تونسيون «يتوجسون» من زيارة أمير قطر إلى بلادهم

الوضع في ليبيا يتصدر محادثاته مع الرئيس الجزائري

TT

تونسيون «يتوجسون» من زيارة أمير قطر إلى بلادهم

خلفت الزيارة التي قام بها تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، إلى تونس، خلال اليومين الماضيين، ردود أفعال متباينة حول أهداف هذه الزيارة، ومدى تأثيرها على المشهد السياسي التونسي.
ولئن ركز بعض السياسيين على الجوانب الاقتصادية والاستثمارات المهمة التي ستتمخض عنها هذه الزيارة، فإن بعضهم الآخر ركز على جوانبها السياسية، محذراً من الدعم الكبير الذي تقدمه قطر للأحزاب السياسية المنضوية تحت ما يسمى «الإسلام السياسي»، في إشارة إلى حركة النهضة التي تتزعم المشهد السياسي في تونس.
وبخصوص مغزى هذه الزيارة، قال ماهر مذيوب، النائب عن حركة النهضة في البرلمان التونسي، إنها «تأتي قبل يوم واحد من تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، وهو ما يعني أنها رسالة دعم مادي ومعنوي ستساعد على تجاوز المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد»، وذلك من خلال مجموعة من المشاريع الاقتصادية المهمة، علاوة على استيعاب عدد من الشباب التونسي العاطل عن العمل، إثر الإعلان عن مضاعفة عدد الكفاءات التونسية التي ستستوعبها سوق الشغل القطرية، حيث سيقفز من 25 ألفاً إلى 50 ألف تونسي.
ومن ناحيته، نبه منير الشرفي، رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة (مرصد حقوقي مستقل) الوجه اليساري المعروف، إلى مخاطر تمكن الإسلام السياسي من مفاصل الدولة، قائلاً: «لقد تزايد تأثير الإسلام السياسي على التعليم والمجتمع والثقافة، وهو ما ساهم في تعطيل عمليات التحديث السياسي»، على حد تعبيره.
وكان «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة» قد شدد على ضرورة التنبه لبرامج أحزاب الإسلام السياسي، وعلاقاتها بالدول الداعمة لتوجهاتها، وفي مقدمتها دولتي قطر وتركيا.
أما على مستوى الشارع التونسي، فقد تباينت الآراء واختلفت بشكل لافت، حيث أكد محمود الميري (أستاذ رياضيات) أنه يدعم هذه الزيارة، نظراً إلى مضمونها الاقتصادي المهم، وانتقد الهجمات التي أطلقها بعض التونسيين ضد الزيارة، مشيراً إلى أن تونس تسعى إلى الاستفادة القصوى من علاقاتها المهمة مع كل من قطر وتركيا وماليزيا، دون التركيز على الجوانب السياسية التي أعاقت التنمية في تونس. لكن في الجانب المقابل، انتقد علي سيدهم (مدير بنك سابق) الزيارة القطرية، وعد أنها تحمل طابعاً سياسياً مغلفاً بجوانب اقتصادية، وتساءل عن المقابل الذي ستقدمه تونس لقطر التي تسعى إلى إغراقها بالاستثمارات، ومن خلالها الاستحواذ على جانب مهم من مقدرات الاقتصاد التونسي.
يذكر أن أمير قطر قد تعهد في نهاية الزيارة بالمساهمة في تمويل مشروع المدينة الصحية بالقيروان، التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد، كما تعهد بدعم أسواق الإنتاج الفلاحي بمدينة سيدي بوزيد، المنطقة التي عرفت تأجج ثورة 2011.
ومن جهة ثانية، أشاد أمير قطر بـ«دور الجزائر الإقليمي والعربي»، وإسهامها في حل كثير من النزاعات، وأكد أن «لها تاريخاً مشرفاً في حل كثير من النزاعات بالمنطقة وفي العالم العربي، ونحن بحاجة إلى الجزائر لأن العالم العربي يمر، مع الأسف، بكثير من الأزمات».
وجاء ذلك خلال زيارة الشيخ تميم إلى العاصمة الجزائرية أمس، وحديثه في مؤتمر صحافي بالعاصمة الجزائرية، عقده مع الرئيس عبد المجيد تبون، خلال الزيارة القصيرة التي دامت ساعات فقط. وأوضح تميم أن محادثاته مع تبون «كانت بناءة وطيبة، ونحن متفقون في كل القضايا»، مؤكداً عزمه على «العمل على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية».
ومن جهته، تحدث تبون عن «وجود توافق تام بين الجزائر وقطر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية»، بقوله: «كانت لنا محادثات ثنائية توسعت لأعضاء وفدي البلدين». وتم خلال هذه المحادثات، حسبه، التأكيد على «وجود توافق تام بين البلدين حول كل النقاط التي طرحت في أثناء المحادثات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو جهوية، تتعلق بالقضايا الخاصة بالعالم العربي، وتلك المتعلقة بالشأن الدولي». كما أعرب الرئيس تبون عن «أمله في استمرار هذا التوافق الذي يجمع بين البلدين».
وقالت مصادر دبلوماسية إن الوضع في ليبيا، وجهود الجزائر لإيجاد حل سياسي في جارتها الشرقية، والتقريب بين أطراف الأزمة، هي قضايا تصدرت المحادثات بين قائدي البلدين. كما تناولت مباحثاتهما، حسب المصادر نفسها، الوضع الداخلي بالجزائر في ضوء الحراك الشعبي الذي بلغ عاماً من اندلاعه، وتعهدات تبَون بـ«ببناء جزائر جديدة».
وتعد زيارة الشيخ تميم بن حمد الثانية لرئيس دولة منذ انتخاب الرئيس تبون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان في يناير (كانون الثاني) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».