البعثة الأممية تعلن مسودة اتفاق لوقف النار بين طرفي النزاع الليبي

«الجيش الوطني» يرفض إقامة قواعد عسكرية أجنبية... والسراج يهاجم حفتر ويتحدث عن «حرب بالوكالة»

فائز السراج خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ف.ب)
فائز السراج خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

البعثة الأممية تعلن مسودة اتفاق لوقف النار بين طرفي النزاع الليبي

فائز السراج خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ف.ب)
فائز السراج خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ف.ب)

أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا عن توصل الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» إلى اتفاق وقف مستدام لإطلاق النار في العاصمة طرابلس. وبينما جدد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، رفضه إقامة أي قواعد عسكرية أو وجود أي قوات أجنبية على الأراضي الليبية، اعترف مسؤول بارز بحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، بمنح تركيا قاعدة عسكرية سرية داخل طرابلس.
وأعلن محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، إصرار هذه الحكومة على انسحاب قوات «الجيش الوطني» من مواقعها قرب طرابلس. لكن مصدراً رفيع المستوى في «الجيش الوطني» قال لـ«الشرق الأوسط» إن قواته لا تعتزم التخلي عن مواقعها، رغم التزامها بوقف إطلاق النار في طرابلس.
وكان سيالة قد استبق نتائج جولة المحادثات العسكرية بين الطرفين المتحاربين في جنيف، بالقول إن وفد حكومته يصر على انسحاب قوات الجيش من مواقعها الحالية التي أوضح أنها على بُعد بضعة كيلومترات من وسط طرابلس ما يسمح لها بشن هجوم في أي وقت.
لكنّ البعثة الأممية قالت في بيان لها، أمس، إن جولة المفاوضات التي عُقدت في قصر الأمم في جنيف بحضور ومشاركة رئيسها غسان سلامة، أكدت إعادة الأمن والاستقرار إلى مناطق المدنية، مشيرةً إلى اتفاق الطرفين «على أن يتم عرض مسودة الاتفاق على قيادتيهما لمزيد من التشاور، وعلى أن يلتقي الطرفان مجدداً الشهر القادم في جنيف لاستئناف المباحثات واستكمال إعداد اختصاصات ومهام اللجان الفرعية اللازمة لتنفيذ الاتفاق المنشود».
وبعدما وجّهت الشكر إلى الطرفين «على الجدية والرغبة الصادقة والروح المهنية العالية التي تميزت بها المباحثات»، قالت البعثة إنها عملت خلال هذه الجولة مع الطرفين على إعداد مسودة اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وتسهيل العودة الآمنة للمدنيين إلى مناطقهم مع وجود آلية مراقبة مشتركة تقودها وتشرف عليها كل من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا واللجنة العسكرية المشتركة 5+5.
وحثت البعثة مجدداً الطرفين على «الالتزام الكامل بالهدنة الحالية وضرورة حماية المدنيين وممتلكاتهم والمنشآت الحيوية».
من جانبه، استغل السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، كلمته أمام أعمال الدورة الـ43 لمجلس حقوق الإنسان بمقر الأمم المتحدة في جنيف، لوصف غريمه المشير خليفة حفتر، بأنه «مجرم حرب» وللحديث عما وصفه بـ«الظروف الاستثنائية التي تمر بها ليبيا، بسبب الأطماع الفردية والتدخلات الخارجية». وانتقد «العبث الواقع على المقدرات الحيوية للشعب، واستخدام النفط، المصدر الرئيسي لدخل الليبيين، كورقة مساومة سياسية»، مشيراً إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان الأخيرة أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني الذي تضرر منه الجميع، وحمّل مسؤولية ذلك لمن وصفه بـ«المعتدي» ومن يمده بالمال والسلاح، وقال إن البعض لا يريد أن يحقق الليبيون حلمهم في هذه الدولة، في إشارة إلى المشير حفتر.
وذكر السراج من جديد «الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتزاماته ومسؤوليته أمام حرب الوكالة، التي يتم خوضها على الأراضي الليبية».
من جانبه، تحدث فتحي باش أغا وزير الداخلية، بحكومة السراج عن إمكانية منح تركيا قاعدة عسكرية في طرابلس. وقال في بيان وزّعه مكتبه مساء أول من أمس، إن من وصفهم بالشركاء العسكريين الرسميين لحكومته «قد يَستخدمون خلال فترة الحرب والدفاع عن النفس مواقع عمليات مؤقتة لتسهيل دعمهم»، رغم أنه ادّعى أن حكومته تلتزم «بإجراء اتفاقيات عسكرية بشفافية ووفقاً للقانون الدولي وبشكل يضمن الاحترام الكامل للسيادة الليبية».
في المقابل، عدّ مسؤول بارز في الجيش الوطني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مطار معيتيقة بطرابلس أصبح «قاعدة تركية بحماية الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن الأتراك يستغلون المطار لتهريب الأسلحة والمعدات لإقامة قاعدة عسكرية. وأضاف: «نعم هناك أتراك في قاعدة معيتيقة وهناك قسم من القاعدة لا يقترب منه أحد لسرّيته، حتى ميليشيات ما تُعرف باسم قوة الردع الخاصة التابعة للحكومة أبعدوا مقراتها عن القاعدة لمنع تسرب المعلومات». وقال: «المواطنون الليبيون في طرابلس ليس لهم منفذ جوي إلا معيتيقة، وحكومة السراج سلمت تركيا قاعدة معيتيقة، والقاعدة تحت نيراننا في أي وقت نسوّيها بالأرض ولكن بعثة الأمم المتحدة مصرّة أمام العالم على أن هذه القاعدة مطار مدني ويسيرون منها رحلات مدنية حتى يقع الجيش الليبي في فخ استهداف المدنيين». وشدد على أن «قوات الجيش الوطني بإمكانها أن تسوّي تلك القاعدة بالأرض، إذا تم تغيير الرحلات المدنية إلى أي مطار آخر».
بدوره، هدد اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، باتخاذ موقف ضد وزير داخلية السراج لاستدعائه قوات أجنبية لحماية حكومة «الوفاق»، حسبما قال.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.