معارك بعد استعادة فصائل مدينة استراتيجية شمال غربي سوريا

قوات النظام تتقدم في جنوب إدلب بدعم روسي

TT

معارك بعد استعادة فصائل مدينة استراتيجية شمال غربي سوريا

استعادت الفصائل المقاتلة، على رأسها «هيئة تحرير الشام»، الخميس، السيطرة على مدينة ذات موقع استراتيجي في شمال غربي سوريا، بعد 3 أسابيع من سيطرة قوات النظام عليها، في تراجع ميداني يعد الأبرز لدمشق منذ بدء تصعيدها في المنطقة.
وحضر الوضع السوري على طاولة اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي الخميس في نيويورك، فيما تبدو القوى الدولية عاجزة عن وقف الهجوم الذي تشنه دمشق بدعم من حليفتها موسكو منذ نحو 3 أشهر، ودفع بنحو مليون شخص إلى مغادرة منازلهم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، بـ«سيطرة فصائل معارضة بدعم تركي على مدينة سراقب بشكل كامل»، مشيراً إلى معارك عنيفة تخوضها ضد قوات النظام على أطرافها، وتترافق مع غارات كثيفة تشنّها طائرات روسية.
وتمكن مراسل الصحافة الفرنسية صباحاً من دخول المدينة الواقعة في ريف إدلب الشرقي بعد انتشار مقاتلي الفصائل فيها بأعداد كبيرة. وقال إنها بدت خالية تماماً من سكانها، وتعرّضت لدمار كبير، بينما كان دوي المعارك على أطرافها يتردّد في أنحائها.
وتأتي استعادة الفصائل للمدينة بعد 3 أسابيع من سيطرة قوات النظام عليها، في إطار هجوم واسع تشنّه بدعم روسي منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) ضد مناطق تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» («النصرة» سابقاً) وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» من جهتها وقوع «اشتباكات عنيفة بين وحدات الجيش العربي السوري والمجموعات الإرهابية على محور سراقب».
وذكرت أن «المجموعات الإرهابية تزجّ بعشرات الانغماسيين والانتحاريين والعربات المفخخة» على أطراف المدينة الغربية، «مع إسناد ناري كثيف من قوات النظام التركي».
وبسيطرتها على سراقب، تمكّنت الفصائل، وفق ما أوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، من قطع طريق دمشق حلب الدولي الذي يعرف باسم «إم فايف»، بعدما كانت قوات النظام قد استعادت السيطرة على البلدات كافة التي يمرّ بها في إدلب.
ولا تكمن أهمية سراقب بموقعها على طريق «إم 5» فحسب، بل كونها تشكّل نقطة التقاء لهذا الطريق مع طريق دولي آخر يُعرف باسم «إم 4» يربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية غرباً.
وتسبب التصعيد في إدلب بتوتر مؤخراً بين دمشق وأنقرة اللتين تتبادلان القصف بشكل دوري. وقتل 19 جندياً تركياً منذ الأسابيع القليلة الماضية، بنيران قوات النظام، اثنان منهم بغارة الخميس، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع التركية.
ولأنقرة التي تواصل إرسال تعزيزات عسكرية إلى إدلب، وتوفّر الدعم للفصائل في هجماتها، 12 نقطة مراقبة، بموجب اتفاق أبرمته صيف العام 2018 مع موسكو، ويعقد دبلوماسيون ومسؤولون عسكريون من البلدين اجتماعاً الخميس في أنقرة.
وتكرر تركيا مطالبتها قوات النظام بوقف هجومها الذي دفع أكثر من 948 ألف شخص، أكثر من نصفهم أطفال، إلى النزوح وفق الأمم المتحدة. كما تسبب بمقتل أكثر من 400 مدني، بحسب المرصد.
وكانت الأمم المتحدة حذّرت الاثنين من أن المعارك تقترب بـ«شكل خطير» من مخيمات النازحين المكتظة، ما قد يؤدي إلى «حمام دم».

والثلاثاء، استهدف قصف جوي ومدفعي عدداً من المدارس في إدلب ومحيطها، ما تسبب بمقتل 3 مدرسين وتلميذة على الأقل، بالإضافة إلى 16 مدنياً آخرين في ضربات متفرّقة.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، في بيان، الخميس: «تتطلب هذه الأزمة انتباهاً ملحاً من قادة العالم»، مطالبة بهدنة في إدلب وتدخل ملموس من مجلس الأمن.
وشدد على ضرورة أن «يشعر أطراف النزاع بالضغط، لوضع حد لهذا الهجوم ضد المدنيين».
وبينما تتصدى دمشق لهجوم سراقب، تواصل قواتها التقدّم على محاور أخرى في إدلب؛ حيث باتت «هيئة تحرير الشام» والفصائل المعارضة تسيطر على نصف مساحة إدلب. وتؤوي مناطق سيطرتها 3 ملايين نسمة، نصفهم نازحون من محافظات أخرى.
وسيطرت قوات النظام الخميس على 20 قرية وبلدة في ريف إدلب الجنوبي، وفق المرصد.
وقال عبد الرحمن: «تسيطر قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي الممتد من مدينة معرة النعمان حتى جنوب جسر الشغور».
وتسعى دمشق للتقدم في هذه المنطقة لإبعاد الفصائل المقاتلة عن طريق «إم 4». ولتحقيق هدفها، يتعيّن عليها «شنّ هجمات على مدينتي أريحا وجسر الشغور»، وفق عبد الرحمن.
ويقول محلّلون إن المعركة لن تكون سهلة، كون جسر الشغور تعدّ معقلاً للحزب الإسلامي التركستاني، الذي يضم غالبية من المقاتلين الصينيين، من أقلية الأويغور.
وبعد نحو 9 سنوات من النزاع، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من 70 في المائة من مساحة البلاد، بعد تقدمها خلال السنوات الأخيرة على جبهات عدة، بدعم من حلفائها، وعلى رأسهم روسيا.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.