لم يكن من المعتاد ظهور حيوان الفهد في الرسومات التي تزين التوابيت الفرعونية أو جدران المعابد، لكن البعثة الإيطالية العاملة في مدينة أسوان المصرية، نشرت أول من أمس صورة معالجة رقمياً، تظهر بقايا رسم وجه فهد نقش داخل تابوت حجري.
وأسهمت هذه الدراسة في تسليط الضوء على الحيوانات نادرة الظهور في الآثار المصرية، والتي يعد من أبرزها الفهد والزرافة والخرتيت والدب السوري والخفاش والخنزير والديك والفيل. ونقل موقع «لايف ساينس» عن الباحثين العاملين على هذا الاكتشاف، أول من أمس، أن الرسم داخل التابوت كان يحاذي رأس المومياء الفرعونية، وأعطوا هذه اللقطة أبعاداً عقائدية بالقول إنهم يعتقدون أن رسم الفهد ووضعه في هذا المكان بهدف منح المتوفى القوة اللازمة في رحلته إلى العالم الآخر.
ويتحفظ بسام الشماع، الكاتب في علم المصريات، على هذا التفسير العقائدي، لأنه لم يثبت أن المصري القديم اتخذ حيوانات ليست من البيئة المصرية معبودات، مؤكداً في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك ظهوراً نادراً آخر للفهد بصحبة حيوانات أخرى ليست من البيئة المصرية، في مشهد بديع يصور عملية «الجزية» التي كانت تتلقاها مصر الفرعونية من الأقطار الأخرى.
ويظهر هذا المشهد في مقبرة «رخميرع» التي تحمل الرقم 100 في البر الغربي من الأقصر، وتظهر فيه «زرافة» صغيرة السن مرسومة بعناية فائقة، ومعلق في رقبتها قرد أخضر، وفي المشهد نفسه يظهر فهد ودببة وفيل صغير، وتشير الكتابات المصاحبة للفيل أنه كان ضمن ما تم تلقيه من الجزية من منطقة الشام. ومن بين المناظر الأخرى التي تصور الجزية القادمة من منطقة الشام، تلك التي كانت موجودة في المعبد الجنائزي لـ«ساحورع» من منطقة أبو صير بالجيزة.
وكانت الباحثة إيناس بهي الدين عبد النعيم، الأستاذة بقسم الإرشاد السياحي بمعهد الدراسات النوعية بالهرم، قد سجلت حضوراً ثالثاً للدب السوري في عصر ما قبل الأسرات خلال دراسة نشرتها قبل عامين في مجلة الاتحاد العام للأثريين العرب.
ويظهر هذا الدب الذي يتميز بلونه البني المصفر أو الرمادي وعرف باسم «Htmt» في اللغة المصرية القديمة، على أحد وجهي مقبض سكين محفوظ حالياً بالمتحف المصري بالقاهرة، وقد عثر عليه بالقرب من منطقة أبيدوس، جنوب مصر.
ومن الحيوانات الأخرى التي لم تكن من البيئة المصرية، وكان لها ظهور نادر في المقابر الفرعونية هو حيوان الخرتيت، الذي على ما يبدو تم تلقيه جزيةً أيضاً، وهو ما يظهر من حرص المصري القديم في المشهد الذي يظهر فيه الخرتيت على تسجيل أبعاده الجثمانية بكل دقة.
ويقول الشماع: «هذا المشهد كان منحوتاً بمعبد مكرس لعبادة رب الحرب والنزال العسكري (مونشو)، ويرجع غالباً للأسرة الـ19».
وظهر الخرتيت أيضاً في مشهد آخر أقل حضوراً من المشهد السابق، ويعود إلى عصر ما قبل «نقادة 2» وهو من العصور القديمة قبل توحيد القطرين، ويظهر منحوتاً على صخر بمنطقة سلوة بحري ما بين إدفو وكوم أمبو. ويصف الشماع هذا المشهد قائلاً: «يُظهر شخصاً ممسكاً بقوس، وموجهاً سهمين، أحدهما وصل لعنق نعامة، وفي المشهد نفسه يوجد خلف النعامة فيل أفريقي، وخلف الفيل خرتيت».
ومن الحيوانات نادرة الظهور في الفن الفرعوني، لكنها ليست لها علاقة بالجزية، «طائر الخفاش»، الذي تظهر صورته في قطعة «شقافة» من الحجر الجيري، اكتشفت في دير المدينة بالبر الغربي من الأقصر (جنوب مصر) وترجع لعهد الرعامسة، وهي محفوظة بالمتحف المصري بالتحرير.
ويوجد هذا الطائر أيضاً على حائط في مقبرة بني حسن بمحافظة المنيا، لكن ملامحه ضاعت، ونجح باحثان أستراليان في استعادة صورته باستخدام برنامج «DStretch» المتخصص في التعامل مع اللوحات الأثرية المنحوتة على الجدران والصخور، وأعلنوا عن ذلك في دراسة نشرتها دورية «العلوم الأثرية» البريطانية في أغسطس (آب) من عام 2018. وظهر «الديك» أيضاً بشكل نادر في الفن الفرعوني، رغم أنه من البيئة المصرية، ويحتفظ المتحف البريطاني بـ«شقافة» من الحجر الجيري مرسوم عليها الديك بالحبر الأسود، وتظهر الصورة كيف كان مفعماً بالحيوية والنشاط، وفق الشماع.
الحيوانات نادرة الظهور في الآثار الفرعونية تطل من جديد
الحيوانات نادرة الظهور في الآثار الفرعونية تطل من جديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة