الفيروس الصيني يوجه ضربات جديدة للأسواق الروسية

لجنة حكومية خاصة لتعزيز قوة الاقتصاد في مواجهة «كورونا»

متعامل في البورصة الروسية يبدو عليه التأثر بنزول أسعار الأسهم في الأسواق (غيتي)
متعامل في البورصة الروسية يبدو عليه التأثر بنزول أسعار الأسهم في الأسواق (غيتي)
TT

الفيروس الصيني يوجه ضربات جديدة للأسواق الروسية

متعامل في البورصة الروسية يبدو عليه التأثر بنزول أسعار الأسهم في الأسواق (غيتي)
متعامل في البورصة الروسية يبدو عليه التأثر بنزول أسعار الأسهم في الأسواق (غيتي)

وقع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين قرارا بتشكيل لجنة حكومية خاصة لتعزيز استقرار الاقتصاد الروسي في مواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا الجديد، في الوقت الذي أعلنت فيه الجهات المنظمة إلغاء منتديات اقتصادية دولية كبرى يجري تنظيمها سنويا في روسيا.
ومن جانبها، أعلنت مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية تراجع تحويلاتها المالية إلى الميزانية الفيدرالية بمقدار مليار روبل يوميا بسبب الفيروس، لكنها أكدت في الوقت ذاته عدم وجود خطة الآن لإعادة النظر بحجم إجمالي تحويلاتها المقررة هذا العام للميزانية. وقال أليكسي كوردين رئيس غرفة الحساب الروسية، إن خسائر «كورونا» المعلن عنها حاليا «أولية»، والنتائج الفعلية ستظهر بوضوح بعد شهر أو شهرين.
ونشرت الحكومة الروسية مؤخرا على موقعها الرسمي، قراراً وقعه رئيس الوزراء ميشوستين، ينص على تشكيل لجنة حكومية خاصة «لتعزيز استدامة الاقتصاد الروسي»، وتعمل لتنفيذ مهامها على «تنسيق نشاط مؤسسات السلطة التنفيذية، مع ممثلي المنظمات العلمية والاجتماعية، وقطاع الأعمال والبيزنس، خلال وضع وتنفيذ الفعاليات الرامية إلى تعزيز استدامة وتطوير القطاع المالي، وقطاعات محددة من الاقتصاد الوطني، بما في ذلك الفعاليات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا». وتم تعيين أندريه بيلا أوسوف، النائب الأول لرئيس الوزراء، معاون الرئيس بوتين سابقا للشؤون الاقتصادية، رئيساً للجنة. إلى ذلك يستمر تأثير انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الروسي، والفعاليات الاقتصادية. إذ أكدت مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية أن «خسائر كورونا»، تبقى عند الحجم المعلن سابقا، نحو مليار روبل يوميا. وفي تصريحات للصحافيين، أكد فلاديمير يولافين، مدير الجمارك، أنه «بسبب (كورونا)، وكذلك عيد رأس السنة الصينية، وتمديد عطلة هذا العيد، لدينا حقيقة تراجع بحجم تحويلاتنا للميزانية الفيدرالية»، لافتا إلى أن «الرقم الذي يدور الحديث عنه، هو تراجع التحويلات للميزانية بمليار روبل يوميا». وبموجب الخطة السنوية يفترض أن يبلغ إجمالي تحويلات مصلحة الجمارك للميزانية 5.343 تريليون روبل. وحسب يولافين فإن تأثير «كورونا» على سعر الروبل أسهم من جانب آخر في زيادة دخل الجمارك، وقال إن «تراجع قيمة الروبل أسهمت في زيادة طفيفة على المبالغ التي نحصلها (الرسوم). استفدنا قليلا من هذا الوضع»، لكنه عاد وأكد «لكن بشكل عام الوضع المتصل بتراجع التحويلات يبقى على حاله».
وعلى صعيد النشاطات الاقتصادية، اضطرت السلطات في إقليم كراسنويارسك في سيبيريا، إلى تأجيل موعد دورة العام الحالي من «منتدى كراسنويارسك الاقتصادي». وقال المكتب الإعلامي في مكتب حاكم الإقليم، إن «المنتدى الذي كان مقررا ما بين 19 - 21 مارس (آذار) الحالي، تم إرجاء موعده إلى أجل غير مسمى بناء على توصيات من السلطات التنفيذية»، في إشارة إلى توصيات السلطات الفيدرالية الخاصة بإلغاء أو تأجيل الفعاليات التي تشهد تجمعات كبيرة، في إطار تدابير مواجهة انتشار «كورونا». ويُعد منتدى كراسنويارسك، من أهم الفعاليات الاقتصادية في روسيا، ولم يسبق أن تم تأجيله منذ انطلاقه عام 2004، وهذا ثالث منتدى اقتصادي كبير في روسيا يتم إلغاؤه أو تأجيل موعده بسبب «كورونا».
وكانت الجهة المنظمة لمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، الذي يشارك فيه عادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب عدد كبير من قادة الدول، قالت إنها قررت إلغاء دورة العام الحالي. وقال أندريه بيلا أوسوف، النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية، ورئيس اللجنة التنظيمية للمنتدى: «للحفاظ على صحة المواطنين الروس وضيوف المنتدى والمشاركين فيه، تقرر عدم عقده هذا العام». وكان من المقرر أن يعقد المنتدى خلال الفترة من 3 إلى 6 يونيو (حزيران) من هذا العام. وفي مطلع فبراير (شباط) الماضي أعلنت الحكومة الروسية تأجيل منتدى سوتشي الاستثماري الدولي، الذي كان من المزمع عقده في 12 - 14 فبراير، وذلك أيضا بسبب انتشار فيروس كورونا.
على وقع هذه التطورات نتيجة انتشار «كورونا»، والتي شكلت عامل تأثير بشكل سلبي إضافي، إلى جانب التقلبات في أسواق النفط العالمية، عاد الروبل الروسي إلى التراجع مجددا، وواصل تراجعه أمس، حيث تجاوز في ساعات بعد الظهر مستويات مطلع العام الماضي أمام العملات الصعبة، وتراجع حتى 67.93 روبل للدولار، وحتى 76.86 روبل أمام اليورو. ويجمع المحللون والخبراء على أن هذه ليست سوى نتائج «آنية» للفيروس. وأشار أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية، إلى تقديرات منظمات عالمية بأن يؤدي «كورونا» إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 0.4 نقطة، وعبر عن قناعته في الوقت ذاته أن «هذه مجرد استنتاجات أولية، لأن الوضع يتطور، وربما نتمكن خلال الأشهر القادمة، خلال شهر أو اثنين، من فهم النتائج الحقيقية» لانتشار الفيروس.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.