الجيش الليبي لـ («الشرق الأوسط»): نقترب من السيطرة على ميناء بنغازي

البرلمان والحكومة يرفضان مطالب الحاسي بإجراء انتخابات تشريعية جديدة

ليبيون في قارب بالقرب من ميناء بنغازي الذي شهد امس اشتباكات مسلحة  بين المسلحين الاسلاميين وقوات الجيش الليبي « ا ف ب»
ليبيون في قارب بالقرب من ميناء بنغازي الذي شهد امس اشتباكات مسلحة بين المسلحين الاسلاميين وقوات الجيش الليبي « ا ف ب»
TT

الجيش الليبي لـ («الشرق الأوسط»): نقترب من السيطرة على ميناء بنغازي

ليبيون في قارب بالقرب من ميناء بنغازي الذي شهد امس اشتباكات مسلحة  بين المسلحين الاسلاميين وقوات الجيش الليبي « ا ف ب»
ليبيون في قارب بالقرب من ميناء بنغازي الذي شهد امس اشتباكات مسلحة بين المسلحين الاسلاميين وقوات الجيش الليبي « ا ف ب»

بدا أمس أن الجيش الوطني الليبي في طريقه للسيطرة على ميناء مدينة بنغازي وقاعدته البحرية في شرق ليبيا، حيث خاض معارك شرسة بالأسلحة الثقيلة ضد الجماعات المتطرفة بعدما هيمن على وسط المدينة.
وقال العقيد أحمد المسماري، الناطق باسم أركان الجيش الليبي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بنغازي، إن الاشتباكات تدور حول القاعدة البحرية المجاورة للميناء في بنغازي، لافتا إلى أن ما وصفها بـ«مجموعة إرهابية» قد هاجمت القاعدة الخالية تماما إلا من بعض أفراد الحراسات.
وقال المسماري مساء أمس: «محور بنينا - بوعطنى - الكويفية، انتهى وتحت سيطرة الجيش تماما، والاشتباكات ما زالت مستمرة في غيرها من المناطق، لكن النتائج حتى اللحظة غير معروفة». وأصيبت سفينة تابعة للبحرية الليبية راسية في ميناء بنغازي بأضرار خلال المعارك بين الجيش والمقاتلين الإسلاميين في ثاني كبريات المدن الليبية، لكن المسماري أبلغ «الشرق الأوسط» أن البارجة «معطلة وقديمة واستهدفها الإرهابيون بمدفع من عيار 106».
وقال المسماري: «بشكل عام الجيش مهيمن، وله اليد العليا حتى الآن في المعارك الحالية في المدينة، يوميا نكسب أرضا جديدة بمساعدة السكان المحليين وشباب مختلف المناطق الداعمة للجيش».
في المقابل، زعمت «غرفة عمليات ثوار ليبيا» عبر صفحتها الرسمية، على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن قوات ما يسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي» المحسوب على المتطرفين، قد تمكنت من إغراق فرقاطة عسكرية بالقاعدة البحرية ببنغازي كانت تحاول إمداد قوات الجيش بالسلاح.
وتصاعد الدخان من منطقة الميناء التي نقل إليها الجيش في وقت سابق أسلحة ثقيلة لمهاجمة مواقع مقاتلين إسلاميين، بينما قال مصدر أمني إن السفينة بدأت في الغرق.
وانتشرت الآليات العسكرية والدبابات التابعة للجيش الليبي في مختلف مناطق بنغازي خاصة الجزء الشرقي منها، فيما يغادر عشرات السكان المدينة امتثالا لدعوة وجهها الجيش لإخلاء منطقة الميناء حيث يقول المسؤولون العسكريون إن الإسلاميين متحصنون هناك بعد قتال تفجر قبل أكثر من أسبوعين.
وكان الجيش الليبي قد حث السكان على إخلاء حي الصابري، وهو أحد الأحياء الرئيسية والحيوية في بنغازي الذي يقع فيه الميناء البحري للمدينة، علما بأنه أهم منطقة تجارية في بنغازي ويوجد به الميناء البحري الذي تصل إليه واردات القمح والبنزين.
وغادر كثيرون من تنظيم «أنصار الشريعة» المتشدد الحي بعد المعارك التي استولى فيها الجيش على أحياء أخرى.
وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»»: «ما زال القتال مستمرا، خاصة وسط المدينة وقرب الميناء، الأمور ليست واضحة في المحاور الأخرى، لكن يمكننا سماع الاشتباكات في جهة منطقة طريق النهر جنوب شرقي المدينة».
ولفتوا إلى وجود ما وصفوه بأنه وضع مؤسف للسكان، حيث نزح الآلاف إلى مناطق أكثر أمنا أو خارج المدينة، فيما أغلقت أبواب أكبر المستشفيات العامة لوجودها بمناطق الاشتباكات كمستشفى الجلاء للجراحة والحوادث ومستشفى الجمهورية للباطنة والولادة. وتحدث سكان عن «نقص في المواد الغذائية نتيجة لوقوع أسواق الجملة (سوق العرب) أيضا في منطقة الاشتباك، فيما المصارف مغلقة، وأغلب الطريق أيضا مغلقة» وقال إعلامي في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة بدأت في التفاقم، إن لم ينته القتال بسرعة، فان بنغازي مقدمة على كارثة إنسانية».
من ناحية أخرى، أخلت جمعية الهلال الأحمر المستشفى الرئيسي للولادة في بنغازي لأن الأطباء والممرضات يجدون صعوبة في الوصول إليه للعمل بسبب القتال في محيط المستشفى، كما ارتفع إجمالي عدد القتلى منذ بداية هجوم الجيش إلى 230.
إلى ذلك، رفض مجلس النواب الليبي دعوة جديدة أطلقها عمر الحاسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين ورئيس ما تسمى «حكومة الإنقاذ الوطني» التي تسيطر على العاصمة طرابلس، لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في البلاد. وقال أعضاء في المجلس لـ«الشرق الأوسط» إنهم يعتبرون تصريحات الحاسي أمس مجرد سفسطة سياسية لإطالة أمد الأزمة الراهنة ومنح ما وصفوها بأنها «مشروعية كاذبة لحكومة لا يعترف بها المجتمعان الليبي والدولي».
كما قال مسؤول في الحكومة الشرعية التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط» إن دعوة الحاسي مجرد محاولة لخلق واقع سياسي جديد تتساوى فيه الشرعية مع عدم الشرعية.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه أنه «نوع من الهروب للأمام، خاصة ونحن نجهز ملفات لإحالة الحاسي وحكومته ورئاسة البرلمان السابق إلى القضاء بتهمة الانقلاب على الشرعية وتكدير السلم الأهلي في البلاد».
وكان الحاسي قد اعتبر في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن إجراء انتخابات تشريعية جديدة أمر لا بد منه لوضع حد للفوضى التي تعاني منها البلاد منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وقال: «نحن بحاجة إلى انتخابات جديدة»، كما زعم استقرار الأوضاع في العاصمة طرابلس، وقال إن النظام يسود في طرابلس وإن حكومته قادرة على فرض النظام والاستقرار في البلاد. وأضاف: «نحن كحكومة نجحنا في فترة قصيرة في أن نعيد الاستقرار إلى طرابلس وحل مشكلات انقطاع الكهرباء وأزمات البنزين، كما قمنا بالقبض على الكثير من المجرمين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.