«كورونا» يصيب الشمال الإيطالي بالشلل

الوباء «حاصر» مهرجان البندقية وعروض الأزياء ومباريات كرة القدم

TT

«كورونا» يصيب الشمال الإيطالي بالشلل

أعلنت السلطات في لومبارديا، شمالي إيطاليا، أمس، أن امرأة مصابة بالسرطان أصيبت بفيروس كورونا الجديد توفيت، ما يرفع إلى 3 عدد الوفيات في هذا البلد الأكثر تأثراً بالوباء في أوروبا.
وأعلن المعاون الإقليمي لشؤون الصحة، جوليو غاليرا: «يتعلق الأمر بمسنة كانت تعالج في كريما (لومبارديا) منذ أيام، وأظهرت الفحوص إصابتها بـ(كوفيد 19)». وأوضح أنها أدخلت إلى «قسم الأمراض السرطانية في حالة خطرة».
ويرزح الشمال الإيطالي، الذي ينتج نحو 60 في المائة من الثروة الإيطالية، تحت هاجس فيروس كورونا الجديد، الذي أوقع 3 ضحايا في أقل من 12 ساعة، وأصاب ما يزيد عن 130 حتى الآن، ودفع بالسلطات إلى وضع 11 بلدة تحت الحجر الصحّي الإلزامي، وإقفال المدارس والجامعات والمباني الرسمية إلى أجل غير مسمّى.
وسجّلت البندقيّة أوّل إصابتين صباح أمس (الأحد)، وقرّرت إلغاء احتفالات الكرنفال للمرة الأولى منذ استعادته، بعد أن كان نابليون بونابرت قرّر حظره خوفاً من المكائد والاغتيالات.
الأسواق التجارية شبه خاوية من الزبائن، ومن السلع، بعدما سارع المواطنون إلى التسوّق لأيام كثيرة تحسبّاً للأسوأ. مباريات دوري كرة القدم في مدن الشمال تأجّلت، والاتحاد الإيطالي يدرس إجراء المباريات المقبلة في ملاعب مغلقة من غير جمهور. مصمم الأزياء الشهير جيورجيو آرماني قرّر عرض أزياء مجموعته الجديدة في ميلانو ضمن قاعة مغلقة اقتصر فيها الحضور على الصحافة. الدفاع المدني يستعدّ لاستخدام الفنادق الكبرى في حال الاضطرار لفرض الحجر الصحي على أعداد كبيرة من المصابين أو المشتبه بتعرّضهم للفيروس، والسلطات الإقليمية تطلب مؤازرة الجيش إلى جانب قوى الأمن والشرطة لفرض تنفيذ تدابير الحجر في المناطق التي تتسع مع مرور الساعات. وعلى الساحل الجنوبي، وُضع 1272 مهاجراً غير شرعي كانوا قد وصلوا منذ يومين على متن سفينة الإنقاذ «أوشان فايكينغ» في حجر صحي إلزامي لأسبوعين. ومع نفاد الكمّامات والمواد المطهِّرة من الصيدليّات، ظهرت عبر الإنترنت بأسعار خياليّة.
منذ مساء الجمعة، وُضعت الحكومة الإيطالية في حال استنفار عام بعد إعلان حالة الطوارئ الصحّية العامة، وطلب رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي من جميع أعضائها إلغاء ارتباطاتهم السابقة والتفرّغ لمتابعة تطورات الأزمة ومعالجتها. وكانت الحكومة قد عقدت اجتماعاً مطوّلاً مساء الجمعة الماضي استمرّ حتى ساعات الفجر الأولى، واتّخذت حزمة من التدابير التي أمضى كونتي ساعات يشرحها ويكررها أمام وسائل الإعلام.
وقد شهدت الساعات الأخيرة حالات من التوتّر في بعض المناطق الواقعة تحت الحجر الصحي الإلزامي؛ حيث حاول بعض الأشخاص الخروج منها من غير إذن خاص من السلطات، ما دفع الحكومة إلى تكليف الجيش مراقبة حركة الخروج من هذه المناطق والدخول إليها. وكانت الحكومة قد اتخذت مجموعة من التدابير لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي نشأت عن هذا الوضع حيث تُقدّر الخسائر بنحو 20 مليون دولار يوميّاً في المنطقة الخاضعة للحجر الصحي، والتي يرجّح أن تتسّع في الأيام المقبلة حيث يتوقّع الإخصائيون أن يتفشّى الفيروس بسرعة أكبر.
وشجّعت الحكومة على اللجوء إلى العمل عن بعد قدر الإمكان، وأعلنت عن مساعدات فوريّة وتعويضات مالية للعمّال والشركات المتضررة. وكان رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي قد استبعد إقفال الحدود وإلغاء العمل بمعاهدة «شنغين»، لاعتباره أن ذلك «من شأنه أن يترك تداعيات مدمّرة على اقتصاد البلاد وسمعتها». وكالعادة، لم يغِب الجدل السياسي الحاد الذي تعيشه إيطاليا منذ فترة عن هذه الأزمة، خاصة من زعيم المعارضة اليميني المتطرف الذي أقصته الحكومة عن الاتصالات التي أجرتها مع القوى السياسية الأخرى، بعد أن اتهمته باستغلال الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية.
وفيما دعت بعض الجهات العلمية إلى «عدم المبالغة حول مخاطر تفشّي هذا الفيروس الذي ليس أشدّ فتكاً من الإنفلونزا العاديّة»، قال المدير الإقليمي في أوروبا لمنظمة الصحة العالمية هانز كلوغي، عن الإصابات التي تفشّت سريعاً في إيطاليا خلال الأيام الثلاثة المنصرمة، إن «ما يثير القلق في الحالة الإيطالية هو أن مسرى انتشار الفيروس ليس واضحاً في كل الإصابات، أي أن علاقة هذه الإصابات بالسفر إلى الصين أو الاتصال بأشخاص مصابين ليست جميعها مؤكدة».
وقال كلوغي إن منظمة الصحّة سبق أن حذّرت من احتمالات انتشار الفيروس بسرعة خارج الصين، ودعا السلطات الصحية الإيطالية إلى تركيز جهودها على تحديد مسرى العدوى، وحصره جغرافيّاً بدقّة. ودعا إلى «أقصى درجات التعاون والتضامن وعدم الانجرار وراء التمييز العنصري، لأن 98 في المائة من الإصابات محصور داخل الصين، وأن 80 في المائة من المصابين لم تظهر عليهم سوى عوارض طفيفة، فيما لا تتجاوز الحالات الخطرة 5 في المائة، والوفـيات 2 في المائة، معظمها لأشخاص مسنّين في حال صحية ضعيفة».
وعن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس آدهانوم حيث قال إن فرصة احتواء انتشار الفيروس تتضاءل، قال كلوغي: «المقصود هو أن ازدياد الحالات التي رُصدت مؤخراً خارج الصين، وعلاقتها غير واضحة بالسفر إلى هذا البلد أو بأشخاص مصابين، هو ما يؤدي إلى تضاؤل هذه الفرصة. خاصة في البلدان التي تعاني من ضعف منظومتها الصحّية، لكن الاحتواء ما زال ممكناً إذا اتُخذت التدابير اللازمة».
ويبقى التطور الإيجابي الوحيد حتى الآن في المشهد الإيطالي لأزمة فيروس الكورونا هو أن الحالتين الأوليين اللتين رُصدتا في روما قد تمّت معالجتهما بنجاح تام، وسُمح لهما بمغادرة المستشفى صباح أمس (الأحد).


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب تعزيز دفاعات حلف «الناتو» لمنع الحرب على أراضيه

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، اليوم (الخميس)، تحذيرا قويا بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».