أطباق سيوة... نكهات على جمر النار

بهارات فواحة تنادي المارة من باطن الأرض

بساطة... ووجبات شهية على الجمر
بساطة... ووجبات شهية على الجمر
TT

أطباق سيوة... نكهات على جمر النار

بساطة... ووجبات شهية على الجمر
بساطة... ووجبات شهية على الجمر

على مقربة من جلسة بسيطة افترشت سجاداً نُسج يدوياً، وتحت خيمة بدوية زاهية الألوان، أو داخل أبنية بأسقف منخفضة، كانت رائحة الطعام الشهي، الخارج لتوه من قلب النار، الممزوج بالبهارات المتنوعة، تفوح في الأنحاء، وتنادي المارة.
فهناك؛ حيث واحة سيوة التابعة لمحافظة مرسى مطروح، يستقبل «موناتين كامب علي خالد» في أجواء تُوصف بالممتعة، الراغبين في الاستمتاع بأطباق «أبو مردم»، أو التهام وجبة معكرونة «مبكبكة»، أو حتى الاكتفاء بوجبة «المخمخ» الممزوجة من عشبة الرجلة مع خليط من رقائق اللحم.
المطبخ السيوي مليء بالتنوعات التي لا تتوقف عند الطعام المصنوع في باطن الأرض؛ لكنه ينطلق من موروث بيئي إلى حيث أسرار تخليق البهارات، وتصنيع التمور والمربات التي تبدو للبعض غريبة بعض الشيء.
ومن يريد منهم «أبو مردم» فعليه الانتظار قرابة أربع ساعات، اثنتين لإعداد الطعام، ومثلهما لطهيه، تبدأ مراحله بتتبيل اللحم أو الدجاج، بالبصل والطماطم والكزبرة والثوم والزيتون والروزماري والملح والفلفل.
في تلك الأثناء يكون الطاهي الرئيسي فهمي عبد الله، انهمك في تسخين حفر الرمال، تمهيداً لوضع اللحم والأرز بداخلها؛ ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تسوية الطعام لدينا مرتبط بالبيئة الصحراوية؛ وهذه واحدة من أشهر وجباتنا التي نقدمها لروادنا، وجاءت تسميتها من أنه يردم عليها الرمال الساخنة لتسوى بفعل ضغط حرارة الجمر والرمال معاً».
ويشرح عبد الله طرق طهي الطعام لديهم، بداية من إنشاء حفرة عميقة في الرمال، يتوسطها برميل: «نشعل النار مدة ساعتين بخشب الزيتون تحديداً، حتى يتحول إلى جمر؛ ثم نضع عليه شبكة حديدية قوية يعلوها اللحم أو الدجاج المتبل، تحته صينية الأرز، ونغلق عليه بصينية أخرى أعلاه، ثم نردم الرمل فوقه أيضاً، ونتركه من ساعة لساعتين حتى ينضج الطعام، ويقدم فوراً على الطاولة لروادنا».
يتفاخر عبد الله بتميزه في تقديم هذه الوجبة التي يختلف طعمها عن المشويات العادية، بأن طعم نسيج الدجاج أو اللحم يبدو طرياً ومكموراً أو مكتوماً، ومحتفظاً بنكهات قوية، وهو ما يجعل الزبائن الجالسين أرضاً على سجاد بدوي منسوج من خامات بيئة سيوة المحلية، أو الملتفين حول مناضد منخفضة، يستمتعون بالطعام وسط الطبيعة الخلابة المفتوحة حولهم.
وتتراوح أسعار وجبة «المردم» في «موناتين» ما بين 125 و150 جنيهاً (الدولار 16.5 تقريباً) للطبق الواحد بحسب نوعه وكميته؛ حيث يتضمن قطعة لحم أو نصف دجاجة، بالإضافة إلى الأرز والخضراوات و«السلاطة» والخبز.
يستعرض عبد الله أطباق سيوة الأخرى التي يتشابه بعض مسمياتها مع وجبات أخرى شامية شعبية، إلا أنها مختلفة بشكل واضح، ومنها «الشاورما»، وهي عبارة عن الخروف الكامل، يعلق ويسوى على نار هادئة في الهواء الطلق لمدة تقارب 4 ساعات، وتلزم متابعة الشيف له لتقليبه على النار باستمرار حتى ينضج، وغالباً ما يعد هذا من أحد طقوس الحفلات والتجمعات البدوية؛ حيث يستغلون دفء نيران الشيِّ في تبادل أحاديث السمر والأهازيج البدوية.
وتأتي «الملوخية الناشفة» كأحد أشهر أطباق الواحة، والتي تستغرق وقتاً طويلاً حتى تدخل المطبخ وتكون صالحة للطهي. ويرى الشيف عبد الله ضرورة تجفيف أوراقها جيداً مدة طويلة، قبل أن يتم هرسها وغربلتها من الشوائب، كي يتسنى للطاهي طبخها باستخدام مرق اللحم أو الدجاج، مع الطماطم والبصل والثوم.
بجانب كل ما سبق، يرى الشيف أبو القاسم الذي يعمل مع زميله عبد الله في الواحة، أن وجبته المفضلة هي «المبكبكة»، وهي عبارة عن معكرونة مطبوخة بمرق اللحم، وفكرتها مستوحاة من المطبخ الليبي؛ وتطهى مع اللحم الذي يُقطع شرائح صغيرة تخلط بالمعكرونة مع شرائح من الفلفل وبعض البهارات، ويوضع الخليط في إناء على نار هادئة حتى يتجانس الخليط ويمتزج، مع رش قليل من «الشطة» ، إذا لزم الأمر.
ويتابع بأن هناك أيضاً وجبة «المخمخ»، وهي عشبة «الرجلة» التي تطهى مع رقائق اللحم، وكذلك «الشكشوكة» وهي عبارة عن كبدة الدجاج - أو اللحم - وتقلب على النار مع قطع الفلفل والبقدونس والزعتر، قبل أن تخلط بالبيض في النهاية.
وانتقل أبو القاسم للحديث عن التمور التي تشتهر بها واحة سيوة، فقال: «نصنع منه عصيراً لذيذاً لروادنا، ولأطفالنا، مخلوطاً باللبن». ويرى أن «متعة الزبائن التي تأتي إلينا تظل منقوصة ما لم يتم تناول كوب من الشاي بالنعناع، أو بعشب حشيش الليمون (اللويزا) الذي يفيد الصحة، ويخلص الجسم من الأملاح».
ويعد الشاي في الواحة - كما في أنحاء مصر - طقساً أساسياً بعد الانتهاء من تناول الطعام، ودلالة على الترحيب؛ حيث يصب من البراد أمام الضيف في أكواب صغيرة، مرات متتالية طوال فترة مكثه.
ولا يمكن التحدث عن الطعام في الواحة دون المرور بمحل «شالي» الذي يعد أشهر المتاجر المتخصصة في التوابل ومنكهات الطعام السيوي. والمحل حائز على عدة جوائز في منتجات التمور في مهرجان زايد.
على الرفوف المزدحمة بالمنتجات المختلفة، كانت «مربى الزيتون والباذنجان» أكثر المنتجات الغذائية إثارة للدهشة؛ بينما انهمك الزبائن بلهفة للتسوق واستكشاف أنواع التمور والأعشاب، وأشهرها عشبة بلسم الليمون، إضافة إلى منتجات التجميل الطبيعية.
يقول عمر يوسف أحمد، صاحب محل «شالي» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مشهورون بتقديم منتجات سيوة الغذائية؛ ونحرص على تطويرها، وسبق وفزنا بأحسن منتج مشتق من التمر في مهرجان زايد للتمور، بمنتج (بودرة البلح)؛ ثم فكرنا في منتج مبتكر جديد، فوجدنا أن الزيتون هو الأشهر في الواحة، وقررنا استخدامه كحلوى، وبالفعل نجحت الفكرة، وتشتريه كبرى الفنادق بالواحة لتقدمه ضمن إفطار الوفود الأجنبية».
أما عن طريقة صنع مربى الزيتون، فيوضح عمر: «يخضع الزيتون الأسود لمعالجة خاصة للتخلص من ملوحته أولاً، تبدأ في نقعه في مياه لمدة أسبوعين؛ ثم غليه لفترة، عقب ذلك يضاف إليه سكر وقرفة وليمون لمنحه نكهة حلوة، علماً بأنه لا تضاف إليه أي مواد حافظة؛ ويمكن أن تدوم صلاحيته لمدة سنة ما دام مغلقاً بشكل محكم قبل فتحه للاستخدام».



فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
TT

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)
الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام في أهم المطاعم، حيث قدم مطعم «سباغو» و«كت» بالتعاون مع «روح السعودية» أطباقاً مبتكرة للشيف باك والطهاة التنفيذيين معه.

وقدم مطعم «سباغو الرياض» تجربة غير مسبوقة لتذوق أشهى أنواع «الستيك» تحت إشراف الشيف براين بيكير (Brian Becker)، الشيف التنفيذي الإقليمي لمجموعة الشيف ولفغانغ باك الحاصلة على نجوم «ميشلان»، في حين قدم مطعم «كت» تشكيلة متنوعة من الأطباق الشهية، حيث تتلاقى نكهات «كت» مع لمسة محلية أصيلة.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الشيف دانيال أيرفاين (Daniel Irvine) الشيف التنفيذي في «سباغو»: «نقوم هنا في السعودية بتقديم تجربة طعام حصرية لضيوف المطعم المميزين، ضمن العمل على إعادة تعريف مشهد المطاعم الراقي في (ڤيا الرياض)، في ظل فعاليات (موسم الرياض) و(روح السعودية)، وأتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الأكلات العصرية».

وتوقع الشيف دانيال أن تشهد السعودية عامة والرياض خاصة، نقلة نوعية في عالم الضيافة الفاخرة وأسلوب الحياة، في ظل المقومات التي تتمتع بها من حيث قدرتها على جذب الذوّاقة، بما يساهم في تطوير مشهد الطعام.

وقال الشيف الأميركي براين بيكير لـ«الشرق الأوسط» إن الرياض تسعى بقوة لتعزيز ثقافة طعام محلية وعالمية، بشكل متناغم. وأضاف: «نقدم من خلال استضافة (سباغو) لمطعم (كت)، تجربة مميزة للضيوف بأجواء راقية، مع تقديم الطعام بأسلوب فني وخدمة سريعة ودقيقة ونسيج مريح من الموسيقى الراقية، تصنع شكلاً من الإبداع الترفيهي».

وأضاف الشيف براين: «نعمل على تقديم قائمة طعام تشمل مجموعة مختارة من أشهى أنواع اللحوم والمأكولات البحرية الفاخرة بلمسات محلية مميزة، ومن أبرز الأطباق (تارتار ستيك برايم) مع خبز ريفي مشوي، وقطعة لحم (آنغوس بورترهاوس) مشوية على الفحم».

وشدد الشيف براين على أن «ڤيا الرياض» مناسبة جميلة تحمّس العاملين في «سباغو» و«كت» للإبداع والابتكار في مجال المأكولات الراقية في الرياض، ضمن مكونات موسمية طازجة، مع إعداد قائمة متنوعة من الأطباق الشهية، مثل «تارتار التونة» (بلو فِن تونة تارتار) الحارة، و«شنيتزل» لحم العجل، و«بيتزا» السلمون المدخن.

ولفت إلى أن التصميم الداخلي للمطعم يجمع بين طراز كاليفورنيا وعناصر من الثقافة السعودية، مع لمسة من الفن المحلي، مؤكداً الاستمرار في تقديم تجربة طعام استثنائية مع إطلالات مفتوحة على المطبخ الرئيس.

وتوقع أن تصبح الرياض عاصمة الطعام، بشكل يعكس مقومات جاذبية المملكة، وقدرتها على الجمع بين الروح الريادية المحلية، وأفضل المهارات العالمية الثرية، والقدرة على قيادة التحول في سوق الرفاهية والضيافة على مستوى المنطقة.