرت صحيفة «شمس» عام 2005، وهي يومية شبابية متنوعة من الرياض.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
TT

كيف تؤثر زيادة الإنفاق على إعلانات الفيديو في اتجاهات الناشرين؟

شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)
شعار «يوتيوب» (د. ب. آ.)

أثارت بيانات عن ارتفاع الإنفاق الإعلاني على محتوى الفيديو عبر الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي، تساؤلات حول اتجاهات الناشرين في المرحلة المقبلة، لا سيما فيما يتعلق بتوجيه الطاقات نحو المحتوى المرئي بغرض تحقيق الاستقرار المالي للمؤسسات، عقب تراجع العوائد المادية التي كانت تحققها منصات الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة «لاب» LAB، وهي هيئة بريطانية معنية بالإعلانات عبر الإنترنت، كانت قد نشرت بيانات تشير إلى ارتفاع الإنفاق الإعلاني على الفيديو في بريطانيا خلال الربع الأول من عام 2024، وقدّر هذا النمو بنحو 26 في المائة مقارنة بالتوقيت عينه خلال العام الماضي، حين حققت الإعلانات عبر الفيديو عوائد مالية وصلت إلى 4.12 مليار جنيه إسترليني داخل المملكة المتحدة وحدها. وتتوقّع بيانات الهيئة استمرار النمو في عوائد الإعلانات في الفيديو حتى نهاية 2024، وقد يمتد إلى النصف الأول من 2025.

مراقبون التقتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا الاتجاه قد ينعكس على خطط الناشرين المستقبلية، من خلال الدفع نحو استثمارات أوسع في المحتوى المرئي سواءً للنشر على المواقع الإخبارية أو على «يوتيوب» وغيره من منصّات «التواصل».

إذ أرجع الدكتور أنس النجداوي، مدير جامعة أبوظبي ومستشار التكنولوجيا لقناتي «العربية» و«الحدث»، أهمية الفيديو إلى أنه بات مرتكزاً أصيلاً لنجاح التسويق الرقمي. وحدّد من جانبه طرق الاستفادة من الفيديو لتحقيق عوائد مالية مثل «برامج شركاء (اليوتيوب) التي يمكن للناشرين من خلالها تحقيق أرباح من الإعلانات المعروضة في فيديوهاتهم».

وعدّد النجداوي مسالك الربح بقوله: «أيضاً التسويق بالعمولة عن طريق ترويج منتجات أو خدمات من خلال الفيديوهات والحصول على عمولة مقابل كل عملية بيع عبر الروابط التي تُدرج في هذه الفيديوهات... أما الطريقة الأخرى - وهي الأبرز بالنسبة للناشرين - فهي أن يكون المحتوى نفسه حصرياً، ويٌقدم من قبل مختصين، وكذلك قد تقدم المنصة اشتراكات شهرية أو رسوم مشاهدة، ما يوفر دخلاً مباشراً».

ومن ثم حدد النجداوي شروطاً يجب توافرها في الفيديو لتحقيق أرباح، شارحاً: «هناك معايير وضعتها منصات التواصل الاجتماعي لعملية (المونتايزيشن)؛ منها أن يكون المحتوى عالي الجودة من حيث التصوير والصوت، بحيث يكون جاذباً للمشاهدين، أيضاً مدى توفير خدمات تفاعلية على الفيديو تشجع على المشاركة والتفاعل المستمر. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بسياسات المنصة».

ورهن نجاح اتجاه الناشرين إلى الفيديو بعدة معايير يجب توفرها، وأردف: «أتوقع أن الجمهور يتوق إلى معلومات وقصص إخبارية وأفلام وثائقية وتحليلات مرئية تلتزم بالمصداقية والدقة والسرد العميق المفصل للأحداث، ومن هنا يمكن للناشرين تحقيق أرباح مستدامة سواء من خلال الإعلانات أو الاشتراكات».

في هذا السياق، أشارت شركة الاستشارات الإعلامية العالمية «ميديا سينس» إلى أن العام الماضي شهد ارتفاعاً في استثمارات الناشرين البارزين في إنتاج محتوى الفيديو، سواء عبر مواقعهم الخاصة أو منصّات التواصل الاجتماعي، بينما وجد تقرير الأخبار الرقمية من «معهد رويترز لدراسة الصحافة» - الذي نشر مطلع العام - أن الفيديو سيصبح منتجاً رئيسياً لغرف الأخبار عبر الإنترنت، وحدد التقرير الشباب بأنهم الفئة الأكثر استهلاكاً للمحتوى المرئي.

من جهة ثانية، عن استراتيجيات الاستقرار المالي للناشرين، أوضح أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «العين الإخبارية» وشبكة «سي إن إن» الاقتصادية، أن العوائد المالية المستدامة لن تتحقق بمسلك واحد، بل إن ثمة استراتيجيات يجب أن تتضافر في هذا الشأن، وأوضح أن «قطاع الإعلام يواجه تغيّرات سريعة مع تزايد المنافسة بين المنصّات الرقمية وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل (ميتا) و(غوغل) وغيرهما، كما تواجه هذه السوق تحدّيات كبيرة تتعلق بالاستقرار المالي واستقطاب المستخدمين، فلم يعد الاعتماد على نماذج الدخل التقليدية (سائداً)... وهو ما يفرض على وسائل الإعلام البحث عن طرق جديدة لتوفير الإيرادات وتقديم محتوى متميز يجذب الجمهور».

كذلك، أشار العلوي إلى أهمية الاعتماد على عدة استراتيجيات لضمان الاستقرار المالي لمنصات الأخبار. وعدّ المحتوى المرئي والمسموع إحدى استراتيجيات تحقيق الاستقرار المالي للناشرين، قائلاً: «لا بد من الاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع، سواءً من خلال الإعلانات المُدمجة داخل المحتوى، أو الاشتراكات المخصصة للبودكاست والبرامج الحصرية، لكن التكيّف مع التغيرات السريعة في سوق الإعلام يدفع وسائل الإعلام لتطوير وتنويع مصادر دخلها، لتشمل عدة مسارات من بينها الفيديو».