اتفاق جديد حول إدلب بعد محادثات «صعبة» بين بوتين وإردوغان

يبدأ بوقف النار ثم دوريات روسية ـ تركية على طريق حلب واللاذقية

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في موسكو أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفاق جديد حول إدلب بعد محادثات «صعبة» بين بوتين وإردوغان

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في موسكو أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في موسكو أمس (أ.ف.ب)

أسفرت جولة محادثات مطولة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان عن اتفاق على إعلان وقف لإطلاق النار ابتداءً من منتصف الليلة الماضية (الجمعة)، ووضع ترتيبات مشتركة للمراقبة ومتابعة الاتصالات.
وعقد الرئيسان جولة محادثات ثنائية بشكل منفرد «وجهاً لوجه» بناءً على طلب من الجانب التركي، قبل أن ينضم إليهما وفدا البلدان على المستويين العسكري والدبلوماسي، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن جولة المحادثات الموسعة استمرت كذلك نحو ثلاث ساعات، بلور خلالها الطرفان ملامح اتفاق على شكل «بروتوكول إضافي» يُضم إلى اتفاق سوتشي الموقع بينهما في صيف عام 2018.
وتلا وزيرا خارجية البلدين نص الاتفاق الذي شمل ثلاثة بنود أساسية، أولها وقف جميع الأعمال القتالية عند كل خطوط التماس بدءاً من منتصف ليل الجمعة. والثاني إنشاء شريط أمن بمسافة 6 كيلومترات إلى الشمال والجنوب من الطريق الدولية «إم4»، والثالث إطلاق العمل لتسيير دوريات مشتركة بين روسيا وتركيا على طول هذا الخط بدءاً من 13 مارس (آذار) المقبل.
ونص البروتوكول على أن الطرفين انطلقا للتوصل إلى هذا الاتفاق من مبادئ الالتزام بسيادة سوريا، ووحدة أراضيها وسيادتها، والعمل المشترك في مكافحة الإرهاب، ومن القناعة بأنه لا يمكن إيجاد أي تبرير لتدمير البنى التحتية، وأنه لا حل عسكرياً للأزمة السورية، والحل الوحيد المقبول هو الذي يديره السوريون بأنفسهم وفقاً للقرار الدولي 2254، وكذلك بهدف وقف التهجير القسري للنازحين وإعادة المهجرين إلى مناطقهم.
وكان الرئيس الروسي استبق إعلان الاتفاق بتأكيد موقف موسكو حول تحميل المسلحين مسؤولية التصعيد الذي شهدته إدلب خلال الأشهر الماضية، وقال إنهم واصلوا الهجمات على المنشآت المدنية، وعلى قاعدة حميميم الروسية. وقال بوتين، إن بلاده «لا تتفق مع كل آراء تركيا حول الوضع في سوريا، لكنها تنطلق من أن الطرفين نجحا في كل اللحظات الحاسمة، ونظراً للعلاقات الوثيقة بينهما في التوصل إلى اتفاقات وتجاوز الخلافات». وأكد استعداد البلدين لمواصلة العمل في إطار مسار آستانة. معرباً عن أمل في أن توفر الوثيقة التي تم التوصل إليها أساساً لوقف العنف وتخفيف معاناة المدنيين. وتطرق بوتين إلى جولات النقاش التي جمعت خبراء من البلدين خلال الأسابيع الماضية، وقال إن الحوار الذي حصل بين الرئيسين استند إلى النقاشات المكثفة السابقة وإلى مستوى الثقة بين البلدين.
وشدد إردوغان على الأهمية التي توليها أنقرة لتعزيز التعاون مع موسكو وتجاوز النقاط الخلافية، لكنه حمّل من جانبه النظام مسؤولية التصعيد، وقال إن أنقرة «لن تسمح لاستفزازات النظام السوري أن تؤثر على علاقاتها مع موسكو أو أن تلحق الضرر بها». وكرر التحذير من مخاطر وقوع كارثة إنسانية إذا واصلت القوات الحكومية تحركاتها، مذكراً بوجود 4 ملايين نسمة في إدلب ومحيطها وقال إن مليون ونصف المليون منهم باتوا قرب حدود تركيا. وشدد إردوغان على أن بلاده كانت نسقت مع موسكو مسألة زيادة عدد نقاط المراقبة وزج قوات إضافية في سوريا. في تأكيد بدا لافتاً، خصوصاً أنه أضاف أن تركيا سيكون لها الحق مع الاتفاق الجديد على أن ترد على أي انتهاك لوقف النار من جانب القوات الحكومية.
وكان بوتين شدد في مستهل اللقاء على أن الأوضاع في إدلب توترت إلى درجة تتطلب حديثاً مباشراً بيننا، وأكد على ضرورة تجاوز هذا التوتر والعمل على عدم تكراره.
وحول مقتل العسكريين الأتراك في سوريا، قال بوتين، إن خسارة الناس دائما مأساة كبيرة، موضحاً أن العسكريين الروس والسوريين لم يكونوا على علم بموقع الجنود الأتراك، والجيش السوري خلال هذه الفترة تكبد أيضاً خسائر كبيرة.
وأضاف، أنه بات من الضروري مناقشة الوضع المتشكل اليوم والعمل على عدم تكراره «ولكي لا يلحق ضرر بالعلاقات الروسية - التركية التي نثمنها عالياً». وخاطب بوتين ضيفه قائلاً: «مثلما طلبتم، نحن مستعدون لنبدأ بالحديث وجهاً لوجه ثم ينضم إلينا فيما بعد المسؤولون في الحكومتين الروسية والتركية».
من جانبه، أشار إردوغان إلى متانة العلاقات التركية - الروسية، مؤكداً أن العمل على تطوير هذه العلاقات يعد مسألة مهمة. وقال الرئيس التركي «وصلت علاقاتنا حالياً إلى الذروة، وهذا ينطبق على الصناعات الدفاعية والعلاقات التجارية. ونحن نعتبر أن المهمة الأساس تتمثل في تطوير هذه العلاقات، وأعتبر أننا قادرون على ذلك».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».