«السيدة ذات المصباح» ونصائحها تعود إلى لندن في عصر «كورونا»

معرض عن رائدة التمريض فلورنس نايتنغيل بمناسبة مرور 200 عام على ولادتها

فلورنس نايتنغيل مع الممرضات المتدربات في مدرستها (رويترز)
فلورنس نايتنغيل مع الممرضات المتدربات في مدرستها (رويترز)
TT

«السيدة ذات المصباح» ونصائحها تعود إلى لندن في عصر «كورونا»

فلورنس نايتنغيل مع الممرضات المتدربات في مدرستها (رويترز)
فلورنس نايتنغيل مع الممرضات المتدربات في مدرستها (رويترز)

في جو عالمي مشغول بالفيروسات والجراثيم وكيفية معالجتها، يأتي المعرض الذي يقام في لندن حالياً حول حياة رائدة التمريض في بريطانيا فلورنس نايتنغيل، ليؤكد أن النظافة وغسل اليدين هما البداية للوقاية من جميع الأمراض. المعرض يهدف للاحتفال بمرور 200 عام على ميلاد الممرضة الشهيرة، ويقدم 200 قطعة من مقتنياتها وصوراً نادرة لها ولعائلتها وقطعاً ارتبطت برحلاتها إلى عدد من الدول منها مصر.
قصة حياة نايتنغيل التي تحدرت من عائلة ثرية وتحدت الضغوط من أجل العمل بالتمريض موجودة حولنا في معرض منسق بأسلوب جميل وشيق. من خلال القطع المختلفة حولنا نكتشف حياة نايتنغيل منذ مولدها في عام 1820 في مدينة فلورنس الإيطالية، ولهذا أطلق علها اسم فلورنس، وأثناء نشأتها في عائلة ثرية متدينة، نعرف أن فلورنس أحست أنها تقوم بواجب مقدس بالعمل في التمريض ولكن عائلتها لم توافق بسبب الصورة السيئة للممرضات في ذلك الوقت. عبر السنوات بعد ذلك، زادت عزيمة فلورنس على التمريض حتى إنها في أسفارها مع عائلتها إلى ألمانيا وإيطاليا ثم إلى مصر مع أصدقاء للعائلة، كانت حريصة على زيارة المستشفيات والتعرف على عملها. أثناء زيارتها لمصر، قامت بزيارة بعض الراهبات اللاتي يعملن في المستشفيات لمساعدة الفقراء والمرضى من أبناء الشعب وكتبت في رسالة لعائلتها من الإسكندرية عن المستشفى: «كان عندهن 19 ممرضة ولكن يقمن بعمل 90 ممرضة... يقمن بتضميد الجروح وإسعاف الجرحى، ويحضر لهن العرب بالمئات من أجل الإسعافات».
خلال الجولة مع إحدى مشرفات العرض تتحدث عن عمل نايتنغيل في تركيا خلال حرب القرم التي خاضها الإنجليز والفرنسيون والعثمانيون ضد الإمبراطورية الروسية في منتصف القرن التاسع عشر. «أخذت معها 38 ممرضة وذهبت لتجد الأوضاع في المستشفى الميداني المقام في ثكنات الجيش على الشاطئ الآسيوي من البسفور، غاية في السوء من حيث النظافة وحالة الجرحى الذين كانوا يموتون من تأثير الجراثيم والالتهابات أكثر من الجروح، وكانت البداية بالنسبة لها ولبقية الممرضات هي التنظيف والتعقيم، كانت دائمة حريصة على أن غسل اليدين أمر ضروري للوقاية»، تتعالى التعليقات من الحاضرين حول «وقتية» غسل اليدين في مواجهة فيروس كورونا، وهنا تجب الإشارة أيضاً إلى أن المعرض يقام في أراضي مستشفى سان توماس بلندن، وهو من المستشفيات القلائل التي خصصت للعناية بالمصابين بالفيروس.
ورغم أن المعرض ممتع بالفعل ويضم مجموعة كبيرة من القطع التي تلقي الضوء على حياة نايتنغيل، فإن موضوع الساعة يلقي بظلاله على العرض وهو أمر جيد، فحياة نايتنغيل العملية يمكن أن تعدّ مثالاً للتعامل مع الأزمات الطبية. فعلى سبيل المثال نجد شبهاً بين ما فعلته نايتنغيل بعد وصولها إلى تركيا ورؤيتها للمستشفى الميداني وإرسالها رسالة إلى صحيفة «التايمز» تشرح فيها الأوضاع هناك ثم مراسلتها لوزارة الحرب بهذا الشأن، ليوجه الوزير المختص بتصميم مستشفى على وجه السرعة وأن يتم تركيبه في بريطانيا وشحنه إلى تركيا. وتم تكليف أشهر مصمم معماري في بريطانيا وقتها وهو إيسمبارد برونيل بعمل التصميم وتم تصنيع الوحدات من الخشب وإرسالها عن طريق البحر ليتم تركيبها في ميدان الحرب. أسأل المشرفة عن ذلك، وتقول: «أحب أن أصف برونيل على أنه (أيكيا) العصر الفيكتوري، فتصميمه وإعداده وحدات المستشفى ليتم تركيبها في تركيا أمر مذهل».
وترى فيونا هيبرتس من أكاديمية نايتنغيل أن المعرض أيضاً يثبت أن هناك حاجة حالياً لقيادة تحمل رؤية واضحة وقوية في مجال التمريض. وتضيف في حديث لـ«رويترز»: «التأكيد على أهمية التعقيم والنظافة والتريض في الهواء الطلق والطعام الجيد... مهما بلغنا من التقدم تظل القواعد التي عملت بها فلورنس نايتنغيل هي الأساس للتمريض الحديث... إنها ذات النصيحة الدائمة... اغسل يديك». وأضافت: «لو كانت فلورنس نايتنغيل حية اليوم فإنها كانت ستدعم كل ما يقال حول التعامل الصحي مع فيروس كورونا، فهي كانت مهتمة بالوقاية من الأمراض وغسل اليدين».
- جولة في معرض السيدة حاملة «الفانوس»
يضم المعرض كثيراً من القطع المرتبطة بطفولة فلورنس نايتنغيل وحياتها مع عائلتها، ويقدم لأول مرة ألبوم صور عائلية جمعت فيه خالتها صوراً مختلفة لأفراد العائلة ورسومات كثيرة، وتناقلت الأجيال الألبوم، ولكنه اختفى وسط أوراق نايتنغيل حتى أعيد اكتشافه مرة أخرى العام الماضي.
من رحلاتها لمصر واليونان جمعت نايتنغيل كثيراً من القطع منها تماثيل فرعونية صغيرة، وفي إحدى خزانات المعرض نرى منها «مسنداً للرأس» من الخشب نعرف أنه هدية من شخص عربي أهداه لها تعبيراً عن إعجابه بـ«شجاعتها وعبورها النيل على متن (دهبية) أو قارب صغير».
هناك جانب من المعرض المخصص لعمل نايتنغيل خلال حرب القرم مصمم بشكل بديع، حيث استخدمت أشرطة قماشية عريضة تشبه الضمادات لربط خزانات العرض، لتكون جواً مرتبطاً بالمستشفيات وبعمل الممرضات الـ38 ورائدتهن نايتنغيل في ذلك المستشفى الميداني.
يلفتنا في وسط مساحة العرض المصباح الذي حملته نايتنغيل خلال تجوالها الدائم في أروقة المستشفى للاطمئنان على الجرحى، وقد منحها المصباح لقبها المميز «السيدة حاملة المصباح»، وأصبحت صورتها التي رسمها الرسامون تركز على أنها تحمل مصباحاً تضيء شمعته بوهج جميل. تقول مرافقتنا إن هناك بعض الأخطاء الشائعة في تصوير مصباح نايتنغيل على أنه فانوس نحاسي «مصباح جني علاء الدين» كما تشير إليه، وتضيف: «المصباح الذي استخدمته نراه أمامنا هنا هو ما كان يطلق عليه في تركيا (فانوس)، وهو مصباح من قماش الكتان المشمع ويمكن طيه». صورة نايتنغيل وهي حاملة المصباح تحولت من الصحف لتصبح قطعاً تذكارية من الفخار ورسومات على الأكياس الورقية، كما كتبت أغاني وقصائد حول السيدة حاملة المصباح.
من القطع الأخرى حولنا، هناك صندوق الأدوية والعقاقير الذي كانت نايتنغيل تحمله أثناء معالجتها للمرضى، هناك أيضاً ساعة ذهبية هدية من والدها كانت ترتديها طوال وقتها في تركيا، وتخلت عنها قبل عامين من وفاتها قائلة إنها مريضة ومقعدة ولا تحتاج لارتداء ساعة.
- هنا أيضاً الزي الذي ارتدته خلال عملها هناك وهو الزي الذي صممته لممرضاتها وحرصت على أن يكون باللون الأبيض.
- في خزانة منفصلة نرى بومة محنطة، ونعرف أنها البومة التي اتخذتها فلورنس حيواناً أليفاً، حيث وجدتها في أثينا وأطلقت عليها اسم المدينة، وأصبحت «أثينا» الرفيق الدائم لفلورنس تحمل على كتفها أو تضعها في جيبها. وعند موت الطائر أثناء سفر نايتنغيل طلبت من عائلتها تحنيطها وكتبت عنها «أيها الحيوان المسكين، أعجب لكمية الحب الذي حملته لك».
- معرض «فلورنس نايتنغيل في 200 قطعة... الناس والأماكن» بمتحف فلورنس نايتنغيل بلندن حتى مارس (آذار) 2021.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».