مقتنيات أسرة محمد علي تخطف أنظار زوار متحف الغردقة

يضم لوحة الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل

مقتنيات أسرة محمد علي تخطف أنظار زوار متحف الغردقة
TT

مقتنيات أسرة محمد علي تخطف أنظار زوار متحف الغردقة

مقتنيات أسرة محمد علي تخطف أنظار زوار متحف الغردقة

اجتذبت مجموعة مقتنيات الأسرة العلوية (1805 - 1952) أنظار زائري متحف الغردقة بمحافظة البحر الأحمر (450 كيلومتراً جنوب شرقي القاهرة) في أولى أيام افتتاحه أمام الجمهور، أمس، وتضم هذه المقتنيات مجموعة من الحلي والمجوهرات والأوسمة الخاصة بالأسرة العلوية، والتي يعرض بعضها لأول مرة.
وحظي المتحف في أولى أيام عمله بـ«إقبال جيد» من المصريين والأجانب، وفق المهندس خالد محفوظ، ممثل القطاع الخاص بمتحف الغردقة، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نتعاون حالياً مع الشركات السياحية لإدراج المتحف على أجندة زيارات الوفود السياحية خلال الأيام المقبلة، بجانب السماح لطلاب مدارس محافظة البحر الأحمر بزيارة المتحف، للتعرف على حضارة وتاريخ مصر».
وأكد أن تقييم هذه التجربة الجديدة، بشكل صحيح، ينبغي أن يتم بعد 3 أشهر من الآن للوقوف على الإيجابيات والسلبيات، لافتاً إلى أن «متحف الغردقة يقدم تنوعاً سياحياً لزائر مدينة الغردقة الباحث عن الترفيه والاستجمام بشواطئها وسواحلها الرائعة».
ويبرز متحف الغردقة وسائل الجمال والرفاهية في الحضارة المصرية عبر العصور؛ حيث تُعرض به قطع تجسد وسائل الراحة في المنازل وأثاثها وأدوات الزينة التي استخدمها المصري القديم من زينة شعر وملابس وكريمات وعطور وإكسسوارات، كما يتناول العرض المتحفي أيضاً المظاهر الرياضية كالصيد النيلي والبري، إلى جانب الآلات الموسيقية وصور من حفلات بها رقص وعزف، بداية من العصر الفرعوني حتى العصور الحديثة.
بعض مقتنيات أسرة محمد علي المعروضة بمتحف الغردقة، تم انتقاؤها من متاحف أخرى، مثل متحف المجوهرات بالإسكندرية، وقصر عابدين بالقاهرة، لخدمة العرض المتحفي الذي يهدف إلى إبراز مفهوم الجمال في الحضارة المصرية.
وتعدّ مدينة الغردقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة) من أهم وأشهر المدن السياحية المصرية، إذ تجتذب المدينة آلاف السياح سنوياً من مختلف الجنسيات للاستمتاع برياضة الغوص والسباحة، بجانب الاستجمام.
ويعود تاريخ محافظة البحر الأحمر إلى عصور الفراعنة، وتضم بين جنباتها مناطق أثرية متنوعة، من بينها «أم الفواخير» في وادي الحمامات، ومنطقة «جبل أبو دخان»، وقلاع إسلامية ترجع للعصر العثماني، وضريح ومسجد الشيخ أبي الحسن الشاذلي. كما توجد بالبحر الأحمر مزارات مسيحية، مثل دير بولا، ودير الأنبا أنطونيوس الذي كان ملجأ للرهبان في الماضي.
وعرف عن ملكات وأميرات الأسرة العلوية أنهن كن يتزين بأفخر الحلي والمجوهرات التي كانت تصنع لهن خصيصاً من أرقى بيوت المجوهرات في العالم، والتي كانت تتنافس على صنع تلك المجوهرات، وتعطي معلومات عن القطع النادرة المصنعة من حيث الوزن وعدد الأحجار الكريمة وتاريخ الصنع واسم الصانع ودار المجوهرات، وكانت تنقش على العلب التي توضع بها القطع الثمينة، وفق تصريحات صحافية لولاء بدوي، مدير عام متحف قصر المنيل بالقاهرة.
ويضم المتحف، الذي تبلغ تكلفة إنشائه نحو 160 مليون جنيه مصري (10 ملايين دولار أميركي تقريباً)، قطعاً أثرية نادرة من مناطق قديمة بمحافظة البحر الأحمر، ويعمل مسؤولو المتحف حالياً على تخصيص مكان لعرض المشغولات اليدوية التي يتم تصنيعها من الجلود، وتعبر عن تراث المحافظة.
متحف الغردقة، يعد أول متحف يتم إنشاؤه بالشراكة بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص؛ حيث ستتم مقاسمة عائد المتحف بين وزارة السياحة والآثار، والشركة الخاصة التي تولت عملية الإنشاءات.
تم تزويد المتحف بقطع ملكية من أسرة محمد علي، ومن بين أبرز القطع الأثرية الخاصة بالأسرة العلوية المعروضة بالمتحف «وشاح الكمال»، الذي يمنح للسيدات فقط، ويتكون من 4 طبقات، ويبرز دقة الصناعة، متمثلة في الصفات الأساسية للكمال، وهي الإخلاص والشرف والإحسان والوفاء.
ويضم متحف الغردقة أيضاً لوحة الأميرة فاطمة إسماعيل، وهي ابنة الخديوي إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا، والتي قررت التخلي عن مجوهراتها الملكية النفيسة، ووضعتها تحت تصرف هيئة جامعة القاهرة لاستكمال بنائها، ليكون هناك صرح علمي. بجانب لوحة للأميرة أمينة هانم إلهامي، الملقبة بـ«أم المحسنين»، زوجة الخديوي محمد توفيق، والتي كان لها الفضل في إنشاء أول مدرسة للبنات، وكذلك المدارس الزخرفية الصناعية الإلهامية بمصر، ولوحة الأميرة فوزية ابنة الملك فؤاد وشقيقة الملك فاروق.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».