أميركا تساعد تركيا بتوفير «الدعم الإنساني» للسوريين

أسبر يستبعد المساعدة الجوية لأنقرة... ولندن تدعم وقف النار في إدلب

TT

أميركا تساعد تركيا بتوفير «الدعم الإنساني» للسوريين

تضمنت محادثات الممثل الأميركي الخاص في سوريا جيمس جيفري، والسفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة كيلي كرافت، في تركيا، رسالة إلى أنقرة وخصومها بأن واشنطن تقف إلى جانبها وستقدم لها العون اللازم في هذه الظروف، حسب أوساط في واشنطن.
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في أنقرة، أمس: «كانت تركيا، لعقود من الزمان، حليفاً قوياً في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأحد أكبر المساهمين فيه بالأفراد العسكريين. ونعرب عن تأييدنا لجهود تركيا لإعادة وقف إطلاق النار شمال سوريا، المتفق عليه في 2018، وحماية المدنيين الأبرياء الفارين من الهجوم الوحشي للنظام. لقد كنا واضحين للغاية في إدانتنا لأعمال النظام السوري في إدلب، ونشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد الكبير في العمل العسكري الذي قامت به روسيا والنظام السوري في الشمال الغربي للبلاد».
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم: «إن هذه المساعدات لن تشمل تحريك قوات أميركية، فالأتراك يتمتعون بقوة عسكرية فعالة جداً وكبيرة». وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أن بلاده لن تقدم دعماً جوياً لتركيا في عمليتها العسكرية بمحافظة إدلب السورية.
وقال إسبر للصحافيين، أول من أمس (الاثنين)، إن الولايات المتحدة ستسعى إلى زيادة مساعداتها الإنسانية لتركيا في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل 33 جندياً تركياً في إدلب الأسبوع الماضي.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت المساعدات الأميركية ستشمل الدعم الجوي، أجاب إسبر: «لا»، مضيفاً أنه بحث مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الوضع في سوريا، وأن الناتو أكد استعداده «لأي طارئ قد يحدث».
ولكن كشريك في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وكمستورد للأسلحة والمعدات الأميركية، فإن تركيا تتمتع بميزة تبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة ويجري النظر في كيفية مساعدتها بشكل إضافي، حسب مسؤولين أميركيين.
وكانت السلطات التركية قد طلبت من واشنطن تزويدها بصواريخ باتريوت للدفاع عن أجوائها وتأمين غطاء لطائراتها، لكنّ المسؤولين الأميركيين ردوا بأن «كل أنظمة صواريخ باتريوت محجوزة بسبب التطورات في الشرق الأوسط وهناك بطارية باتريوت في قاعدة أنغرليك» في تركيا، تنتشر فيها قوات أميركية وأطلسية، في إشارة غير مباشرة إلى إمكانية تحريكها نحو الحدود، في حال تطورت الأمور، وكذلك لفسح المجال أمام أنقرة للعودة عن قرار شراء منظومة «إس 400» الروسية، التي أشعلت الخلاف معها وأدت إلى إقصائها عن برنامج إنتاج الطائرة المقاتلة «إف 35».
وتعتقد أوساط أن السفير جيفري سيناقش هذا الملف مع الأتراك، لكنّ الأولوية الآن هي لوقف الهجوم، من دون تغيير في الموقف والقناعة الأميركية منه. وهي تعتقد أن موقف تركيا بات أكثر قوة تجاه التعنت الروسي في معالجة الأزمة السورية، مما أعاد التعقيد إليها، بعد قرار إردوغان رفع ضغوطه على الأوروبيين عبر إطلاق موجات المهاجرين، لإجبارهم على الضغط على روسيا من أجل وقف هجومها. فقضية اللاجئين لا تؤثر على واشنطن وليست معنية في حلها، إلّا من جانبها الإنساني، وهو ما عبّرت عنه أمس، بإعلان وزارة الخارجية الأميركية عن مساعدات إنسانية عاجلة للشعب السوري بقيمة 108 ملايين دولار.
وتتهم واشنطن روسيا بالوقوف وراء الهجوم الأخير للنظام السوري وقوات إيرانية ومن «حزب الله» على إدلب، وبأنها تدعم «هجوم ربح الحرب» من قبل نظام الأسد، ضد من تبقى من معارضة سورية خلافاً لاتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه في سوتشي بين روسيا وتركيا والذي دعمته فرنسا وألمانيا في اجتماع للدول الأربع في إسطنبول في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
ويؤكد مسؤولون أميركيون أن «طائرات سوخوي الروسية هي التي تسمح لنظام الأسد بالتقدم. وهذا النظام لم يكن قادراً على شن مثل هذا الهجوم لولا موافقة الرئيس الروسي الذي اتخذ القرار بدعم هذا الهجوم عندما زار دمشق وأُحضر الأسد إلى القيادة العسكرية الروسية للقائه».
وإلى جانب المساعدات الإنسانية والعسكرية لتركيا، تعمل الولايات المتحدة دبلوماسياً على وقف النار بشكل تام كما نص عليه القرار 2254 ورؤية تحول في النزاع، ينقله من ساحة المعركة إلى طاولة المفاوضات.
فالأميركيون يدعمون المطلب التركي الداعي لعودة نظام الأسد وأعوانه إلى حدود منطقة خفض التصعيد التي حددها اتفاق سوتشي عام 2018، وأن للأتراك كل الحق في تأكيد العودة إلى هذا الاتفاق، والذي تتحدث عنه بعض الفقرات الواردة في قرار مجلس الأمن 2254.
وتحدث البعض عن حصول تقارب في المواقف بين الجانبين الأميركي والتركي، في ظل «تطابق قراءتيهما لمضمون الاتصال الهاتفي بين الرئيسين ترمب وإردوغان على غير المعتاد».
فقد عبّر ترمب لنظيره التركي خلال الاتصال عن «تعازيه لسقوط الجنود الأتراك، وأدان الهجوم الروسي السوري، وجدد دعم الولايات المتحدة لجهود تركيا وتفادي كارثة إنسانية، ووافقا على ضرورة أن يوقف النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني هجومهم وقتل المزيد من المدنيين الأبرياء وتهجير آخرين».
كان ترمب قد أعلن، السبت الماضي، أنه تحدث «كثيراً» مع نظيره التركي حول الوضع في سوريا، وبحثا أيضاً طلب أنقرة تزويدها بمنظومات «باتريوت» للدفاع الجوي، لنشرها لاحقاً على الحدود مع سوريا مقابل إدلب.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.