يتواصل الجدل الدستوري العراقي حول الجهة الرسمية التي يمكن أن تحل محل رئيس الوزراء، خصوصاً بعد استقالة عادل عبد المهدي وإعلانه أول من أمس «الغياب الطوعي» عن تأدية مهامه، بجانب تقديم الرئيس المكلف محمد توفيق علاوي اعتذاره عن عدم الاستمرار في مهمة تشكيل الحكومة.
وفي حين يميل بعض الاتجاهات القانونية إلى عدم القبول بتولي رئيس الجمهورية برهم صالح مهام رئاسة الوزراء استناداً إلى المادة «81» من الدستور، تصرّ مصادر قضائية على أحقية الرئيس صالح بتولي المهمة بعد خلوّ منصب رئيس الوزراء من شاغله.
وفي هذا الاتجاه، يقول القاضي والخبير الدستوري رحيم العكيلي إن «الدستور عالج خلوّ منصب رئيس مجلس الوزراء بالطريقة نفسها التي عالج بها خلو منصب رئيس الجمهورية، فحدد من يحل محلهم في حال خلو المنصب». ويؤكد العكيلي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الدستور عالج هذا القضية من خلال «إحلال نائب رئيس الجمهورية محله إن وجد، وإلا فيحل رئيس مجلس النواب محله إذا ما خلا منصبه».
ويضيف: «أما بالنسبة إلى رئيس مجلس الوزراء، فأقام الدستور رئيس الجمهورية مقامه إذا ما خلا منصبه لأي سبب كان بموجب المادة (81) أولاً». ويعتقد القاضي العكيلي أن «خلوّ المنصب لفظ عام يشمل جميع الأسباب، والدليل قول المادة (81) في آخرها: (لأي سبب كان). لذلك يجب أن يحل رئيس الجمهورية محل رئيس مجلس الوزراء وفقاً لهذا النص الدستوري ما لم يرد نص خاص» يخالف ذلك. وتنص «المادة 81 - أولاً» من الدستور على أن «يقوم رئيس الجمهورية مقام رئيس مجلس الوزراء، عند خلوّ المنصب لأي سبب كان». ويتابع العكيلي أن أي نص خاص لم يرد في هذا الاتجاه «إلا في حالة سحب الثقة من مجلس الوزراء».
أما الخبير القانوني طارق حرب، فيرى أن «الشروط الدستورية التي تخول رئيس الجمهورية ممارسة صلاحيات رئيس الوزراء لم تتحقق».
وعزا حرب في بيان صحافي ذلك إلى «تراجع عادل عبد المهدي عن رسالته السابقة ولوجود نائبين لرئيس الوزراء يمارسان صلاحية رئيس الوزراء، وبالتالي لا كلام عن المادة (81) من الدستور».
ويرفض كثير من الحقوقيين والمتابعين مقولة حرب بأن عبد المهدي تراجع عن الاستقالة، خصوصاً بعد إمضائها وقبولها من مجلس النواب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. لكن حرب يؤكد أن «لا مجال دستورياً للعمل بالمادة (81) من الدستور لعدم تحقق الشرط الوارد في تلك المادة وهو شرط خلو منصب رئيس مجلس الوزراء وهذا لم يتحقق لأن رئيس مجلس الوزراء عدل عن استقالته برسالته الأخيرة» أول من أمس.
ويعتقد حرب أنه حتى مع سريان قرار استقالة عادل عبد المهدي، فإن بإمكان نائبيه «القيام بمهمة رئيس الوزراء في حالة غيابه لأي سبب، بما فيها استقالته كما هو مقرر عقلاً ومقرر قانونياً}.
حيث أوجب (نظام مجلس الوزراء رقم 2 لسنة 2019) على نائبي رئيس الوزراء القيام بواجبات (رئيس الوزراء) وتخويل الصلاحيات لهما».
لكن أطرافاً حقوقية أخرى تطعن باعتماد الخبير طارق حرب على النظام الداخلي لمجلس الوزراء في إطار تسويغ قضية قيام نواب رئيس الوزراء بمهامه ويرون أن الأولوية للدستور وبنوده في تنفيذ التعليمات والإجراءات المتعلقة بهذا القضية، وليس للنظام الداخلي لمجلس الوزراء.