يتحول اليسار الإسرائيلي الذي هيمن في الماضي على الساحة السياسة الإسرائيلية، إلى قوة مهددة بالزوال مع التراجع الكبير لحزب العمل، والجهود الكبرى التي يبذلها حزب ميريتس الديمقراطي الاجتماعي؛ للحفاظ على تمثيله في الكنيست.
ويتوقع أن تكون انتخابات الأسبوع المقبل، وهي الثالثة في إسرائيل في أقل من عام، كسابقاتها، منافسة متقاربة النتائج بين رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو وحزب أبيض أزرق الوسطي، في حين اليسار يبقى على الهامش. وهذا أبعد ما يكون عن الحقبة التي تربع فيها حزب العمل على قمة العمل السياسي عام 1969، بعد قيادته تحالفاً مع حزب مابام (أحد مكونات «ميريتس») حصد 56 من مقاعد الكنيست الـ120، وهو ما لم يتمكن من تحقيقه أي حزب آخر في إسرائيل حتى اليوم.
وفي الانتخابات الأخيرة التي جرت في سبتمبر (أيلول)، تقلصت حصة حزب العمل إلى خمسة مقاعد، في حين نال «ميريتس» ثلاثة فقط.
وبلغ حزب ميريتس أوج نجاحه عام 1992، حين شغل 12 مقعداً في الكنيست والكثير من الحقائب الوزارية في الائتلاف الذي قاده حزب العمل بقيادة إسحق رابين، ولعب دوراً مؤثراً في إبرام اتفاقيات أوسلو للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين.
وتخوض أحزاب العمل، وميريتس، وغيشر اليسارية، الانتخابات، معاً، في الثاني من مارس (آذار) المقبل، لكن آخر استطلاعات الرأي تظهر أن الائتلاف لن ينال أكثر من تسعة مقاعد.
ومع ذلك، يعتقد النائب عن حزب ميريتس، إيلان غيلون، أن الائتلاف قادر على تخطي هذه التوقعات. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، خلال مهرجان انتخابي في مدينة حيفا الساحلية الشمالية «آمل بأن نحصل على 15 مقعداً، وأن نستمر في التقدم».
كما حضر المهرجان عضو حزب العمل أليكس يانيف البالغ 72 عاماً، والذي اعتبر أن رسالة اليسار طغت عليها تحذيرات اليمين الصاخبة والمتكررة من التهديدات الأمنية، ولا سيما إيران. وأضاف، أن «اليمين يعلم أنه للفوز بالانتخابات يجب أن يتحدث عن إيران». وتابع، أن «الأحزاب اليسارية التي تتحدث أكثر عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية تجد نفسها في الخلف».
وذكرت صحيفة «هآرتس» هذا الشهر، أن الإحباط سيدفع بعض اليهود اليساريين، إلى تحويل دعمهم من حزبي العمل أو ميريتس، إلى القائمة المشتركة، وهي تحالف أحزاب عربية مع حزب حداش الشيوعي. ونقلت عن استطلاعات رأي داخلية قامت بالاطلاع عليها، أن القائمة المشتركة، قد تحصل على «مقعدين بفضل أصوات ناخبين من اليهود اليساريين الواهمين والغاضبين».
ويشمل تاريخ انحدار اليسار الإسرائيلي فصولاً عدة، بدءاً من الصعود الأولي لحزب الليكود إلى السلطة عام 1977 في ظل قيادة مناحيم بيغن. فصل آخر جاء بعد اغتيال إسحق رابين عام 1995 على يد متطرف يهودي يميني معارض لعقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين. واتفاقيات أوسلو التي كانت تعتبر خطوة انتقالية لتأسيس دولة فلسطينية، لم تطبق بالكامل وأصبحت موضع معارضة؛ الأمر الذي طال حزب العمل نفسه. وأدى فشل اتفاقيات أوسلو والانتفاضة الثانية في مطلع سنوات الألفين إلى تغيير رأي عدد من الإسرائيليين برسالة السلام التي حملها اليسار.
وتقول جوليا إيلاد سترينغر، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، إن حزب العمل واجه أيضاً وصمة كبرى في ظل حكم نتنياهو، الذي تولى رئاسة الوزراء بين عامي 1996 و1999 قبل أن يعود إلى السلطة من جديد عام 2009. وأضافت إيلاد سترينغر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «لقد نزع نتنياهو شرعية اليسار بشكل حاد إلى درجة أنه أصبح هوية بلا شرعية». ولفتت إلى أن نتنياهو استخدم مع حلفائه مصطلحات جعلت «من كونك يسارياً يعني أن تكون خائناً». وتابعت: «نرى تراجعاً ثابتاً في مدى تعريف الناس عن أنفسهم كيساريين، الآن النسبة بين 12 و15 في المائة من عدد السكان، بينما اليمينيون يبلغون 60 في المائة».
وما ساهم أيضاً في سقوط اليسار الإسرائيلي هجرة نحو مليون يهودي من الاتحاد السوفياتي إلى إسرائيل خلال التسعينات؛ ما أعاد رسم الخريطة السياسية وعزز اليمين المتشدد.
وخلال مهرجان حيفا كان آلون بيرلمان الطالب الذي يبلغ 27 عاماً من بين قلة من الشبان في صفوف الجمهور الحاضر.
وقال إنه كعضو في «ميريتس»، يرى أن اليسار تسبب في انهيار صفوفه؛ لأنه كان «غير فعال، ونخبوياً للغاية ولم يعد يشكل مصدر إلهام كما في السابق». وأضاف، أنه يفكر في التصويت للقائمة المشتركة لأول مرة لأنها «أكثر مثالية وشمولية» من البدائل. وقالت زميلته يارا عساف البالغة 23 سنة، إن التحدي الرئيسي الذي يواجهه اليسار الآن هو ببساطة «ألا يختفي».
وأضافت بتحسر «لكن في النهاية قد يحدث هذا الأمر».
اليساريون على هامش الانتخابات الإسرائيلية
الإحباط سيدفع بعضهم لتحويل دعمهم إلى «القائمة المشتركة» العربية
اليساريون على هامش الانتخابات الإسرائيلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة