مخرج إيراني ممنوع من السفر يفوز بـ«الدب الذهبي» في مهرجان برلين

عن فيلم تناول عقوبة الإعدام في بلاده تم تصويره سراً

المخرج الإيراني محمد رسولوف عبر الهاتف أثناء تسلم زملائه الجائزة نيابة عنه (أ.ف.ب)
المخرج الإيراني محمد رسولوف عبر الهاتف أثناء تسلم زملائه الجائزة نيابة عنه (أ.ف.ب)
TT

مخرج إيراني ممنوع من السفر يفوز بـ«الدب الذهبي» في مهرجان برلين

المخرج الإيراني محمد رسولوف عبر الهاتف أثناء تسلم زملائه الجائزة نيابة عنه (أ.ف.ب)
المخرج الإيراني محمد رسولوف عبر الهاتف أثناء تسلم زملائه الجائزة نيابة عنه (أ.ف.ب)

منح مهرجان برلين السينمائي أمس (السبت)، جائزته الكبرى «الدب الذهبي» للمخرج الإيراني محمد رسولوف عن فيلمه «لا يوجد شر» (ذير إز نو إيفِل)، وهو عمل انتقادي حاد يتناول عقوبة الإعدام في إيران.
ورسولوف البالغ 48 عاماً ممنوع حالياً من السفر خارج إيران، الأمر الذي حرمه من حضور المهرجان وتسلّم جائزته، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المنتج فرزاد باك الذي تسلّم الجائزة نيابة عنه: «كنت أتمنّى أن يكون محمد هنا بنفسه، لكن للأسف ليس مسموحاً له بمغادرة البلاد». وأضاف: «أود أن أشكر الممثلين وأفراد طاقم الفيلم المدهشين الذين خاطروا بحياتهم ليكونوا في هذا الفيلم» الذي صُوّر سراً.
وحُكم على رسولوف العام الماضي بالسجن مدة عام بتهمة «التعرض لأمن الدولة»، ومُنع من صناعة الأفلام مدى الحياة.
ولا يزال رسولوف بانتظار تنفيذ الحكم الصادر ضده، وكانت السلطات قد صادرت جواز سفره عام 2017 بعد عرض فيلمه «رجل نزيه» الذي يهاجم الفساد، خلال مهرجان «كان».
وكتبت مجلة «فارايتي» السينمائية أن الفيلم الذي فاز بجائزة الدب الذهبي هو «أوضح بيان انتقادي حتى الآن» يصدر عن رسولوف. وأضافت أن الفيلم «سلسلة حكايات رمزية أخلاقية وكافكاوية حول عقوبة الإعدام في إيران ومنفذيها، وقد صُنِع في تحدٍ صريح للقيود التي فرضتها الحكومة عليه».
ويسرد الفيلم 4 حكايات شخصية مترابطة بشكلٍ واهن لجلادين وعائلات محكوم عليهم بالإعدام.
وقال رسولوف في بيان: «أنا آسف لأنه لن يكون بمقدوري الحضور إلى برلين لمشاهدة الفيلم إلى جانب الجمهور، ومع ذلك فإن الحق بالاختيار بين أن أكون حاضراً أو غائباً في المهرجان هو ببساطة ليس ملكي». وأضاف أن «فرض قيود من هذا النوع يفضح بشكل جلي الطبيعة الاستبدادية وغير المتسامحة للحكومة الإيرانية».
وشارك بتسلم الجائزة المنتج الإيراني كافيه فارنام الذي تَوَجّه بكلمته إلى جائزة «الدب الذهبي»، قائلاً: «أريد أن أطلب منك أن تعانق محمد معلمي وصديقي وأن تقول له: محمد، أنت لست وحدك». وغالباً ما يتم استهداف السينمائيين في إيران بالمنع والتقييد والتهديد بالسجن.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».