«مطلع اليهودي» في دهب.. مزار للسياح الإسرائيليين في سيناء

نصب تذكاري لمهندس عمل في تمهيد طريق شرم الشيخ

منظر عام لمدينة دهب
منظر عام لمدينة دهب
TT

«مطلع اليهودي» في دهب.. مزار للسياح الإسرائيليين في سيناء

منظر عام لمدينة دهب
منظر عام لمدينة دهب

لا يعدم اليهود الإسرائيليون حيلا للوجود بمصر، فعلى غرار احتفالاتهم بمولد اليهودي «أبو حصيرة» ومقبرته بمحافظة البحيرة، شمال غربي العاصمة المصرية القاهرة، التي تم منعها أخيرا لدواع أمنية، يحرص السياح الإسرائيليون في أثناء زيارتهم مصر على زيارة نصب تذكاري ليهودي آخر في مدينة «دهب» المصرية جنوب شبه جزيرة سيناء.
النصب التذكاري مقام على الطريق الدولي في جنوب سيناء بالقرب من مدينة شرم الشيخ وعلى بعد نحو 25 كيلومترا من مدينة دهب الساحلية، حيث يوجد أحد المطالع شاهقة الارتفاع يطلق عليه «مطلع اليهودي»، ويبلغ ارتفاعه أكثر من 16 مترا، حيث أقيم على تبة عالية تشبه هضبة المقطم.
ويروي مؤمن صالح، مرشد سياحي، أنه وأثناء سنوات الاحتلال الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء خلال الفترة من (1967 وحتى 1973)، تولى مهندس إسرائيلي يدعى «شريزا لاباس» مهمة تمهيد طريق شرم الشيخ، وبعد أن مهد الطريق وأنهى مشروعه، وأثناء قيادته سيارته لتجربة الطريق، انقلبت به السيارة أعلى ذلك المطلع المجاور للمقبرة، فمات صريعا. وعقب وفاته، أقام له الإسرائيليون نصبا تذكاريا تخليدا لذكراه، ومن حينها أصبح المكان معروفا باسم «مطلع اليهودي».
وتابع صالح أنه: «عقب استعادة المصريين سيناء، لم تتم إزالة النصب من مكانه، لكن وضع علم مصري في سارية أعلى جبل بجوار النصب، لا يزال موجودا حتى الآن، كما أقيم عدد من الكافيهات بالموقع واستراحة للزائرين من قبيل استغلال النصب كمنشط سياحي».
يقول صالح إن أعدادا كبيرة من السائحين يتوافدون من إسرائيل لزيارة مدينة دهب وشرم الشيخ، وخلال زيارتهم يدرجون النصب التذكاري المقام على شكل هرم صغير، على قائمة برامج رحلاتهم.
وتقع دهب على خليج العقبة عند البحر الأحمر جنوب شرقي شبه جزيرة سيناء، على بعد نحو 100 كلم إلى الشمال من منتجع شرم الشيخ الشهير، وتبعد نحو 140 كيلومترا عن مدينة إيلات الإسرائيلية. وهي مدينة سياحية، كانت في السابق قرية صغيرة لصيادي السمك، ثم اشتهرت في التسعينات بكونها أحد أهم المنتجعات السياحية في سيناء، نظرا إلى تمتعها بطبيعة خاصة هادئة وشاطئ خلاب على البحر الأحمر، وذلك بعد أن أولتها الحكومة المصرية اهتماما خاصا فأقامت الفنادق والقرى السياحية في قلبها، وما زال يقيم بها بعض البدو حتى الآن.
وبينما يؤكد البعض أن رفات المهندس الإسرائيلي ما زال موجودا داخل هذا النصب، يقول آخرون إن إسرائيل استعادته عقب تحرير سيناء، ويعتبرون استمرار المقبرة بمثابة عكاز إسرائيلي جديد في مصر لإثبات وجودها بالمنطقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».