«كورونا» يشغل الزعماء أيضاً!

جنود كوريون جنوبيون يعقمون شوارع سيول أمس (أ.ب)
جنود كوريون جنوبيون يعقمون شوارع سيول أمس (أ.ب)
TT

«كورونا» يشغل الزعماء أيضاً!

جنود كوريون جنوبيون يعقمون شوارع سيول أمس (أ.ب)
جنود كوريون جنوبيون يعقمون شوارع سيول أمس (أ.ب)

شغل فيروس كورونا الجديد («كوفيد - 19») العالم، مع تمدّده إلى نحو 60 دولة في خمس قارات، وحصده أرواح أكثر من 3000 شخص.
وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي ظهر المرض في بلاده قبل 3 أشهر، أول زعيم يتحدّث عن الفيروس ويستعرض الجهود التي بذلتها حكومته لحماية مواطنيها ومواطني العالم.
ومع اتّساع رقعة انتشار المرض، أدلى زعماء آخرون بتصريحات لطمأنة مواطنيهم وشرح الإجراءات المتخذة لاحتواء «كوفيد - 19»، وفي مقدم هؤلاء الرؤساء الأميركي دونالد ترمب والكوري الجنوبي مون جاي - إن والفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والبريطاني بوريس جونسون. وفي ما يلي أبرز ما قالوه عن الفيروس:

شي تجول بكمامة
دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، في 10 فبراير (شباط)، في أول ظهور علني له منذ بدء انتشار فيروس «كورونا» الجديد، إلى اتخاذ تدابير «أكثر قوة وحزماً» ضدّ المرض. وزار الرئيس الصيني واضعاً قناعاً للحماية مستشفى وحياً سكنياً في العاصمة بكين، لمتابعة جهود مكافحة انتشار الفيروس، الذي تجاوز عدد الإصابات به 80 ألفاً حتى اليوم.

 الرئيس الصيني يظهر مرتدياً كمامة (رويترز)

ترمب يطمئن الأسواق
كانت أولى تصريحات الرئيس الأميركي حول الفيروس تهدف إلى طمأنة الأسواق مع الانتشار السريع لـ«كوفيد - 19» خارج الصين. وعيّن ترمب نائبه مايك بنس للإشراف على جهود مكافحة الفيروس أميركياَ، وقال في تغريدة: «في ما يتعلق بفيروس كورونا.. إضافة لفحص المسافرين قبل الصعود للطائرات من دول معينة ذات خطورة عالية، أو مناطق داخل تلك الدول، سيتم كذلك فحصهم عند وصولهم لأميركا. شكرا لكم».
وتسابق إدارة ترمب الزمن لمكافحة الفيروس السريع الانتشار، وذلك بفرض قيود على حركة السفر وإرسال رسائل على نطاق واسع بخصوص إجراءات السلامة والعمل على تفادي حدوث حالة ذعر عام في المجتمع.

ترمب لدى عقده مؤتمرا صحافيا حول كورونا الأسبوع الماضي (أ.ب)

مون لا يخفي قلقه
حذر الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن من أن تفشي الفيروس «خطير للغاية» في بلاده التي سجّلت أعلى عدد من الإصابات خارج الصين. وانتقد الكوريون الجنوبيون تعامل حكومة مون مع الأزمة، فيما تجاوز عدد الحالات المؤكدة 4200. وبلغ عدد الوفيات 28.
وأعلن مون الحالة القصوى من التأهب، خاصة في منطقة «دايغو» التي شهدت أبرز انتشار خارج الصين وفرضت عليها السلطات إجراءات حجر صارمة.

مون لدى تفقده مركزا صحيا في دايغو اليوم (د.ب.أ)

آبي يشن «حربا شرسة»
دعا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، المواطنين للتعاون في «الحرب الشرسة» لاحتواء تفشي فيروس كورونا في الأسابيع المقبلة، في ظل استعداد اليابان لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو بعد أشهر.
وقال آبي في مؤتمر صحافي بعد دعوته لإغلاق كافة المدارس في أنحاء البلاد لأكثر من شهر: «بصراحة لا يمكننا الانتصار في هذه الحرب عبر جهود الحكومة فحسب». وهذا القرار المفاجئ باغت المعلمين وأولياء الأمور وأرباب العمل، وأثار موجة جديدة من الانتقادات للحكومة.
ويواجه آبي انتقادات حادة لتعامله مع أزمة فيروس كورونا، وقال: «قررت أننا نحتاج لبذل كل الجهود في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين لمنع انتشار» الفيروس، وعبر عن ثقته بالقدرة على تحقيق ذلك.

ابي عقب عقده مؤتمرا صحافيا حول انتشار الفيروس في بلاده السبت (إ.ب.أ)

ماكرون يشكر الكادر الصحي
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سجلت بلاده 4 وفيات جرّاء الفيروس: «نحن أمام أزمة تفشي وباء (...) وعلينا مواجهته بالطريقة الأفضل». وأجرى ماكرون زيارة للمستشفى في باريس حيث توفي أول فرنسي جراء إصابته بالفيروس، الأربعاء الماضي. وقال ماكرون: «نحن أمام أزمة، وباء يقترب...علينا أن نواجهه بأفضل ما يمكن».
وتم إحصاء 130 إصابة مؤكدة في فرنسا، توفي 4 بينهم.

ماكرون لدى اجتماعه مع طاقم صحي في مستفى توفي فيه مريض الخميس الماضي (أ.ف.ب)

جونسون وأغنية عيد الميلاد
قال رئيس الوزراء بوريس جونسون إن بريطانيا يجب أن تكون أكثر استعدادا لانتشار فيروس كورونا، عقب تسجيل البلاد 40 حالة مؤكدة، 37 بينها في إنجلترا.
وفي فيديو لزيارته إلى أحد المراكز الطبية، شدد جونسون على الوقاية، ووجّه بترديد أغنية «عيد الميلاد» مرتين خلال غسل الأيدي بالماء والصابون، لمواجهة الفيروس.
https://www.youtube.com/watch?v=nQ3Ow5TkVtY


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟