«أول مصاب» يجهض سريعاً آمال انتعاش أسواق روسيا

رغم محاولات الروبل «مقاومة» كورونا بعد «تطمينات حكومية»

TT

«أول مصاب» يجهض سريعاً آمال انتعاش أسواق روسيا

لوقت قصير، انتعشت بورصة موسكو صباح أمس، وعادت للصعود مجددا مطلع الأسبوع الحالي بعد تراجع حاد سجلته نهاية الأسبوع الماضي، متأثرة بتداعيات كورونا على الأسواق العالمية... كما استعاد الروبل الروسي بعض خسائره أمام الدولار، بينما استمر تراجعه أمام اليورو، بعد ارتفاع «خجول».
لكن يبدو أن تأثير كورونا كان أقوى من «العوامل الإيجابية» وقدرة الروبل ومؤشرات البورصة على التحمل. ومع الإعلان في ساعات بعد الظهر عن اكتشاف أول حالة إصابة بالفيروس في روسيا، تراجع تأثير تلك العوامل، وعادت المزاجية السلبية إلى السوق، وانعكس ذلك بعودة مؤشرات بورصة موسكو للهبوط، وتراجع سعر صرف الروبل مجددا حتى مستوى «انهياره» نهاية الأسبوع الماضي، وتجاوز مساء أمس عتبة 67 روبل أمام الدولار، بينما زادت خسائره أمام العملة الأوروبية وتراجع عند الساعة 16:40 بتوقيت موسكو حتى 75 روبل أمام اليورو. هذا الوضع دفع الخبراء للحديث مجددا عن ضعف «مقاومة» الروبل واحتمال استمرار تراجعه أمام العملات، تحت تأثير تداعيات كورونا على أسواق الخام عالميا.
ويحيل الخبراء الصعود الصباحي الطفيف في السوق الروسية إلى ظهور عوامل تأثير إيجابية، بعضها مرتبط بالوضع في الأسواق العالمية، وسياسات البنوك المركزية، والبعض الآخر مرتبط بتصريحات مسؤولين روس، حملت في طياتها «طمأنة» للسوق المحلية بشأن قدرة الاقتصاد الروسي على مواجهة الوضع القائم، فضلا عن خطوات تبنتها وزارة المالية الروسية، أكدت من خلالها أنها لا تتعامل مع التقلبات الحالية في السوق على أنها «أزمة» اقتصادية جديدة، تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة.
وبعد أن أغلقت على تراجع حاد نهاية الأسبوع الماضي، عادت بورصة موسكو للصعود في الساعات الأولى لتعاملات مطلع الأسبوع الحالي. وفي الجلسات الأولى صباح أمس ارتفع مؤشرها للأسهم المقومة بالروبل بنسبة 2.35 في المائة، وارتفع مؤشر الأسهم المقومة بالدولار بنسبة 3.96 في المائة. أما الروبل الروسي وبعد أن تخطى عتبة 67 أمام الدولار نهاية الأسبوع الماضي، سجل ارتفاعا طفيفا في النصف الأول من نهار أمس، وارتفع بنسبة 0.52 في المائة، حتى 66.53 روبل للدولار. وارتفعت العملة الروسية كذلك في الصباح بنسبة 0.48 في المائة أمام العملة الأوروبية، حتى 73.47 روبل لليورو. إلا أنه عاد للهبوط مجدا أمام العملات الرئيسية في الساعات الأولى بعد الظهر، وبدا كأنه يقاوم أمام الدولار، محاولا عدم تجاوز مؤشر 67. وتراجع في الساعة الثانية بعد الظهر حتى 66.95 روبل للدولار، بينما زادت خسائره أمام اليورو، وبعد تراجع حتى 73.37 روبل لليورو مساء الجمعة نهاية الأسبوع الماضي، تراجع مجددا بعد ظهر أمس حتى 74.31 روبل لليورو الواحد.
ولم تكن هذه «المقاومة المؤقتة» التي أبدتها السوق الروسية يوم أمس بمعزل عن الوضع في الأسواق العالمية بشكل عام. وبعد تراجع حاد نهاية الأسبوع الماضي، سجلت غالبية البورصات العالمية صعودا صباح أمس الاثنين، مع ظهور مؤشرات إيجابية بشأن خطوات في إطار اتفاقية «أوبك+»، فضلا عن خطوات تحفيزية للمستثمرين من جانب البنوك المركزية. في هذا الصدد قال المحلل المالي الروسي أندريه كوتشيتكوف، من مؤسسة «أوتكريتي بروكر»، إن الآمال على خطوات تحفيزية إضافية من جانب البنوك المركزية، وتخفيض سعر الفائدة، تدفع المستثمرين لنسيان حالة الهلع التي هيمنت على الأسواق الأسبوع الماضي، في إشارة إلى التوقعات بإمكانية عودتهم إلى الأصول المحفوفة بالمخاطر في الدول الناشئة، بغض النظر عن تأثير تفشي كورونا. وإلى جانب تأثرها بالمزاجية الإيجابية نسبيا في الأسواق العالمية، يرى مراقبون أن السوق الروسية تأثرت كذلك بعوامل إيجابية «محلية»، جاءت عبر تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس، حين أكد توفر إمكانيات لضمان استقرار الاقتصاد الروسي، وتمويل الإنفاق على التدابير الاجتماعية.
ولعل تصريحات وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، كانت رسالة «الطمأنة» الأهم للسوق الروسية، حين قال إنه لا يرى ضرورة باتخاذ أي تدابير عاجلة لمواجهة الوضع الراهن، وأكد أن الوزارة والبنك المركزي سيواصلان العمل بموجب خطة تخصيص فائض الإيرادات النفطية، لشراء العملات الصعبة من السوق المحلية، ليؤكد بذلك أنه لا يرى في وضع السوق الأسبوع الماضي، ومجمل تداعيات كورونا على الاقتصاد الروسي حتى الآن، بأنها «أزمة اقتصادية»، قد تؤدي إلى انهيار حاد على الروبل. ويقارن الخبراء هذا الموقف حالياً، بموقف الوزارة و«المركزي» في أغسطس (آب) عام 2018، حين واجه الاقتصاد الروسي أزمة أدت إلى انهيار الروبل، في أعقاب فرض الولايات المتحدة عقوبات ضد كبار الأغنياء الروس. حينها تم اتخاذ قرار بالتوقف عن ضخ فائض الإيرادات النفطية (بالروبل الروسي) لشراء العملات الصعبة من السوق المحلية، نظراً لأن عمليات الشراء تلك شكلت عامل تأثير سلبي إضافيا على وضع الروبل. ولم يستأنف المركزي الشراء إلا في يناير (كانون الثاني) 2019.



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.