«السكك الحديد» الروسية «تهرب» من إيران بسبب العقوبات

الدبلوماسية الروسية تدين القيود الأميركية والشركات تنصاع لها

الرئيس الإيراني “حسن روحاني” خلال افتتاح خط سكك الحديد في محافظة “كرج” – إرنا
الرئيس الإيراني “حسن روحاني” خلال افتتاح خط سكك الحديد في محافظة “كرج” – إرنا
TT

«السكك الحديد» الروسية «تهرب» من إيران بسبب العقوبات

الرئيس الإيراني “حسن روحاني” خلال افتتاح خط سكك الحديد في محافظة “كرج” – إرنا
الرئيس الإيراني “حسن روحاني” خلال افتتاح خط سكك الحديد في محافظة “كرج” – إرنا

على الرغم من اللهجة الحادة جداً التي استخدمتها الدبلوماسية الروسية في إدانة العقوبات الأميركية الأخيرة ضد البرنامج الصاروخي الإيراني، والتي طالت كيانات روسية، تقف روسيا عاجزة أمام تأثير تلك العقوبات، ولا تستطيع تجاهلها، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بنشاط شركاتها الاستراتيجية التي تملكها الحكومة، ومشروعات تنفذها في روسيا أو في دول أخرى، وكذلك بالنسبة للعقوبات ضد دول «حليفة» لروسيا، مثل إيران أو فنزويلا أو سوريا.
وقال نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، في فيينا أمس، إن العقوبات الأميركية «غير شرعية». وأضاف، أن موسكو ستعارض إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، مشيراً إلى أن «مجلس الأمن يجب ألا يتحول إلى ألعوبة». وكان ريابكوف يعلق على حزمة العقوبات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة، أول من أمس، ضد 13 كياناً وشخصية في كل من الصين، والعراق، وروسيا، وتركيا، بتهمة دعم برنامج إيران الصاروخي.
ومن موسكو، قال مصدر في «الخارجية»، إن روسيا تعتبر أي عقوبات أحادية الجانب غير شرعية. وانضم البرلمان الروسي إلى الإدانات الرسمية، وقال ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، إن العقوبات الأميركية الجديدة استفزاز لإيران، وهي «قيود غير قانونية»، محذراً من أنها قد تزيد حدة التوتر في المنطقة.
إلا أن الإدانة على مستوى القرار السياسي لتلك العقوبات، لا تملك القدرة كما هو واضح لمنع تأثيرها السلبي على نشاط الشركات الروسية. هذا ما تؤكده أنباء حول قرار شركة السكك الحديدية الروسية العملاقة، الانسحاب من مشروع ضخم في إيران، على خلفية المخاوف من تأثير العقوبات الأميركية.
وانضمت الشركة بذلك إلى شركات ومؤسسات روسية أخرى قررت خلال السنوات الماضية «الهرب» من المشروعات الإيرانية، على خلفية المخاوف من العقوبات أيضاً. وقالت وكالة «إنترفاكس»، إن مجموعة شركات مؤسسة السكك الحديدية الروسية تخطط للانسحاب من مشروع «كهربة» السكك الحديدية في إيران، خشية أن تطالها العقوبات الأميركية. وأشارت الوكالة إلى أنها حصلت على هذه المعلومات من نشرة مرفقة بإصدار سندات تستعد المؤسسة لطرحها، جاء فيها: «وسّعت الولايات المتحدة يوم 10 يناير (كانون الثاني) الماضي عقوباتها ضد الشخصيات التي تشارك في صفقات مرتبطة بمشروعات البناء، وإنتاج الخام، والصناعات التحويلية والنسيج، في الاقتصاد الإيراني»، ومن ثم تؤكد مجموعة شركات السكك الحديدية الروسية في النشرة: «تتخذ المجموعة خطوات للانسحاب من المشروع»، في إشارة إلى مشروع كهربة جزء من شبكة السكك الحديدية الإيرانية.
وكانت شركة «آر جي دي إنترناشيونال»، من مجموعة شركات مؤسسة السكك الحديدية الروسية، وقّعت عام 2017 اتفاقية مع مؤسسة السكك الحديدية الإيرانية، حول «كهربة» القاطع الذي يربط مدينة غرمسار التابعة لمحافظة سمنان شمالي إيران، على بعد 82 كم جنوب شرقي العاصمة طهران، مع محطة إينشته برون، التابعة لمحافظة غُلستان، شمال شرقي البلاد، إلى الجنوب من بحر قزوين. وتقدر تكلفة المشروع بنحو 1.2 مليار يورو، قالت شركة السكك الحديدية الروسية، إن 85 في المائة من هذا المبلغ سيوفرها الجانب الروسي على شكل قرض صادرات، وتوفر الشركة الإيرانية الجزء المتبقي. وفي منتصف مايو (أيار) عام 2018، وقّع بنك التجارة الخارجية الروسي مع البنك الصناعي الإيراني اتفاقية تمويل المشروع. وبموجب الاتفاقية، تقوم الشركة الروسية بـ«كهربة» قاطع من السكك الحديدية الإيرانية بطول 495 كم، وكذلك عقد الربط ومداخل السكك الحديدية في مينائي بندر أمير آباد، الذي يُعد حلقة مهمة في ممر الترانزيت الدولي «شمال - جنوب»، وميناء بندر تركمان، على بحر قزوين، ومدينة جرجان، المطلة على بحر قزوين. كما تعمل الشركة الروسية على تهيئة البنى التحتية للكهربة، وتنفيذ أعمال الصيانة وتوفير القطع الضرورية لذلك. ويفترض أن يبدأ التنفيذ مع منتصف 2019، بموجب نص الاتفاق، على أن يستمر العمل أربع سنوات.
وكانت إيران أمام خيارين، إما كهربة القاطع المشار إليه من السكك الحديدية، أو مد خط ثانٍ، ذلك أن سكة واحدة تمر عبر تلك المنطقة التي تتميز بتضاريسها الوعرة جداً، وممرات ضيقة بين الجبال، ووجدت أن الحل الأفضل يكون عبر «كهربة» الشبكة، وهو ما يسمح بزيادة سرعة النقل التجاري عبرها مرات عدة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تدفع فيها العقوبات الأميركية شركات روسية للانسحاب من مشروعات ذات طابع استراتيجي للاقتصاد الإيراني. وكانت شركة «لوك أويل» النفطية الروسية الكبرى أعلنت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، توقفها عن شراء النفط الإيراني. حينها أشار فاغيت علي كبيروف، رئيس الشركة، إلى أن القرار باستئناف العمل في إيران سيتم اتخاذه بعد أن يتضح الأمر بشأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات النفط الإيراني، ويتوقع أن يبدأ العمل بها مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته.
وفي نهاية النصف الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2018، قررت شركة «روسنفت» وقف العمل في إيران، وفق ما ذكرت حينها صحيفة «فيدوموستي» نقلاً عن مصدر مقرب من رئيس الشركة، وأشارت إلى أن «روسنفت» كانت قد وقّعت مع الجانب الإيراني «خريطة طريق» تنفيذ مشروعات استراتيجية، وأعادت إلى الأذهان تصريحات إيغر سيتشين، رئيس الشركة الروسية، الذي قال في نهاية عام 2017، إن شركته بالتعاون مع شركة النفط الوطنية الإيرانية، قد تنفذان مشروعات نفطية في إيران، مع استثمارات تصل حتى 30 مليار دولار. وقال مصدر مطلع للصحيفة الروسية، إن المحادثات بين الجانبين حول تلك المشروعات توقفت صيف عام 2018، على خلفية تهديد الولايات المتحدة فرض عقوبات إضافية على قطاع النفط الإيراني.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الجيش الإسرائيلي يجدّد حظره عودة سكان قرى في جنوب لبنان حتى إشعار آخر

المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)
المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)
TT

الجيش الإسرائيلي يجدّد حظره عودة سكان قرى في جنوب لبنان حتى إشعار آخر

المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)
المنشور الذي نشره الجيش الإسرائيلي ويتضمّن أسماء القرى في جنوب لبنان التي يحظّر عودة السكان إليها حتى إشعار آخر (الجيش الإسرائيلي)

قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه يعيد تذكير سكان جنوب لبنان، وحتى إشعار آخر، إنه يحظر عليهم الانتقال جنوباً إلى خط قرى ومحيطها في الجنوب حدَّدها الجيش في بيانه.

وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشور على موقع «إكس»: «جيش الدفاع لا ينوي استهدافكم، ولذلك يحظر عليكم في هذه المرحلة العودة إلى بيوتكم من هذا الخط جنوباً حتى إشعار آخر. كل من ينتقل جنوب هذا الخط - يعرض نفسه للخطر».

وأورد أدرعي في بيانه أسماء القرى التي يحظر الجيش العودة لسكانها وهي: «الضهيرة، الطيبة، الطيري، الناقورة، أبو شاش، إبل السقي، البياضة، الجبين، الخريبة، الخيام، خربة، مطمورة، الماري، العديسة، القليعة، أم توتة، صليب، أرنون، بنت جبيل، بيت ليف، بليدا، بني حيان، البستان، عين عرب مرجعيون، دبين، دبعال، دير ميماس، دير سريان، حولا، حلتا، حانين، طير حرفا، يحمر، يارون، يارين، كفر حمام، كفر كلا، كفر شوبا، الزلوطية، محيبيب، ميس الجبل، ميسات، مرجعيون، مروحين، مارون الراس، مركبا، عدشيت القصير، عين إبل، عيناتا، عيتا الشعب، عيترون، علما الشعب، عرب اللويزة، القوزح، رب ثلاثين، رامية، رميش، راشيا الفخار، شبعا، شيحين، شمع، طلوسة».