تسريح 15 طفلاً «جندياً» من القتال في جنوب السودان

TT

تسريح 15 طفلاً «جندياً» من القتال في جنوب السودان

سرّحت دولة جنوب السودان 15 من الجنود الأطفال الذين كانوا يقاتلون ضمن الجيش الحكومي وإحدى الجماعات المسلحة، في قاعدة للجيش ضمن عملية التسريح وإعادة الدمج والتأهيل التي أقرتها اتفاقية الترتيبات الأمنية وبإشراف منظمة اليونيسيف. وكان الصبية، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً قد أخذوا كأسرى حرب خلال المعارك العسكرية التي وقعت بين القوات الحكومية والمتمردين التابعين للجنرال بول مولنق في منطقة راجا في غرب بحر الغزال في أغسطس (آب) 2019، وتدعم منظمة اليونيسيف وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، المفوضية القومية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وفق اتفاق السلام الذي أعيد تنشيطه.
وقال ممثل اليونيسيف في جنوب السودان، محمد آغا أيويا، «مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية في جنوب السودان نأمل بأن يطول السلام، ولدينا فرصة ذهبية لضمان عدم وجود أطفال في ثكنات الجيش والقوات الأخرى»، مشيراً إلى أن الأطفال الذين تم تسريحهم سيُنقلون إلى مراكز رعاية مؤقتة للحصول على الدعم النفسي والاجتماعي وتلبية احتياجاتهم الأكثر إلحاحاً قبل أن تتم إعادتهم إلى أسرهم. من جهته، قال منسق مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، أولوكو أندرو، إن 15 طفلاً تم تسريحهم بحضور وكالات إنسانية تعمل في حماية الطفل في جنوب السودان، مضيفاً قوله: «تم أخذ هؤلاء الأطفال كأسرى حرب في الاشتباكات التي وقعت بين الجيش الحكومي والقوات الموالية للجنرال بول مولنق في مدينة راجا في ولاية غرب بحر الغزال». وأشار إلى أن ممثلين عن اليونيسيف وبعثة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر كانوا حضوراً أثناء تسريح الأطفال الـ15 في قيادة الجيش، وأوضح أن 11 طفلاً يتحدرون من شمال ولاية بحر الغزال واثنين من غرب الولاية، بالإضافة إلى آخرين من ولاية واراب.
في غضون ذلك، كشفت إذاعة محلية في عاصمة جنوب السودان، جوبا، عن تلقي أعضاء المجلس التشريعي القومي الانتقالي 25 ألف دولار لكل عضو للتأمين الصحي، في السابقة الثانية التي يحصل فيها الأعضاء على أموال بالعملة الصعبة خلال سنتين. وذكر «راديو مرايا» التابع لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ويبث من جوبا أن أحد أعضاء البرلمان أبلغ الإذاعة أن أعضاء البرلمان القومي الانتقالي تلقوا 25 ألف دولار نقداً لكل نائب.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.