أعمال الفرنسي أوليفيه كاردان في معرض جماعي بالقاهرة

بمشاركة 3 فنانين مصريين

عبد الرزاق عكاشة وأوليفيه كاردان وأحمد الجنايني أثناء افتتاح المعرض بأتيليه القاهرة
عبد الرزاق عكاشة وأوليفيه كاردان وأحمد الجنايني أثناء افتتاح المعرض بأتيليه القاهرة
TT

أعمال الفرنسي أوليفيه كاردان في معرض جماعي بالقاهرة

عبد الرزاق عكاشة وأوليفيه كاردان وأحمد الجنايني أثناء افتتاح المعرض بأتيليه القاهرة
عبد الرزاق عكاشة وأوليفيه كاردان وأحمد الجنايني أثناء افتتاح المعرض بأتيليه القاهرة

حالة فنية تتلمس أفاق الإبداع الخالص تجسدها لوحات الفنان الفرنسي المخضرم أوليفيه كاردان، فما إن تقع عيناك على أحد أعماله ستتعرف عليها من أصالة إبداعه وتحليقه الجامح في فضاء اللوحة، عاكساً خيال الأطفال وأحلامهم ومخاوفهم.
تعرض أعمال أوليفيه كاردان، لأول مرة، بمصر، في معرض جماعي يستمر حتى 26 فبراير (شباط) الحالي، بـ«أتيليه القاهرة»، بمشاركة الفنان المصري أحمد الجنايني، والفنان المصري الفرنسي عبد الرزاق عكاشة، والفنانة المصرية الدكتورة أميرة عبد الله.
بخطوط كنتورية تمزج السريالية والتجريدية، تروي لوحات أوليفيه كاردان حكايات أجساد مهمشة، وعيون بنظرات شاردة تترقب المجهول، تبحث عن بؤرة ضوء، يد تفتش في خبايا المستقبل.
بقوة الأضداد، تمثل شخوص وخطوط كاردان تمثلات ملهمة لصراعات إنسانية بسيطة نلمسها في حياتنا اليومية وصراعات على مستوى آخر ميتافيزيقي يحوم في خلفية اللوحة، ويقدم للمتلقي جرعات من المشاعر والأحاسيس التي تتملكه.
بدأ كاردان مسيرته الفنية، مستلهماً روح فان غوخ، ومع تطور مسيرته الفنية الممتدة منذ سبعينيات القرن الماضي، استطاع أن يخرج مكنونه الإبداعي بالمزج بين ما هو متخيل وما هو كامن في اللاوعي والذاكرة؛ ليحفر اسماً مميزاً في الفن التشكيلي الفرنسي بخروجه على قواعد المساحات والكتلة والفراغ، ثم تطويعه للغرائبية لتعبر عن مشاعر شخوصه بواقعية.
«أؤمن بقدرة الفن على السمو بالروح، بل والعلاج»، هكذا يقول الفنان الفرنسي أوليفيه كاردان، لـ«الشرق الأوسط»، «تأثرت تجربتي الفنية كثيراً بتجربتي مع أطفالي أثناء مرضهم، أؤمن بأن الفن قادر على ترويض الحياة والعنف، فالفن هو الذي يخلق حالة التوازن للإنسان داخلياً وخارجياً، والسبيل لاكتشاف البهجة والتناغم الروحي لتخطي كل العواصف التي تمزق الأرواح البشرية».
بالقلم الرصاص والفرشاة، يناوش كاردان فضاء اللوحة تارة بـ«لطشات» لونية، وأخرى بخطوط ورسوم رصاصية كمخطوطة فنية تتهيأ للخروج من رحم اللوحة.
بالنسبة لكارادن، فإن «الفن حالة مزاجية تجمع بين المتناقضات؛ الدموع والابتسامات، بين الغناء والصمت، كما أنه يجد في المرأة رمزاً لكائن خارق القوى يستطيع تحويل الآلام والحزن إلى دراما خلاقة، وتستطيع بطاقتها على الحب عبور المآسي».
يشير كاردان، في حديثه حول فلسفته الفنية في رسم الجسد، إلى أن «العنف حالة حيوانية تأخذ من إنسانية المرء، وتحوله لكائن لا إنساني تماماً، كما في الأساطير التاريخية، كل الأحداث والحوادث الصعبة التي مررت بها في حياتي حولتها إلى أساطير حداثية، فوراء كل لوحة قصة ووقائع مررت بها». أمام لوحة «الكابوس»، التي تمزج السيريالية بالتجريد، يقف كاردان متحدثاً عن تلك اللوحة بأنها حلم مر به أثناء علاج أبنائه، وتجسد حالة الصمت وصعوبات الكلام التي كانوا يعانون منها، وما بين التردد والقلق وحالة الشك.
يطوع أوليفيه كاردان ألوان «الإكريليك»، فتبدو منقادة لـ«خربشات» القلم الرصاص وشطحاته السريالية المحلقة في عالم طفولي يأبى النضج.
يمكن تصنيف أعمال أوليفيه كاردان، بأنها تنطوي تحت الفن ما بعد الحداثي، الذي يستلهم الميثولوجيا اليونانية، خصوصاً في دمجه بين الوجه الإنساني والجسد الحيواني، مضيفاً على الكائن الخرافي «الكنتور» طابعاً ملائكياً، تارة بتزويده بأجنحة ومسحات من البراءة، مستعيناً بدفء الألوان، وتارة بتفكيك الجسد الإنساني والاستعانة الرمزية به، فنجد اليد مرسومة بمفردها تتحسس قلب جسد الثور، بينما الوجه قد اعتلاه قرنا الثور، إلا أن عينه ذابلة شاخصة بحالة يأس نحو المجهول، هنا تكمن قوة التضاد بين القوة والوهن اللتين ترتبطان أحياناً بتجربة المرض، ثم يضفي على تلك اللوحة عجلة السيرك، فهذا الجسد المتلبس بجسد الثور يقاوم المرض أو لحظات ضعفه يمتطي دراجة من عجلة واحدة تقوده إلا طريق لا يعلم نهايته، لكنه يسير مستمتعاً بمراحله كـ«البهلوان».
أما الفنان عبد الرازق عكاشة، فقد شارك بجداريتين تعكسان روح الريف المصري، بصورة سريالية، فالأولى تمزج وجوه رجال ونساء من قرى مصر. يتلاعب عكاشة بأبعاد ومقاييس الوجوه ليحررها من الجسد؛ وجوه عابسة وأخرى ساطعة وأخرى حائرة، وجوه مطموسة المعالم ووجوه بلا أفواه، وأخرى بلا أعين في رمزية تعكس أحوال المجتمع الريفي المصري وبساطة أهله وتلقائيتهم.
في اللوحة الثانية، يجرد شخوصه من الملامح، ويبرز حضورهم الجسدي وهم في وضع استعداد للحركة، مقتنصاً لحظة السكون التي تسبق اتخاذ القرار، فيما يتصدر اللوحة الحمار الذي يرمز إلى التأهب للرحلة والانتقال لوجهة ما.
وتأخذنا أعمال الفنان أحمد الجنايني إلى عوالم غرائبية تستلهم من التيارات الصوفية أفاقاً لسريالية التجريد؛ لوحات بألوان «الأكواريل» التي يتميز بها الجنايني تتراص بجوار لوحات رسم بالأبيض والأسود مفعمة بنزق فلسفي حول جدوى الحياة وسلطة الموت، بينما يطعم الجنايني لوحاته «الأكواريل» بأبيات شعرية بتكنيك احترافي يتحين فيه اللحظة التي تسبق جفاف الألوان، ليخرج بترانيم تشكيلية تشق فضاء لوحاته.
بينما منحوتات الفنانة أميرة عبد الله مقلد، تبرز جماليات الجسد الإنساني باستخدام «الإيبوكسي» (مادة كيميائية سائلة شفافة من اللدائن يتم صبها في قوالب من السيلكون أو البلاستيك، ثم تطعيمها بصبغات وأوراق الأشجار والنباتات الطبيعية ومواد أخرى) تجعلنا نتأمل في جماليات مقاييس الجسد الإنساني الذي يتحول في منحوتاتها إلى باقات مزهرة وملونة.
وتستلهم أميرة عبد الله جماليات النحت الفرعوني القديم في إبراز تفاصيل وتقاسيم ملامح الوجه الموحية بالقوة والصلابة، بينما تسلتهم انسيابية المنحوتات النصفية التي اشتهرت في الحضارة اليونانية القديمة.
يقدم المعرض، الذي يستمر على مدار الأسبوع المقبل، تجربة تشكيلية غنية تجمع أطياف تجارب فنية مصرية وفرنسية، حيث تتحاور لوحات الفرنسي كاردان، والجنايني، وعبد الرزاق عكاشة، مع منحوتات المصرية أميرة، لتبرز معايير جمالية جديدة متحررة من القوالب النمطية والكلاسيكية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.