لبنان يقترب من تشريع زراعة الحشيش ويعوّل على مردودها

مشروط بالاستخدام الطبي والصناعي... وتحذيرات من فوضى

مزارعون يعتنون بنبات الحشيش في منطقة اليامونة بالبقاع (غيتي)
مزارعون يعتنون بنبات الحشيش في منطقة اليامونة بالبقاع (غيتي)
TT

لبنان يقترب من تشريع زراعة الحشيش ويعوّل على مردودها

مزارعون يعتنون بنبات الحشيش في منطقة اليامونة بالبقاع (غيتي)
مزارعون يعتنون بنبات الحشيش في منطقة اليامونة بالبقاع (غيتي)

سلك اقتراح قانون زراعة الحشيش في لبنان طريقه إلى التشريع بعدما أقرته اللجان النيابية، أول من أمس، تمهيداً لإقراره في الهيئة العامة للبرلمان. وفيما ربط الاقتراح زراعة «القنب» بالاستخدام الطبي والصناعي مرفقاً بشروط وقوانين ترعى تنفيذه، يحذّر البعض من الفوضى التي قد ترافق هذا التشريع في ظل الواقع السياسي الذي يتحكّم بلبنان، والذي يحول دون تطبيق القوانين، وبالتالي انعكاس هذا القرار سلباً على المواطن اجتماعياً وصحياً.
ومع بعض الأصوات المنتقدة للقانون، الذي أقرته اللجان النيابية للمال والموازنة والإدارة والعدل والصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية والدفاع الوطني والداخلية والبلديات والزراعة والسياحة، في جلسة مشتركة، لجهة عدم تضمينه للجدوى الاقتصادية والتشكيك بالقدرة على ضبط زراعة ما يسمّى «الذهب الأخضر»، يؤكد وزير الزراعة عباس مرتضى أن هناك دراسة تفصيلية لمردود تشريع الحشيش اللبناني الذي كانت خطة «ماكينزي» الأميركية حول تطوير الاقتصاد اللبناني، قد أوصت به مع تقديرات بأن يدر مليار دولار سنوياً لخزينة الدولة.
ويوضح مرتضى لـ«الشرق الأوسط» أن «سهل البقاع يعتبر من أفضل الأراضي لزراعة القنّب الذي يصنّف ضمن أجود الأنواع في العالم وهو لا يحتوي على أكثر من 1 في المائة من المادة المخدرة، وتفيد التقديرات بأن كل ألف متر مزروع ينتج 250 كيلو من زهرة القنّب». ويضيف: «إذا عمدنا في لبنان إلى بيع الكيلو منها من دون تصنيع بخمسين دولارا نكون قد دعمنا المزارع اللبناني وأمّنا مردوداً كبيراً للدولة، أما إذا ذهبنا باتجاه إنشاء المعامل ومصانع الأدوية فعندها ستتضاعف الأرباح، إضافة إلى إمكانية أن يؤدي هذا القانون إلى قدوم شركات أجنبية للاستثمار في لبنان بهدف تصنيع الأدوية».
من جهته، يقول الباحث محمد شمس الدين إن «مساحة الأراضي المزروعة في البقاع تقدر بحوالي ثلاثة أو أربعة آلاف هكتار، وهي مرجّحة للزيادة بشكل كبير مع تشريع الزراعة، ويقدر مردود كل ألف متر مربع منها بنحو 20 ألف دولار، أي أضعاف مردود أي زراعة أخرى»، مشيراً في الوقت عينه إلى أن التشريع لا يعني ضبط هذه التجارة التي قد تتفاقم إذا لم تترافق مع مراقبة دقيقة وتنفيذ للقوانين.
من هنا، وانطلاقاً من المساحات المزروعة حالياً بالحشيش، يقدّر دخل المزارعين، بحسب شمس الدين، بنحو 600 مليون دولار بينما قد يصل بالنسبة إلى التجار إلى مليارين أو أكثر، علما بأن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة كان قد صنّف لبنان كثالث مصدر رئيسي للحشيش في العالم لعام 2018 بعد أفغانستان والمغرب.
لكن في المقابل، يشكّك رئيس «الهيئة الوطنية الصحية»، النائب السابق إسماعيل سكرية، بالتقديرات حول المردود المادي لتشريع القنّب، محذراً في الوقت عينه من استغلاله في غياب الدولة وتنفيذ القوانين وخطر إدخاله في إطار المحاصصة السياسية والطائفية.
ويعتبر سكرية تشريع زراعة الحشيش «تهريباً، وإن قدّم لأهداف طبية وهي كلمة حق يراد بها باطل، فإنها تحمل الكثير من المخاطر والأذى الاجتماعي والقليل من المردود الاقتصادي الذي يدعيه أصحاب نظرية الذهب الأخضر، ممن يتقنون ترجمة ثقافة التقريش، إلا إذا اعتبر مسكناً لآلام الناس ومخدراً لعقولها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في الإطار العام لست ضد القول إن للقنب فوائد طبية، إنما هي لا تتعدّى المسكنّات للألم، وبالتالي المبالغة في الحديث عنها قد تؤدي إلى استغلالها لأهداف تجارية، إضافة إلى مخاوف اجتماعية وإدمان في أوساط الأجيال الشابة التي تقدر نسبة المدخنين في أوساطهم 40 في المائة».
وأضاف: «انطلاقاً من خبرتي في المجال الطبي، في دولة مهترئة لا تطبق القوانين فإن تشريع زراعة القنب سيؤدي إلى تجاوزات تتخطى أهدافه الطبية إلى أهداف تجارية من بعض المستشفيات وبعض الجهات الطبية، إضافة إلى احتكار تصديرها».
وعن هذه الشكوك المرتبطة بتطبيق القوانين، يقول وزير الزراعة إن «القانون لحظ بشكل دقيق ضوابط زراعة القنب، وسنعمل قدر الإمكان على تنفيذها بحيث تؤدي إلى نتائج لمصلحة المزارع وضبط التهريب الذي يستفيد منه اليوم التجار».
ولطالما شكّل الحشيش اللبناني صناعة مزدهرة خلال الحرب الأهلية كان يقدر مردودها بملايين الدولارات قبل أن تتخذ الدولة قراراً بمنعها وتنظيم حملات لمنع زراعته، بحيث يقدّر عدد الذين أوقفوا على خلفية إنتاجه وتهريبه وتجارته بنحو 30 ألفاً، مع وعود لسنوات طويلة بتأمين الزراعات البديلة، وهو ما لم يلق طريقه إلى التنفيذ.
وفي هذا الإطار، يؤكد وزير الزراعة أن الحديث عن الموقوفين على خلفية الحشيش وقانون العفو، له «حساباته الخاصة» التي قد يعاد طرحها بعد إقرار قانون زراعة الحشيش في مجلس النواب.
وارتكز القانون الذي يرمي إلى تنظيم زراعة القنب للاستخدام الطبي، على إنشاء «الهيئة المنظمة لزراعة القنب للاستخدام الطبي والعلمي»، وتكون سلطة الوصاية عليها لمجلس الوزراء. وتتولى هذه الهيئة مهمة منح التراخيص لاستيراد البذور والشتول وإنشاء المشاتل والزرع والحصاد ضمن مساحة مضبوطة، إضافة إلى التصنيع والبيع والتوزيع وإنشاء مراكز الأبحاث والمختبرات، وفق معايير وشروط محددة ترتكز على الاستخدام الطبي والصناعي، كما عملية المراقبة لمنع الاحتكار وإغراق السوق وعلى عملية الاستيراد والتصدير.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.