«أولاد موغادور للموسيقى» لتحفيز المواهب الشابة على الإبداع

ملصق مبادرة «أولاد موغادور للموسيقى»
ملصق مبادرة «أولاد موغادور للموسيقى»
TT

«أولاد موغادور للموسيقى» لتحفيز المواهب الشابة على الإبداع

ملصق مبادرة «أولاد موغادور للموسيقى»
ملصق مبادرة «أولاد موغادور للموسيقى»

تحفيزاً للمواهب الشابة على الإبداع، ومساعدتها على تحسين مستواها في المجال الموسيقي، تعود «مبادرة أولاد موغادور للموسيقى» (أوما) في دورة رابعة، تتمحور حول المهن الموسيقية، وتخصص حصرياً للفرق الموسيقية الشابة.
وتعمل (أوما)، التي رأت النور في 2015، على توفير تكوين في المهن الموسيقية لشباب الصويرة ونواحيها، وبالتالي تمكينهم من خبرة أوسع ووضوح أكبر في الرؤية. فيما يتوزع نشاطها على 3 مراحل: انتقاء المجموعات الموسيقية، والتكوين في مجال المهن الموسيقية من خلال ورشات يشرف عليها مهنيون، وأخيراً تسجيل أغنية وتنظيم مجموعة من الحفلات.
يقول المنظمون إنّ طلب التّرشحات، الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مكن من جمع أكثر من 10 ملفات، بحيث عرفت الدورة الرابعة مشاركة العديد من المجموعات الموسيقية من مختلف مدن المغرب بترشحات من الصويرة وأغادير والخميسات والدار البيضاء ومراكش. فيما اعتمدت لجنة التحكيم، المكونة من مهنيين موسيقيين على عدة معايير في الاختيار منها، أصالة المجموعات، وجودة الإنتاج، والمستوى الفني، وكذا مستوى الأداء على الخشبة. وتميزت الدورة بانتقاء مجموعتين في صنف «كناوة فيزيون». يتعلق الأمر بمجموعة «مريام آند باند»، من مدينة الصويرة، وتستلهم من الطابع الثقافي لهذه المدينة وإرثها الموسيقي، وتعمل على جعله ملائماً لذوق الجمهور عن طريق توظيف الإيقاعات العصرية. فيما يعرف الأعضاء السبعة لمجموعة «خميسة»، من مدينة الخميسات، أَنفسَهم كمجموعة للمواهب الشابة، من أنصار المزج بين مختلف الأصناف الموسيقية: الريغي، والروك، والجاز، وغيرها.
وتقوم مبادرة (أوما) على المشاطرة والتقاسم، وينشط خلالها حوالي 10 مهنيين ورشات لتمكين المجموعتين اللتين تم انتقاؤهما من أفضل تكوين ممكن في مجالات التلحين، والكتابة، والسينوغرافيا، والتسجيل، والتواصل، وحقوق التأليف، والجوانب التقنية ومرحلة ما قبل الإنتاج. وبعد نهاية هذه الإقامة الفنية، تسجل كل فرقة أغنية قبل المشاركة في حفل «لمعلم كناوي» في الدار البيضاء والرباط، بمشاركة الفنانين إسماعيل رحيل وعمر حياة وعبد الكبير مرشان.
يشار إلى أنّ «مبادرة أولاد موغادور للموسيقى» (أوما) انبثقت من «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» الذي تنتجه وتنظمه وكالة «أ 3 كومينكاسيون»، وتندرج في إطار السعي إلى تثمين الثقافة الموسيقية في المغرب؛ حيث استعان المهرجان بأشهر الفاعلين الثّقافيين بالمغرب، والمشهود لهم بالخبرة في مجال التنمية الثقافية للشباب المغربي.
ووعياً منه بأهمية التعبئة العامة التي تستدعي العديد من الإرادات، اختار مشروع (أوما) الاعتماد على دعم شركائه حتى ينهض بمهمته على أحسن وجه، ويرفع التحديات التي حددتها «مبادرة أولاد موغادور للموسيقى»: دعم المواهب الواعدة. ولهذه الغاية، أُبرمت شراكات مع ثلاثة فاعلين ثقافيين يتوفرون على بنى تحتية، ويضعون خبراتهم وبناهم التحتية وفرقهم وحرفيتهم رهن الإشارة لمواكبة المواهب الوطنية الشابة، كما يتقاسمون معهم معارفهم وخبراتهم.
ويحظى المشروع الفني بدعم جمعية «يرمى كناوة»، التي تشارك في تنظيم «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، التي تناضل منذ إنشائها من أجل الاعتراف بفن كناوة، كما ساهمت في إدراج هذا الفن العريق ضمن التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونيسكو.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».