أم كلثوم تعود للأوبرا المصرية عبر الهولوغرام للمرة الأولى

في حفل غنائي يقوده المايسترو مصطفى حلمي

حفل أم كلثوم في شتاء طنطورة العام الماضي بالسعودية
حفل أم كلثوم في شتاء طنطورة العام الماضي بالسعودية
TT

أم كلثوم تعود للأوبرا المصرية عبر الهولوغرام للمرة الأولى

حفل أم كلثوم في شتاء طنطورة العام الماضي بالسعودية
حفل أم كلثوم في شتاء طنطورة العام الماضي بالسعودية

تستعيد دار الأوبرا المصرية أجواء زمن الفن الجميل، مع عودة «كوكب الشرق» أم كلثوم إلى مسرحها مرة أخرى عبر تقنية الهولوغرام في 6 مارس (آذار) المقبل، وذلك للمرة الأولى في تاريخ دار الأوبرا ووزارة الثقافة المصرية، التي تسعى لمواكبة الطفرات التي حققتها التقنيات الحديثة ومخاطبة أبناء الوطن من خلالها، خصوصاً بعد ملاحظة تأثيرها الواضح في الحياة اليومية.
ويفتح تطويع الوسائل المتطورة آفاقاً جديدة للإبداع المصري، وفق الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، التي أضافت في بيان صحافي أمس، أنّ الحفل يأتي انطلاقاً من ضرورة استخدام الأساليب الحديثة لجذب النشء والأجيال الجديدة بهدف مواجهة الابتذال وتوجيه الأنظار إلى التراث الراقي للفنون في طريق إعادة تشكيل وعي المجتمع.
وعن اختيار أم كلثوم لتنفيذ الحفل الأول بروائعها المميزة، قالت إيناس عبد الدايم إنّ «سيدة الغناء العربي أحد أهم أيقونات الطرب في العالم العربي وتعد أعمالها نموذجاً للتفرد، ولذلك ما زالت تحيا في وجدان الشعب المصري والعربي».
وظهرت أم كلثوم عبر تقنية الهولوغرام لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط بمدينة العلا السعودية في بداية العام الماضي، ضمن حفلات مهرجان شتاء طنطورة، حيث شارك الجمهور لأكثر من ساعة في الغناء مع صورة أم كلثوم ثلاثية الأبعاد وهي تغني أكثر أغانيها شعبية، على غرار «أنت عمري»، و«سيرة الحب»، و«لسه فاكر»، و«ألف ليلة وليلة». وانبهر الجمهور بتحرك الأيقونة على المسرح، كما كانت تفعل منذ عقود، خصوصاً بعد إعادة فريق من التقنيين تشكيل حركات المغنية الراحلة بدقة، وذلك بعد تحليلهم لعدد كبير من العروض المسجلة لها، وفي حفل مدينة العلا، لم يكن العرض كله عبارة عن تجسيد لصورة «هولوغرامية» فقط، إذ كانت صورة أم كلثوم مدعومة بفرقة أوركسترا حية.
ووفق الدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية، فإنّ وزارة الثقافة توفر كل سبل الدعم والمساندة لإنجاح التجربة الجديدة، التي اعتبرها بأنّها «إضافة مهمة لبرنامج الأوبرا».
حفل أم كلثوم تحييه الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو مصطفى حلمي وتجسد خلاله النجمتان مي فاروق، وريهام عبد الحكيم شخصية أم كلثوم، ومن إخراج جيهان مرسي.
واحتفلت مصر بذكرى أم كلثوم، التي تُوفيت في 3 فبراير (شباط) 1975. عبر فعاليات عدة، في بداية الشهر الجاري، أبرزها احتفالية أقامتها دار الأوبرا المصرية تحت قيادة المايسترو سليم سحاب.
والهولوغرام صورة ثلاثية الأبعاد، أُنشئت باستخدام إسقاط فوتوغرافي، وهو عبارة عن عرض مرئي يُعيد إنشاء الصورة وعرضها بصوره ثلاثية الأبعاد، وذلك بطريقة عالية الجودة، لتطفو الصورة في الهواء كمجسم هلامي ثلاثـي الأبعاد يظهر كطيف مـن الألوان المتجسدة على الشكل المراد عرضه.
وتمتعت «كوكب الشرق»، أم كلثوم بشهرة واسعة في أنحاء العالم العربي، خلال حياتها، ولم تخفت هذه الشهرة بعد رحيلها، وعدّ بعض الكتاب جنازتها من أكبر الجنازات في العالم، بعدما قدروا عدد مشيعيها بنحو مليوني شخص.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».