«بانكسي» ليس الأول... فنانون مجهولون نالوا شهرة عالمية قبله

«سيد بطاقات اللعب» و«رجل فيلادلفيا السلكي» من بين الأشهر

لوحة لـ«سيد بطاقات اللعب»
لوحة لـ«سيد بطاقات اللعب»
TT

«بانكسي» ليس الأول... فنانون مجهولون نالوا شهرة عالمية قبله

لوحة لـ«سيد بطاقات اللعب»
لوحة لـ«سيد بطاقات اللعب»

نجح «بانكسي» في ترسيخ اسمه كواحد من أشهر الفنانين المجهولين في العالم حالياً، والذي يجد لذة في توجيه صفعة فنية بين الحين والآخر للكثيرين كي يلفت انتباهه إلى قضية لم تأخذ حقها من الاهتمام. ونجح الفنان البريطاني المجهول في إلهاب خيال الكثيرين بظهوره واختفائه المفاجئين، مما يجعله أشبه بالأبطال الخارقين الخياليين الذين يجوبون العالم لنشر السّلام ومحاربة الأشرار.
وفي بداية الأسبوع الجاري، عاود بانكسي إطلالته على العالم مجدداً، عبر افتتاح أول معرض له في منطقة الشرق الأوسط، الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض تحت عنوان «فن بانكسي... بلا حدود».

«سيد بطاقات اللعب»
ورغم شهرة «بانكسي» الواسعة، فإنّه لا يعد الفنان المجهول الوحيد في العالم، إذ نجح عدد غير قليل من المبدعين المجهولين في إثراء الساحة الفنية العالمية بإبداعات تتحدّى الزّمن، من بينهم «سيد بطاقات اللعب»، الذي يعدّ أحد ألمع الفنانين المجهولين ليس فقط بفضل إرثه الفنّي، وإنّما كذلك للتّأثير العميق الذي تركه على كثير من الفنانين الآخرين. ورغم إرثه الفني الرفيع ونجاحه في أن يكون أول من مارس فن النّقش في أوروبا على الورق، حسبما أفاد موقع «يوروبينا كوليكشنز»، فإنّنا لا نعرف عنه سوى أنّه ألماني أو ربما سويسري، نشط فنياً بين عامي 1430 و1450 في ألمانيا، وربما كولونيا، ليترك لنا اليوم 106 نقوش، أشهرها مجموعات «أوراق اللعب» التي استقى منها اسمه، والتي ترك منها أكثر عن 70 نموذجاً تتناول موضوعات شتّى وتظهر بها صور أشخاص وطيور ونباتات. وجرت طباعة معظم أعماله بصورة أحادية اللون، لكن هناك عمل واحد فقط له ملون عبارة عن بطاقة لعب يظهر بها رجل يرتدي الملابس التقليدية للبلاط الملكي.

«رجل فيلادلفيا السلكي»
هذه واحدة من القصص الحزينة الكثيرة التي يعج بها مجال الفنون، ولولا الصّدفة البحتة لكان طواها النسيان. تدور القصة، حسب الرواية المنشورة عبر موقع معرض «آدمز آند أولمان» الأميركي البارز، حول فنان مجهول أبدع نحو ألف ومائتي تمثال ومنحوتة من الأسلاك الكهربية التي عثر عليها شخص يدعى روبرت ليتش بالصّدفة في كومة كبيرة من القمامة على جانب أحد الشوارع في أحد أيام أوائل ثمانينيات القرن الماضي. أمّا صاحب هذه الإبداعات، فلا أحد يعلم هويته ومن المعتقد أنّ أعماله ألقيت في عرض الطريق بعد وفاته بانتظار أن تحملها سيارة جمع القمامة.
أما ليتش، فقد أقنعه أحد أصدقائه بعرض المجموعة على معرض فني. وبالفعل، ما يزال «فليشر أولمان غاليري» يحتفظ ببعض أعمال «رجل فيلادلفيا السلكي»، التي قدّر سعر بعضها بـ9 آلاف دولار.

«صاحب اليد السوداء»
يعتبر «صاحب اليد السوداء» من أبرز فناني الغرافيتي في عالمنا اليوم ويشتهر بلقب «بانكسي إيران»، ويشترك مع بانكسي في الاعتماد على الطباعة بالاستنسل، الأمر الذي يمكنه من إنجاز مهمته سريعاً قبل الإمساك به، خاصة أنّه يعمل في مواجهة «نظام قمعي»، حسب وصف صحيفة «ذي غارديان» البريطانية.
وأوضح موقع «ذي كلتشر تريب» المهتم بالقضايا الثقافية والفنّية أنّ «صاحب اليد السوداء» يعمد إلى إطلاق رسائل شديدة الوضوح عبر رسوم الغرافيتي التي يزين بها الجدران تعبر عن رفضه لسياسات قمعية يمارسها النّظام الإيراني، على غرار ما رسمه أخيراً لتسليط الضوء على إقصاء النساء من الملاعب، إذ رسم صورة امرأة ترتدي الزّي الرّسمي للمنتخب الإيراني وتحمل على رأسها بدلاً عن كأس بطولة، زجاجة بها صابون لغسل الأطباق.

«سيد الغضب»
الفنان المجهول الذي يُدعى «سيد الغضب»، لا توجد عنه أيضاً معلومات كافية، ومُعظمها يُبنى على الترجيح لدرجة أنّ وجوده في الأساس لم يُؤكّد عليه بصورة نهائية سوى في سبعينيات القرن الماضي... بدأت القصة برحلة طويلة ملهمة لإروين نيومان، أمين متحف تاريخ الفنون في فيينا، جمع خلالها مجموعة مذهلة من المنحوتات المصممة ببراعة، وبعد فحص دقيق، خلُص نيومان إلى أنّ هذه المنحوتات جميعها يقف خلفها رجل واحد أطلق عليه «سيد الغضب»، بالنّظر إلى تعابير الغضب السّائدة في أعماله. ويعتقد أن المنحوتات التي يقدر عددها اليوم بـ25 قطعة، يعود تاريخها إلى مطلع القرن الـ17. والاحتمال الأكبر أنّ موطنها سالزبرغ في النمسا، تبعاً لما أورده موقع «متحف متروبوليتان» عبر موقعه. وتشبه الأعمال كثيراً من المنحوتات الإغريقية القديمة، وتتميز بدرجة بالغة من الدقة لدرجة أنّ الشرايين وحركات العضلات تبدو ظاهرة بها.

«آجر توينبي»
وفي ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت قطع من القرميد أو الآجر في أسفلت بعض شوارع المدن الأميركية والكندية، بحجم اللوحة المعدنية المثبتة في مؤخرة السيارة، وتحمل عبارات شفرية، مقتبسة من أبيات شعرية، تقدر أعدادها اليوم بنحو 450 قطعة، ونظراً لتكرار كلمة «توينبي» أطلق على هذه القطع «آجر توينبي»، تبعاً لما ذكره موقع «أطلس أوبسكيورا». ويتكهّن البعض أنّها ربما تشير إلى المؤرخ البريطاني الشّهير أرنولد توينبي الذي تخصّص في الكتابة عن المجتمعات والحضارات ودورات صعودها وانهيارها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».