مخاوف «كورونا» ترافق الركاب بين روما وميلانو

الفنادق توزع على زبائنها تعليمات صحية وإجراءات احترازية يتوجب اتباعها

مسافرون في مطار «ليوناردو دا فينشي» بالقرب من روما أمس (إ.ب.أ)
مسافرون في مطار «ليوناردو دا فينشي» بالقرب من روما أمس (إ.ب.أ)
TT

مخاوف «كورونا» ترافق الركاب بين روما وميلانو

مسافرون في مطار «ليوناردو دا فينشي» بالقرب من روما أمس (إ.ب.أ)
مسافرون في مطار «ليوناردو دا فينشي» بالقرب من روما أمس (إ.ب.أ)

الرحلة من روما إلى ميلانو كانت مقررة منذ أكثر من شهر للمشاركة في ندوة تنظّمها المفوضية الأوروبية حول الهجرة الأفريقية. وبعد أن كان من المتوقع إلغاؤها أو تأجيلها في ظل الظروف الراهنة، تقرر أن تنعقد من غير حضور وأن تُبَث عبر شبكة «إنترنت» بالوسيلة المعروفة باسم «ستريمينغ» التي لجأت إليها المدارس والجامعات التي أقفلت في مقاطعات الشمال الإيطالي لمتابعة نشاطها.
العاشرة صباحاً في مطار روما الذي عاش ساعات من التوتر الأسبوع الماضي، بعد أن تأكدت إصابة عائلة بفيروس «كورونا الجديد» كانت قد وصلت على متن طائرة قادمة من مدينة «بيرغامو» في الشمال، قبل أن تعلن الأجهزة الصحية في ساعة متأخرة من الليل أن مطار العاصمة ليس بؤرة لانتشار الفيروس الذي يتملك هواجس الإيطاليين منذ عشرة أيام ويوشك أن يعزلهم عن العالم.
الحركة خفيفة على غير العادة في مثل هذه الأوقات التي يكون فيها الازدحام على أشده. تتحدث إلى الموظفين والعمال، فيجمعون على أن حركة الركاب قد تراجعت بنسبة النصف أو أكثر، ويتوقعون الأسوأ بعد أن أعلنت إحدى الشركات الأميركية الكبرى إلغاء رحلاتها إلى ميلانو حتى نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
طوابير طويلة يقف فيها مسافرون آسيويون يصعب تمييز جنسيتهم، لكن تلاحظ بوضوح كيف يحاول الركاب الآخرون عدم الاقتراب كثيراً منهم، وتتذكر الصورة التي تناقلتها الصحف منذ أيام لسائح في ميلانو وضع ملصقاً على معطفه يحمل عبارة: «لست صينياً، أنا من تايوان»، بعد أن كان بعض الآسيويين قد تعرضوا لمضايقات عنصرية مع بداية انتشار الفيروس.
وتتذكر أيضاً خلال الرحلة إلى ميلانو ما قاله أحد الأصدقاء بأن الدخول إليها أسهل بكثير من مغادرتها في هذه الأيام. الوافد منها مشبوه في الداخل الإيطالي، وفي الخارج يُفرض عليه الحجر الصحي أو يُمنع من الدخول.
ومع بداية الهبوط نحو المدينة التي صار العالم يتحاشى الاقتراب منها، تبدأ باسترجاع آخر تطورات هذه الأزمة التي لا يعرف أحد بعد كيف بدأت ومتى ستنتهي، وما الخسائر التي ستنجم عنها.
الإصابات في إيطاليا زادت على الألفين، منها 10% حالات خطرة تُعالَج في غرف العناية الفائقة. الوفيات حتى مساء الاثنين، بلغت 52. والحالات التي شُفيت 54 معظمها كان خطراً.
في «المنطقة الحمراء»، أي تلك المعزولة تحت الحجر الصحي الكامل منذ عشرة أيام مطوّقة بالجيش والشرطة، يعيش أكثر من خمسين ألف شخص في إحدى عشرة بلدة حالة نفسية ضاغطة استدعت علاجهم عن بُعد على يد إخصائيين في حالات الكوارث والإرهاب. يقولون إن كثيرين منهم يشعرون بعقدة الذنب لانتشار الفيروس، ويحمل لهم أقارب وأصدقاء أطعمة وسجائر وصحفاً يتركونها عند مداخل القرى على مسافة احترازية تحت رقابة الأجهزة الأمنية التي تمنع الدخول إلى المنطقة أو الخروج منها. حالة سوريالية لم تشهد أوروبا مثيلاً لها من قبل، حتى في تشيرنوبيل التي تم إخلاؤها كلياً من السكان بعد حادثة المفاعل النووي.
التطمينات الرسمية التي تتوالى منذ أيام، والجهود التي تبذلها السلطات الوطنية والإقليمية لرفع معنويات المواطنين لا تؤتي النتائج المنشودة. انعدام الثقة بالمسؤولين السياسيين متأصل لدى الإيطاليين، وهذه الأزمة كشفت أن البلاد كانت تعيش في حالة طوارئ صحية قبل انتشار فيروس «كورونا». فالمنظومة الصحـية تعاني من عجز هائل في عدد الأطباء يقدّر بخمسين ألفاً، ومثله في عدد الممرضين، فيما لا تتجاوز المخصصات للبحوث 0.2% من موازنة الدولة. أما عدد الأسرّة المخصصة لعلاجات العناية الفائقة فهو لا يتجاوز خمسة آلاف، معظمها مشغول لمعالجة حالات صحية أخرى.
تهبط في مطار ميلانو متهيباً، وتدخله من غير أن تخضع لفحص قياس درجة الحرارة كما في المطارات الإيطالية الأخرى منذ أكثر من أسبوعين، تتجه إلى موقف سيارات الأجرة وتصعد إلى التاكسي فينظر السائق إلى القفازات التي ترتديها. وقبل أن يسألك عن العنوان الذي تقصده يستفسر منك عن الوجهة القادم منها وكيف يعيش أهلها هذه الأزمة. في الفندق، يسلمك الموظف البشوش مفتاح غرفتك مع ورقة التعليمات الصحية والإجراءات الواجب اتباعها، وينبهك إلى أن آخر هذه التعليمات يقتضي الحفاظ علـى مسافة لا تقل عن متر واحد بين الزبائن في قاعة تناول الفطور. ويؤكد لك: Ci la faremo... سننهض.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.