مصر تعزز حضورها «المتوسطي» نيابياً وسياسياً

ترأست «الجمعية البرلمانية» للمنطقة... وقرار رئاسي بتأسيس ملتقى لشبابه

TT

مصر تعزز حضورها «المتوسطي» نيابياً وسياسياً

على وقع توترات مُعلنة مع تركيا، عززت مصر من حضورها في نطاق دول البحر المتوسط عبر إجراءات ومبادرات عدة، تمثل أحدثها في تولي القاهرة لرئاسة «الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط».
والقاهرة التي شاركت في تأسيس منظمة «الاتحاد من أجل المتوسط» عام 2008. تسعى حثيثاً لإطلاق مبادرات تعمق الروابط مع الجيران الأوروبيين، فضلاً عن الشركاء الإقليميين، في مواجهة تحرك تركي لفرض نفوذ على صفحة مياه المجرى البحري الحيوي ذي الأهمية الاستراتيجية الكبرى.
وتسلمت مصر رئاسة «الجمعية البرلمانية للمتوسط»، (الجمعة) الماضي، وتولى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، كريم درويش، إدارة اجتماعها الذي استضافته العاصمة اليونانية (أثينا)، واعتبر درويش أن بلاده «باتت تشغل مواقع مؤثرة في كثير من المنظمات الدولية والإقليمية، بفضل السياسة القائمة على توثيق العلاقات مع كافة القوى».
وانعكست حالة الاحتفاء بتقلد مصر لرئاسة المنظمة، على البرلمان المصري، إذ أكد رئيس الدكتور، علي عبد العال، أمس، أمام الجلسة العامة لـ«النواب» أنه «لن يتوانى عن تقديم أي دعم لإنجاح الرئاسة المصرية للجمعية المتوسطية».
ويقدّر الباحث في الشؤون الأوروبية، بهاء محمود، أن «التحركات المصرية في النطاق المتوسطي، يمكن اعتبارها محاولة لموازنة القوى والحضور في المحيط الحيوي للقاهرة، وكبح جماح تركيا التي بات ينظر إليها مصرياً باعتبارها (دولة معادية)».
ولا تقتصر الإجراءات المصرية على المجال البرلماني، إذ كلّف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ضمن القرارات الصادرة منتدى شباب العالم، وزارة الخارجية بالتنسيق مع «منظمة (الاتحاد من أجل المتوسط) للعمل على إطلاق ملتقى لشباب المنطقة بهدف معالجة التحديات التي تواجه دولها، ودعم أفضل الأفكار والتجارب في السياق ذاته، وبحث إنشاء منطقة أورومتوسطية للتعليم العالي بمدينة العلمين الجديدة».
ويعتقد الباحث في الشؤون الأوروبية، أن «مصر تحاول توسعة مجالات حركتها، وبناء علاقات وروابط أكثر عمقاً واتصالاً بالمصالح المباشرة لدول منطقة المتوسط، سواء كان ذلك عبر برامج تنموية أو اتفاقيات نقل الطاقة ومنها الغاز، وبهدف التمثيل الدائم للقاهرة وضمان مصالحها في القرارات المتعلقة بمنطقة المتوسط».
وكانت بعض دول المتوسط انخرطت في يناير (كانون الثاني) 2019 ضمن «منتدى غاز شرق المتوسط، ومقره القاهرة، وهو يضم بخلاف مصر كلاً من اليونان، وقبرص، وإيطاليا، والأردن، وفلسطين، وإسرائيل. وجاء في البيان التأسيسي للمنتدى إنه «بمثابة منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق مع مبادئ القانون الدولي».
واستطاع المنتدى أن يجتذب دولاً كبرى بعد عام من تأسيسيه، إذ قالت وزارة البترول المصرية، الشهر الماضي، إن «فرنسا طلبت الانضمام رسمياً إلى عضوية (منتدى غاز شرق المتوسط)، وكذلك أبدت الولايات المتحدة الأميركية، رغبة في الدخول كمراقب بصفة دائمة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.