«البرلمان المصري» يقر نهائياً توسعة صلاحيات قانون «الإرهاب»

تضارب إعلامي وصمت رسمي بشأن إعدام هشام عشماوي

TT

«البرلمان المصري» يقر نهائياً توسعة صلاحيات قانون «الإرهاب»

في الوقت الذي وافق فيه البرلمان المصري نهائياً، أمس، على تعديلات مقدمة من الحكومة توسع صلاحيات وعقوبات مواد قانون «تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين»، ساد تضارب إعلامي وصمت رسمي بشأن أنباء تنفيذ حكم الإعدام بحق الضابط السابق، هشام عشماوي، والمُدان بارتكاب جرائم «إرهابية» وعوقب بحكم بالإعدام.
ونقلت صحف ووسائل إعلام محلية بعضها رسمي ومملوك للدولة، في وقت مبكر من صباح أمس، نبأ إعدام عشماوي، لكنها عادت وحذفت الإفادة، وقدم إحداها اعتذاراً عن النبأ. وكذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مصادر أمنية لم تسمّها تنفيذ الحكم بحق عشماوي، لكن وزارة الداخلية والحكومة المصرية أو وكالة الأنباء الرسمية لم يصدروا تأكيداً أو نفياً رسمياً لواقعة تنفيذ الإعدام، حتى مساء الاثنين بتوقيت القاهرة. وقال المحامي خالد المصري، وهو موكل بالدفاع عن عشماوي، إنه لم يتلق أو أسرة المدان إخطاراً رسمياً بشأن إعدام موكله.
ويُنظر إلى عشماوي الذي كان ضابطاً في القوات الخاصة المصرية قبل أن يتحول لاعتناق الأفكار المتطرفة، إليه باعتباره «عنصراً إرهابياً خطيراً»، خصوصاً مع إدانته من «المحكمة العسكرية للجنايات» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 ومعاقبته بالإعدام شنقاً، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية «مذبحة الفرافرة».
لكن في المقابل، لا يزال عشماوي و207 أشخاص آخرين يحاكمون على ذمة القضية المعروف بـ«أنصار بيت المقدس»؛ إذ ينسب إليهم ارتكاب «54 جريمة (إرهابية)، منها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم»، وحددت المحكمة جلسة 2 مارس (آذار) المقبل للنطق بالحكم، وأحالت أوراق 37 شخصاً بينهم هشام عشماوي إلى مفتي مصر لاستطلاع رأيه - غير الملزم - بشأن إعدامهم.
واعتقلت قوات «الجيش الوطني الليبي» عشماوي، في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، في درنة (شرق)، وسلمته إلى مصر في مايو (أيار) من العام الماضي.
على صعيد آخر، نالت تعديلات «قانون الإرهاب» موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب المصري، في الجلسة العامة للبرلمان، أمس، في حين اعتبر تقرير اللجنة المشتركة المختصة بدراسة وصياغة التعديلات أنها «جاءت تنفيذاً للالتزام الدستوري، ومواكبة المعايير الدولية، وفي ضوء ضرورة زيادة فاعلية إجراءات مكافحة الإرهاب وتمويله على النحو الذي يسهم في الحد من هذه الجريمة».
ومن شأن تعديلات «قانون الإرهاب» توسعة صلاحيات وتعريفات وعقوبات الأشخاص أو الجهات التي سيتم إدراجها تحت طائلته بموجب قرارات قضائية.
وتضمنت التعديلات «وضع تعريف أشمل لـ(الأموال)، بحيث تشمل جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية»، وأضافت لها «النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والممتلكات (أياً كانت وسيلة الحصول عليها)، والوثائق والأدوات القانونية».
وتصنف السلطات المصرية عدداً من التنظيمات، أبرزها «الإخوان المسلمين» كياناتٍ «إرهابية»، وتضع عدداً من الأشخاص الذين توجه إليهم تهم الانتماء إلى الجماعة على قوائم تقضي بتجميد أموالهم وإدارتها من قبل لجنة قضائية.
كما أدرجت التعديلات «الشكل الرقمي والإلكتروني، للعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصُكوك والمُحررات المُثبتة لكل ما تقدم أياً كان شكلها، وجميع الحقوق المُتعلقة بأي منها، بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية، والشيكات المصرفية والاعتمادات المُستندية، وأي فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول، أو أي أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات».
وفي حين تلزم النسخة السابقة من القانون أن يكون «تجميد الأموال المملوكة للكيان (الإرهابي) أو لأعضائه (الإرهابيين) متى كانت مستخدمة في ممارسة النشاط الإرهابي»، فإن التعديلات الجديدة لم تتضمن ذلك الشرط في باب الآثار المترتبة على الإدراج.
كما زادت التعديلات الجديدة من العقوبات المتعلقة بالإدراج على قوائم «الإرهابيين لتتضمن: تعليق العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات، وأي كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنون بنصيب ما ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية، وأي كيان مخصص للمنفعة العامة، وعدم تمتع الإرهابي بشخصه بالدعم التمويني أو أي دعم حكومي أياً كان نوعه».
كما سمحت التعديلات للمتضررين، أن «يكون لذوي الشأن تضمين الطعن طلب السماح باستثناء بعض المبالغ من الأموال أو الأصول الأخرى المجمدة للوفاء بمتطلباتهم من نفقات تستلزمها شراء المواد الغذائية، أو الإيجار، أو الأدوية والعلاج الطبي، أو غيرها من النفقات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.